تحقيق: هاني دانيال - خاص الأقباط متحدون
بعد اعتماد التقرير المصري أمام جلسة المجلس الدولي لحقوق الإنسان، اختلفت ردود الفعل ما بين مؤيد ومعارض حول التعهدات التي تقدمت بها الحكومة، والتوصيات التي رفضتها وأثرت عليها، واعتبر عدد كبير من النشطاء والخبراء أن خضوع مصر لآلية المراجعة الدورية خطوة مهمة نحو تحسين أوضاع حقوق الإنسان، وأن تقديم هذه التعهدات أمام المجتمع الدولي فرصة لكي تقوم المنظمات الحقوقية بتذكير الحكومة بشكل مستمر لما يجب أن تقوم به.

الحكومة ترفض الاعتراف بوجود اضطهاد ضد الأقليات الدينية وفي هذا الشأن، قال الدكتور نبيل حلمي، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن آلية المراجعة الدورية خطوة جيدة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، وإن التقرير الحكومي الأخير تبنى عددًا كبيرًا من توصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان، منها مشروع قانون دور العبادة، وإعادة النظر في تعريف التعذيب ليتفق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وإقرار قانون مكافحة الإرهاب، والتوازن بين أمن المواطن وسلامة المجتمع، وغيرها من المقترحات التي تقدم بها المجلس بعد عقد 3 جلسات تشاورية مع مؤسسات المجتمع المدني قبل تقديم التقرير للمجلس الدولي لحقوق الإنسان.
ونوَّه د.حلمى إلى أن المجلس القومي لحقوق الإنسان شارك بوفد في جلسات المراجعة الدورية التي تمت بجنيف، ولكنه لم يشارك في المناقشات، وإنما سيقوم بالتعقيب والتوضيح على ما ورد بالتقرير الحكومي في جلسة اعتماد التقرير والمقرر عقدها في يونية المقبل، حيث سيتم إرسال وفود عديدة تمثل منظمات المجتمع المدني، وحينها يمكن لهذه المنظمات أن تشارك بالتعليق والتعقيب وطرح الأسئلة.

الحكومة ترفض الاعتراف بوجود اضطهاد ضد الأقليات الدينية من جانبه رحَّب أيمن عقيل، مدير مؤسسة "ماعت" للتنمية والسلام وحقوق الإنسان، بما انتهت إليه نتائج المراجعة الدورية لملف مصر، وقبول الوفد المصري لـ 120 توصية من التوصيات التي طرحت عليها، وارتفاع التعهدات الطوعية التي ستصبح ملزمة لمصر من 11 تعهد إلى 120 تعهدًا، وهو تطور إيجابي يُحسب للآلية الدولية ولا يُنقص من قدره رفض مصر لـ 27 توصية من توصيات المجلس وتعهدها بدراسة 26 توصية أخرى.
كما أوضح أن الحكومة قد قبلت التوصيات الخاصة بتحسين جودة الخدمات العامة المقدمة للمواطنين والتي احتواها تقرير منفصل لمؤسسة "ماعت" ونادت بها بعض المنظمات الأخرى في تقاريرها، وهي الخدمات التي شهدت تراجعًا حادًا في السنوات الأخيرة، كما قبلت مصر معظم التوصيات الخاصة بالمرأة وتعزيز المساواة بينها وبين الرجال، والتوصية الخاصة بإنشاء لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات العامة تمثل فيها كل الأحزاب السياسية، بينما رفضت التوصية الخاصة بالرقابة الدولية على هذه الانتخابات، ويتطلب ذلك من منظمات المجتمع المدني أن تضغط في اتجاه قبول مصر لهذه التوصية لما لها من أهمية في تحسين أوضاع الحق في المشاركة السياسية.

من جانبه اعتبر السيد محمد طلعت، نائب رئيس اتحاد الشباب المحامين، أن الإنجاز الفعلي الذي حققته آلية الاستعراض الدوري الشامل، هو اعتراف الحكومة بالدور الرئيسي والمحوري لمنظمات المجتمع المدني في تحسين حالة حقوق الإنسان في مصر، وتعهدها بالتعاون مع هذه المنظمات وفتح حوار جاد ومسئول معها في المستقبل، وكذلك تعهدها بتيسير مهمة هذه المنظمات وتخفيف القيود المفروضة عليها.
ونوَّه طلعت إلى أن الفترة المقبلة مهمة لدفع الحكومة لتنفيذ ما تعهدت به أمام المجتمع الدولي، خاصة وأن كل التوصيات التي وافقت عليها الحكومة كانت بمحض إرادتها، لأن المجلس الدولي لم يضغط على الحكومة ولم يجبرها على شيء، فهو لم يَقم بأكثر من أنه تقدم ببعض التوصيات المقدمة من الدول الأعضاء، وكان موقف الحكومة هو قبول بعضها ورفض البعض، وتأجيل النظر في بعض التوصيات إلى فترة مقبلة، ومن الضروري أن يتم توثيق كل هذه التوصيات والتعهدات قبل أن تخضع مصر مرة آخرى لآلية المراجعة الدورية عام 2014 وهذا مكسب حقوقي كبير.
وأبدى طلعت دهشته من تأجيل الحكومة البت ببعض التوصيات، وخاصة ما يتعلق بوجود لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات، والمساواة بين المراة والرجل، وقانون دور العبادة، منع التمييز.
الحكومة ترفض الاعتراف بوجود اضطهاد ضد الأقليات الدينية ومن التوصيات التي قبلتها الحكومة الإفراج عن المعتقلين إداريًا بموجب قانون الطوارئ أو تقديمهم فورًا للمحاكمة، وتعديل تعريف التعذيب في قانون العقوبات مع ضمان التحقيق في كافة حالات التعذيب ومعاقبة مرتكبيه؛ ورفع حالة الطوارئ مع ضمان مراعاة أي قانون جديد لمكافحة الإرهاب لمعايير قانون حقوق الإنسان الدولي، وضمان مراعاة استخدام عقوبة الإعدام للقواعد المكفولة بموجب القانون الدولي؛ وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان مع تعديل قانون الجمعيات الأهلية لضمان تيسير تسجيل منظمات المجتمع المدني المستقلة وقدرتها على العمل بحرية، وحماية وتعزيز الحق في حرية الدين والمعتقد والاستجابة الفعالة لحالات العنف الطائفي، خاصة ضد الأقباط، وكفالة الحق في حرية التعبير، بما في ذلك حرية المدونين وغيرهم من مستخدمي الإنترنت؛ وتعزيز جهود نشر ثقافة حقوق الإنسان وتدريب المسئولين على احترامها.
بينما رفضت الحكومة حذف الإشارة للديانة من الأوراق الرسمية، وإنهاء التمييز على أساس الجنس أو النوع الاجتماعي ووقف الملاحقات القضائية على أساس التوجه الجنسي أو السلوك الجنسي الرضائي، وتعديل قوانين الأحوال الشخصية لضمان تمتع النساء بالمساواة في قضايا الزواج والطلاق والميراث.
كما رفضت تعديل المواد 102 (مكرر) و179 و308 من قانون العقوبات، وهي المواد التي تستخدم بكثرة لتقييد حرية التعبير، وتفرض عقوبة الحبس بتهم "إشاعة معلومات كاذبة"، وإهانة رئيس الجمهورية، والإساءة إلى سمعة العائلات، ورفضت إلغاء عقوبة الحبس بتهمة الحض على التمييز أو السب والقذف، وكذلك إلغاء عقوبة الإعدام أو وقف العمل بها، ودعوة مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات.
بينما أجلت الحكومة المصرية قرارها بشأن عدد من التوصيات، منها إنهاء التمييز ضد غير المسلمين في حرية ممارسة الشعائر الدينية وإصدار قانون موحد لإجراءات بناء وترميم دور العبادة، وإلغاء عقوبات السجن ضد مستخدمي الإنترنت، ودعوة مقرري حقوق الإنسان بالأمم المتحدة لزيارة مصر، والانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من آليات الأمم المتحدة التي تكفل حق ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في تقديم الشكاوى، والتسريع في إصدار البطاقات الشخصية وغيرها من الأوراق الرسمية للبهائيين المصريين، وإنشاء لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات، مع كفالة تمثيل كافة الأحزاب السياسية في عضوية هذه اللجنة.