بقلم :ماهر ميشيل
عَلّمونا ونحن أطفال في المدارس أن "الإتحاد قوة" وأن "التفرق ضعف" وإذا أردنا أن نصير أقوياء لابد وأن نتحد ونبعد عن كل ما يفرقنا، فالأمة القوية هي التي تنمي حب الانتماء لها وتنزع فتيل التفرق من وسطها عن طريق تكوين هدف واحد وفكر واحد وطريق واحد يسير فيه الجميع.
ولكن على المستوى القبطي نجد العكس فنجد على صفحات الإنترنت والجرائد ما يشير على أنه "اتفق الأقباط أن لا يتفقوا" فنجد في العدد 4 / 4 / 2009 للمصري اليوم عنوان مقالة للكاتب عمرو بيومي يقول: استياء "إنجيلي – كاثوليكي" من منع صلاة الأقباط في الكنائس الأخرى.. وقيادات كنسية تعتبر قرار البابا شنوده "تشدداً وخوفاً"،، وفي تفاصيل الخبر نجد أن قداسة البابا شنوده أصدر تصريحات منع فيها الأقباط (الأرثوذكس) من الصلاة في كنائس الطوائف الأخرى حتى في حال عدم وجود كنائس أرثوذكسية قريبة منهم.
وفي نفس المقالة تجد رد فعل كل من الإنجيليين، الكاثوليك على ذلك وحتى في رد الفعل تجد تشدداً لكن من نوع آخر فقد قال الدكتور القس إكرام لمعي رئيس لجنة الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية: "إن البابا شنوده يشعر بخطورة تأثير الفكر الإنجيلي المستنير على الأرثوذكس ودائماً ما يبدى مخاوفه من انتقال الأقباط الأرثوذكس إلى الكنيسة الإنجيلية".
وقال الأنبا بطرس فهيم، نائب البطريرك: "إن البابا شنوده متشدد في هذا الموضوع ويخاف من ذوبان شعبه في كنيسة أخرى، مؤكداً أن حرص البابا على الحفاظ على شعب كنيسته لا يعطيه الحق في حرمان الناس من الصلاة".
هذا هو حال قادة كنائسنا، اتفقوا سوياً على أن لا يتفقوا ولا يتحدوا مهما كان الهدف حتى لو كان هذا الهدف هو الصلاة!! هنا يأتي سؤال هام جدا ألا وهو: كيف يتحد الأقباط؟
سأحاول أن أقدم بعض:
*قبول الآخر (أب واحد) هناك قصة طريفة تحكي عن شحات ذهب ليأخذ "حسنة" من أحد الأغنياء، فطرق باب الغني وقال له أعطيني "لله" فقام الغني بإعطائه رغيف خبز "ناشف" وأراد هذا الغني أن يعلمه الصلاة، فقال له ردد ورائي "أبانا الذي في السموات" ففكر الشحات وقال له إذا الله أبويا هو نفسه أبوك؟ إذا أنا وأنت أخوة، قال له الغني: نعم، فقال الشحات: إذا كنت أنا وأنت أخوة فلماذا تعطيني رغيف ناشف؟
* عدم تكفير الآخر (إيمان واحد): كلنا نؤمن بالله، ولكن لكل منا معتقداته التي يقدسها جداً وطرق عبادته الخاصة التي يتقرب بها إلى الله، والتي يراها هي الكمال نفسه وكل ما هو غير هذا الإيمان هو شرك وكفر ورجس من عمل الشيطان وينبغي أن يكفر، مَن يملك حق التكفير؟؟ وتصنيف البشر مؤمنين وكافرين؟؟ ومَن يقدر أن يقول أنه يملك الحق كله؟؟
*لغة الحوار مع الآخر (رأي واحد) لن نصل لشيء طالما انه ليست لنا لغة واحدة سنصير كالبنائين الذين كانوا يريدون بناء برج بابل وبلبل الله ألسنتهم فلم يفهم كل واحد لغة الآخر فتوقف البناء، لابد وأن نجلس على دائرة الحوار ونناقش قضايانا دون تعصب أو تمسك بالرأي.
* تبني قضايا واحدة (فكر واحد): أمامنا العديد من القضايا القبطية إذا اتحدنا فيها ستذوب خلافاتنا كما فعل نحميا عندما اتحد كل الشعب في "بناء السور" عندما نرى هذا الهدف ونجري لبنائه لن يكون هناك وقت للمنازعات الجانبية، لكن بدون رؤيا يجمح (أي يصير كالحصان الجامح) الشعب لنضع رؤانا ونجري في طريق تحقيقها فتذوب الخلافات بيننا.
*المحبة العملية (قلب واحد): إن أحببنا الذين يحبوننا فقط فليس اجر لنا، فكل البشر العاديين يحبون من يحبونهم، ولكن السمو في أن تحب من يختلف معك في الفكر والعقيدة وتحب حتى أعدائك وإن جاع عدوك تطعمه وإن عطش تسقيه، هذه هي المحبة في أسمى صورها.
*الإقتداء بشخص واحد (قائد واحد): من الوحيد الذي قال عن نفسه أنه هو الطريق والحق والحياة؟ ومن الذي قال تعلموا مني؟ إذا سرنا وراء هذا القائد الواحد سنصير واحد لان هذه هي طلبته أن نصير كلنا واحد كل من سار وراءه وآمن بتعاليمه. إنه الرب يسوع المسيح.
هذه بعض النقاط العملية التي إذا سرنا بموجبها سنتوحد، وسنترك الخلافات جانباً ولن يقول أحنا أنا لبولس وأنا لأبولس وأنا لصفا، بل سنصير واحد بالفعل وبدلا من أن نصير متفرقون عن السور (سور نحميا) سنتحد كلنا ببوق واحد كفريق واحد يعمل عمل واحد فيصير الأقباط متحدون وليس متفرقون.