بقلم: ماريانا يوسف
لقد ظل المصريون لعشرات السنوات يحلمون بتغيير القانون أو الدستور ولكنهم كانوا يعلمون أن ذلك درب من الخيال، فالقانون والدستور المصري ثابت راسخ بلا تغيير، جامد بلا مشاعر، لا يُقدِّر تغير الظروف، لا يتجدد حسب متطلبات العصر.
ولكن الحال تبدل الآن و"بقدرة قادر"، وأصبح تغير القانون المصري موضة أو "هوجة"، فأصبح معتادًا أن يتقدم كل وزير أو عضو بمجلس الشعب بمشروع قانون جديد!!.
فهاك قانون التأمين الصحي الجديد، وهذا قانون العمل الجديد، وذاك قانون الضرائب العقارية الجديد، وقانون الضرائب الجديد، وقانون زراعة الأعضاء.. وإلخ إلخ من القوانين التي لا أنزل بها الله من سلطان ولقد أصبحنا "في جرة وطلعنا برة".
ورغم الجهود المضنية التي تقوم بها الدولة لعمل "نيو لوك" جديد للقوانين، إلا أن الشعب بأكمله مازال يعاني، بل إن معظمهم فضل القانون القديم على الجديد، كتفضيله لتأجير الشقق بالقانون القديم عن الجديد، وذلك قطعًا لأن الشعب اكتشف أن معظم تلك القوانين الجديدة بعيدة كل البعد عن واقع المواطن المصري البسيط، وأن معظمها يهدف إلى زيادة الأعباء على كاهل المواطن البسيط الذي يكاد تحسب الدولة أنفاسه عليه بعد أن ضيقت عليه الخناق من جميع الجهات وبجميع بنود القوانين الجديدة.
فالمصري كاد يبكي من الفرحة عندما علم أن هناك نية للحكومة بتغيير القوانين العتيقة، ولكنه بكى أكثر وأكثر بعدما تغيرت، ورغم أن تلك القوانين ستنفذ على الشعب المصري، إلا أن الحكومة لم تفكر حتى في أخذ رأي الشعب فيها، ولو بعمل استطلاع للرأي العام أو ما شابه ذلك، واكتفت بمناقشته داحل قبة البرلمان من منطلق أن نواب المجلس الكرام هم من اختارهم الشعب لتمثيلهم أمام الحكومة.
وبعيدًا عن كيفية وصول كل نائب لمنصبه، وما يجري في ساحة الانتخابات البرلمانية، وبعيدًا أيضًا عن كون النواب لا يحضرون أو بعضهم نائمون أو .. أو .. أو، أرى أنه من غير الكافي الاكتفاء بمناقشة تلك القوانين بالمجلس الموقر فقط، إذ لابد للشعب أن يقول كلمته ويوافق على القوانين التي ستتطبق عليه، وكذلك ضرورة أخذ رأي الخبراء والعاملين بالمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية لما لديهم من خبرة ومعرفة، هذا إلى جانب أنهم أقرب إلى الناس ومشاكلهم من نوابنا الوقورين.