بقلم: أماني موسى
منذ أيام قليلة أمطرت السماء وخُيّل إليَّ أنها تبكي على أهل الأرض، المستضعفين منهم لما يلاقونه من قهر وظلم، وأيضًا على الظالمين لما ينتظرهم من عذاب أبدي.... وكذا أرعدت وكأنها تصرخ وأبرقت لتعلن اقتراب النور الذي سيشق الظلمات.
المهم بقى وبعيدًا عن تلك التأملات، إن فيه نتيجة مهمة جدًا أعلنتها السماء بهطول أمطارها هذه، ألا وهي فشل المصريون للمرة المليون في الاختبار، وبأنهم لم يستطيعوا ولو لمرة إدارة المواقف والأزمات التي تقابلهم -من أكبرها لأصغرها-، لينطبق عليهم فعلاً المثل القائل بأننا شعب نغرق في شبر ميه.
إذ راحت الشوارع تغرق بالمياه لتعلو بالأشبار ويملأ الطين الأقدام وتنتشر الأشلاء على الطرق نتيجة كثرة الحوادث وغياب وسائل الأمان التي يجب أن تتاح في تلك الأوقات وأبسطها على الإطلاق وجود بلاعات لصرف هذه المياه بدلاً من تراكمها بهذا الشكل المقزز والمعيق لحركة المرور الطبيعية، أو أن يتم سفلتة الطرق بدلاً من تركها متعرجة ملآنة بالتراب والمخلفات لتتحول بعد سقوط الأمطار إلى خليط من الطين لتشعر وكأنك تمشي بمستنقع.
وكان على جميع المارة إما رفع الهدوم بتاعة الجزء التحتاني كوقاية ليها من الطين والميه أو أنه يكمل ويعمل أسد ويمشي كدة ويروح لبيتهم وكأنه راجع من حلقة تنضيف مجاري المدينة. وطبعًا الرجالة كانوا بيشمروا البناطيل وكنت مشفقة عليهم يا عيني أنهم يقوموا بالمهمة الصعبة دي في عز البرد، أما الستات بقى فلم يستطعن التشمير عن سيقانهن وألا كانوا الرجالة قاموا بثورة شعبية لأن الشعب زي ما أنتوا عارفين بيعاني من حرمان، فكان عليهن مواجهة مصيرهن بشيء من الحكمة، فكانت كلاً منهن عليها أن تمشي بطريقة حلزونية محاولة البحث عن قطعة أرض ممهدة وجافة إلى حدًا ما لتضع أقدامها عليها وهكذا مع كل خطوة تخطوها!! وتكون معاناتها مضاعفة إذا كانت تحمل طفل.
استمرت السماء بالإمطار واستمرت الأرض بالامتلاء وكان على عاتق كل مواطن أن يتحرك بجهود ذاتية لنزع المياه من أمام بيته، فكان كل رب أسرة يجمع أفراد أسرته ويشمرون ملابسهم ويجمعون الجرادل الموجودة بالبيت ليملئوها بمياه الأمطار من الشارع وإلقائها بالحمام، في طريقة منتهى البدائية وتعد وصمة عار على جبين كل مسئول تكاسل عن عمل بالوعات صرف بالشوارع أو أهمل -عن عمد أو جهل- تمهيد الطرق حتى لا تتراكم بها مياه الأمطار بهذا الشكل وتحولها لمستنقع كبير يغرس فيه المواطن البائس.
الغريب بقى أن المهزلة دي تكون بالعاصمة المسماة قديمًا بـ (قاهرة المعز) والتي تحولت بقدرة قادر وبقدرة المسئولين الغير مسئولين إلى (مقهورة الذل).
بالنهاية أود أن اعبر عن كوني كثيرًا ما آمل في التغيير وبأن المستقبل يحمل الأفضل للمواطن المصري من حياة "كريمة" بعد أن عاش لسنوات حياة "كريهة"، ولكن بعد أن رأيت إن شوية مطره تغرق الشعب كله وتوقف سير الحياة للمصريين أصحاب الحضارة اللي بنوا الأهرامات، تأكدت بأنه على رأي سعد زغلول مفيش فايدة. |