بقلم: القس.سامي بشارة
قال سقراط: اعظم النساء المرأة التى تعلمنا.. كيف نحب ونحن نكره, وكيف نضحك ونحن نبكى, وكيف نبتسم ونحن نتألم. لا شك اننا فى عالم العولمة وعولمة افكار ومعتقدات ومما لا ريب فيه ان الحقد والكراهية تزداد وتتعمق جذورها يوما بعد يوم فنرى انفسنا فى مسيس الحاجة الى ان نتعلم الحب دون مقابل لمن لا يستحق والعطاء غير المشروط وغير المغلوط بالرياء والمداهنة والروح النفعية, وما من ادنى شك ايضا اننا فى عالم يسوده الحزن ويعمه الاكتئاب والدليل ان اعداد المتازمين نفسيا فى اضطراد فنحن فى حاجة الى تجرع الفرح والمرح وروح الدعابة, وما من احد ينكر اننا كائنات باكية وفى احايين كثيرة يكون الدمع بيريح ومرات غير قليلة يكون الجرح بيفرح, اذن نحن فى عالم بائس ويائس ويحتاج الى لمسات حانية وصدر حنون والى نموذج اصيل تتاصل فيه قيم ومبادى اصيلة ترسخ بواعث العطاء والبذل والجماعية بعيدا عن تيار العولمة الفردى الانانى الاستهلاكى وهذا النموذج الاصيل كان فى البدء بدء الخليقة حيث خلق الله اول رجل ومنه كون اول امراة, ويذكر طاغور: ان الله حين اراد ان يخلق حواء من ادم لم يخلقها من عظام رجليه حتى لا يدوسها ولا من عظام راسه حتى لا تسوده وانما خلقها من احد اضلاعة لتكون مساوية له قريبة الى قلبه.

1. نموذج آدم وحواء(نموذج الفشل):
وكان اول زواج اسسه الله بنفسه ووضع مراسيمه هو وبقى هذا نموذجا اصيلا زوجة واحدة لرجل واحد الى مدى الايام رغم محاولات موسي الخروج عن هذا النموذج بسبب قساوة قلب الشعب الى ان السيد المسيح اعاد التوكيد والتوطيد على نموذج الله الاب الاصيل حيث من البدء خلقهما ذكرا وانثي وما جمعة الله لا يفرقه الانسان. وعندما دخلت الخطية الاسرة الاولى دخل تبادل الاتهامات والقاء اللوم واكتملت الخطية بان قام الاخ على اخيه وقتله وساد العنف العلاقات فى اول حرب عالمية ازهق فيها ربع العالم ومازال العنف البدنى واللفظى الموجه ضد الاقليات وضد الدول وضد الافراد عنوان رئيسي فى جميع صحف العالم المتمدين, عالم المال والشهرة والقوة والجريمة والعنف. هنا يبرز دور الاسرة فى توعية وتربية اولادها على الحوار وفن ادارة العلاقات على اساس الاحترام وقبول الاخر والتفاهم وبناء الجسور وكل هذا يتلقاه الطفل منذ نعومة اظفاره من الاسرة التى هى الرعيل الاول والهام فى صنع وصياغة شخصيته وهنا يبرز دور الام كيد اولى وطولى فى بث هذه القيم فى ذاكرة الطفل. والامان عنصر مهم جدا يضمن للمراة سقف امن فى استمرارية مملكتها دون ان يهددها شبح الانفصال او تشتت اولادها او ان يتركها من تستند عليه فالاسرة هى نواة المجتمع فان اردنا مجتمعا صالحا وصحيا فعلينا باعداد ام صالحة وزوجة فاضلة وان تعطى المراة الفرصة لتعبر عن آمالها وطموحاتها لتكون نصف المجتمع والمفرخ والمطبخ الذى يغذى المجتمع بمواطنين صالحين ويكفى ما لدينا من ملايين من اطفال الشوارع الذين هم من نتاج التفكك الاسرى وكل ست دقائق لدينا حالة طلاق وحقا قال نابليون بونابرت "المراة الجميلة تسر العين والصالحة تسر القلب.. فالاولى جوهرة ثمينة والثانية كنز عظيم".

2. نموذج عائلة نوح(نموذج المحاولة):
لقد قضى نوح واسرته معظم اوقاتهم فى بناء الفلك ولقد صار هذا العمل كل اولوياتهم بل حلمهم الوحيد فى شىء من التوحد والاعتكاف على تتميم وانجاز هذا الحلم وما اعظم ان تكون للاسرة حلم فهكذا تكون روعة الحياة بالايمان, لقد عاش مارتن للوثر كنج ومات من اجل حلم وترك وراءه حلمه لتحول الى نبراس وشعلة وطريقى هدى وطوق نجاة لملايين البشر. وكثيرا ما نقضى حياتنا نحن فى امور بعيدة عن خطة الله لنا ولاسرنا فمعظمنا يقضى اغلب الوقت فى توفير الاحتياجات المادية ولا نعبأ بما يريده الله لاسرنا كبيوت للعبادة وللقداسة وللخدمة وكثيرا ما تقضى الاسرة اغلب الوقت امام التلفاز على حساب التواصل والحوار والعلاقات الاسرية وتكون النتيجة ان يتحول البيت الى مجرد فندق للاكل  والمبيت وكل فرد جزيرة منعزلة وبالتالى نصير ضحايا امراض المدنية الحديثة من انطواء وعزلة وادمان النت والنزعة الاستهلاكية لكل ما هو جديد. لكن نموذج نوح يستوقفنا ويتحدانا لنراجع اختياراتنا ونحدد من جديد اولوياتنا بان نترك لله اموره ونتولى نحن مسئولياتنا بان تكون اسرنا اداة لتحقيق حلم الله من خلالنا وبواسطتنا ومن خلال لقطات الحياة اليومية ومفردات المواقف الحياتية. لذا فان التمرد الحادث اليوم فى عائلة اليوم لهو ابتعاد عن المسار الاصيل الذى قصده الله من العائلة فى ان نكون عائلة تنتمى الى الله ولهو خلط اوراق عبثى لا طائل منه سوى الانفماس فى رغبات انانيية غبية ومضرة بعيدا عن خطة الله لنا ولاولادنا فى ان نكون نموذج جماعى للشركة والتنشئة والقدوة تنفذ من خلال بيوتنا صورة المسيح ومبادئه وتعاليمه كما قال المصلح الكبير مارتن لوثر "العالم مجرد كوبرى يجب عليك ان تعبر عليه فقط وغير مسموح لك ان تبنى فوقه شيئا".

3. نموذج عائلة المسيح (نموذج النجاح):
بعد ان فشلت عائلة ادم وحواء وبعد ان غرق شعب الله والامة المختارة فى بحر التمرد والعصيان وعجزالناموس فى تلبية مطاليب العدل الالهى وساد حكم الموت على الجميع جاء ادم الاخير شخص الرب يسوع المسيح لؤسس نواة لعائلة روحية هو راسها وعقلها المدبر وراعيها الصالح الذى بادر بمحبتها فى زمن الحب فالسماء هى التى تجسدت للارض بعد ان عجزت الارض على الصعود للسماء فسلم الاعمال يرتطم بعدل الله واغلاقه على جميع البشر فى سجن الخطية. وعائلة المسيح تتكون من كل من قبل المسيح ربا ومخلصا وفاديا اساسها العهد وضامن هذا العهد هو الله نفسه رجلا كان او امراة بلا ادنى تمييز او اقل فرق ولكن رجل واحد لامراة واحدة وثالثهما المسيح فالرجل يقدم محبة المسيح الباذلة المضحية المهتمة المبادرة والمراة تقدم خضوع المحب واحترام الشريك فى علاقة ورقة الحبيب ونعومة الجمال تشبه علاقة المسيح بالكنيسة جسدة والثمار لهذا الارتباط اولاد لهم سمات المسيح. فاساس الارتباط ليس اشباع الرغبات البيولوجية فى المقام الاول وان كان هذا ضرورى وحيوى لكن الهدف الاسمى ان يساهم اى ارتباط فى امتداد ملكوت المسيح. وعائلة المسيح هى بمثابة نواة لكنيسة فيها يتعلم الطفل الحياة المسيحية من صلاة وعبادة ومذبح عائلى وفيها يتعلم الاخلاق المسيحية والمبادىء الكتابية ويتلقن المحبة المسيحية ويرضع العطاء والاخلاص والوكالة المسيحية. الحياة فى اسرة مسيحية تتطلب اب يعرف المسيح وام اختبرت الحياة مع المسيح.

طوبى لبيت قائم اساسه الدين الصحيح                طوبى لبيت قائم شعاره حب المسيح
هذا هو النموذج الاصيل للحياة: الحياة فى عائلة هى فى المقام الاول والاخير عائلة الله كعربون للحياة الابدية مع الله فى ملكوت ابن محبته.