عرض: ميرفت عياد – خاص الأقباط متحدون
الثقافة أو الحضارة هي ذلك الكل المركّب الذي يتضمن المعرفة والمعتقد والفن والأخلاق والقانون والعادات والقدرات والمهارات التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوًا فى المجتمع، هذا التعريف لتايلور هو ما بدأ به الكاتب فؤاد قنديل كتابه "ثقافة المصريين" الصادر عن دار نشر كتاب اليوم فى سبتمبر 2006.
ويتأسف الكاتب في بداية الكتاب عن شعوره بالحسرة لأن أعدادًا كبيرة من أبناء الشعب سواء كانوا مواطنين أو مسئولين لا يستشعرون أهمية الثقافة، ويرى أن السر يكمن في جهل الكثيرين بثقافة المصريين، كما يرى أن الفكرة السائدة عن الثقافة هي كمية المعلومات العامة ولكن هذا التعريف لا نصيب له من الصحة ولا الدقة بل لا علاقة له بالثقافة من قريب أو بعيد، لأن المعرفة وحدها ليست ثقافة ولا المعلومات العامة ثقافة، وإنما الثقافة ببساطة -ودون اجترار ما أكده علماء الحضارة والاجتماع ومختلف المفكرين- هي السلوك المتمثل في القول والفعل، فأي معرفة إذا لم تتحول إلى سلوك إيجابى ومتحضر لا جدوى منها، هذا السلوك الإيجابي هو المنتصر لقيم الحق والحرية والخير والجمال، وهو كل فعل يسعى إلى تطوير شكل الحياة إلى الأفضل، كل عمل يتجاوز الماضي والحاضر ويستشرف المستقبل، السلوك الذي يحترم الآخر ومبني على الصدق والأمانة.
تدمير وجدان الشعب
يشير الكاتب في كتابه إلى أن العالِم إذا لم يحب الجمال ويدعم الخير ويقاوم الظلم فهو ليس مثقفًا بل عالِم فقط، المسئول الذي يحل مشكلات الحاضر دون أن يفكر في الغد هو متخلف ثقافيًا لأنه لا يأبه بالمستقبل متجاهل أن المستقبل ابن الحاضر، والمسئول الذي يترك آلات التنبيه تحطم أعصاب العباد وتروعهم بالإرهاب الصوتي البشع لا يدري شيء عن الثقافة بوصفها مناخًا من الجمال والهدوء والرحمة وتقدير الآخر، والمسئول الذي لا يزعجه انتشار الباعة الجائلين والمتسولين لا يستحق أن يكون مسئول عن شعب بأكمله و.........إلخ.
معربًا عن أن أسوأ كل هؤلاء عالم الدين الذي يجيد الفتوى ويملك بيان الوعظ وبلاغة الخطيب ثم لا يكون قدوة لنا ومثالاً في التعفف والتواضع والعمل والجسارة في مواجهة حاكم ظالم أو مسئول مقصر، ولعل من هؤلاء أيضًا ذلك الفنان الذي يحرض على تقديم العروض التافهة أو المحتشدة بالايفهات فقط ولا يعنيه إلا أن يروج الكلمات البذيئة والمبتذلة، وهو بالطبع لا علاقة له بالفن ولا بالثقافة ولا بالضمير بل هو يدمر وجدان الشعب.
يدفعون الشعب إلى الوهم والخديعة
ويتساءل الكاتب عن من يملك في بلادنا حق إقامة هؤلاء من الغيبوبة ومن تراه في بلادنا يملك حماس المواجهة لكي يقول لهؤلاء وأولئك أنكم لا تعيشون في وهم فقط ولكنكم تدفعون الشعب إلى أعشاش الوهم والخديعة، إن الثقافة التي نعرفها لدى الشعوب المتقدمة تتمثل في السلوك، حيث النظافة والنظام واحترام الآخر والتعاطف مع مشكلاته، واحترام الملكية العامة وإبداء الرأي بجرأة وأدب وإتقان العمل، إنها كل ما يجعل الحياة جديرة بأن نحياها.
ويؤكد الكاتب على أن حياة بلا ثقافة هي أقرب إلى حياة البهائم الذين لا يعرفون إلا ملء البطون والاستهلاك والعمل كالآلات ثم الاستمتاع بالراحة، ولا غضاضة إذا قلت أننا في الأغلب لا نعرف ثقافة المصريين، ولا أظننا شعبًا مثقفًا، بالطبع ليس هناك شعب بأكمله مثقف ولكن هناك شعبًا في مجمله مثقف، أي أنه يمكن إطلاق صفة على عموم الشعب وليس على كل الأفراد.
فترة حرجة من تاريخ الثقافة
ويتحدث الكاتب عن ثقافة الاختلاف التي تزعج الآخرين، ويرى أن رفض الاعتراف بالاختلاف نابع من استبدادية فكرية متراكمة ومتوارثة سيطرت طويلاً على الأذهان بدعم من السلطة الأبوية المتغلغلة في الشعب المصري، ويرى أن الكثير من المصريين يطلقون أقوال مرسلة وصفًا لأنفسهم أو للشعب المصري، مثل الشعب المصرى أذكى شعوب الأرض، ومنهم من يجزم بأنه أكثر الشعوب تدينًا.
ويتعجب الكاتب قائلاً "لا أدرى كيف لا يلفت النظر هذا الطوفان الهائل من التفاهة والسطحية الذي يغمر كل الصحف ومحطات التليفزيون تقريبًا، لا أدرى كيف لا ينتبه المثقفون الذين يعيشون في فترة حرجة من فترات تاريخ الثقافة. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|