التحرش .. مُقدمة إنهيار المجتمع
صورة تعبيرية
بقلم : مارك مكرم حربي
إن ظاهرة التحرش الجنسي في مصر هي ظاهرة خطيرة ظهرت في سبعينيات القرن الماضي حيث أنها لم تكن موجودة بالخمسينات والستينات وقد بدأت في الظهور مع تفشي ظاهرة التطرف الديني في تلك الفترة حيث بدأت في الظهور أراء فقهية ودينية تعمل على التحقير من شأن المرأة وأعتبارها جسد بلا روح ، شيء لا شخص ،متاع لا إنسان ، مما أدى الى إنحدار وجهة النظر المُجتمعية للمرأة وبذلك بدأت ظاهرة التحرش في مصر ،
و توجد عدة تعريفات لمصطلح التحرش منها على سبيل المثال :
التعريف الكندي :" يعتبر التحرش الجنسي شكل من أشكال التمييز على أساس الجنس ".
التعريف الفرنسى :" هو الفعل الذي ينتج عن التعسف في أستغلال السلطة بأستخدام الأوامر و التهديدات أو الإكراه بغرض الحصول على منفعة أو مزايا ذات طبيعة جنسية ".
كما أن هناك تعريفات أخري للتحرش الجنسي مثل التعريف الأمريكي و التعريف المغربي وكل هذه التعريفات مع أختلافها في الصياغة إلا أنها أتفقت في المضمون ألا وهو محاولة الأستغلال الجنسى بطريقة أو بأخرى لأغراضٍ مُتعددة ومُختلفة مما يُسبب أثاراً بدنية و نفسية و عقلية سيئة لمن تم التحرش بها ،و يقوم البعض بإلقاء اللوم على المرأة بإدعاء أنها هي السبب في ظاهرة التحرش بسبب ملابسها أو طريقة سيرها في الطريق برغم من أن الأحصائيات الرسمية و الحقوقية في مصر تؤكد أن المحجبات و المُنقبات هن الأكثر عرضة للتحرش في الشارع المصري وقد أشارت دراسة حديثة الى أن مصر تحتل المرتبة الثانية في نسب التحرش بعد أفغانستان والتي تحتل المرتبة الأولى على مُستوى العالم في نسب التحرس بالمرأة ،
بالنظر الى ما سبق ذكره عاليه يتضح لنا أن ملابس المرأة وطريقة سيرها لا علاقة لها بما يحدث لها من تحرش وإنما يرجع سبب تفشي هذه الظاهرة في المجتمع المصري الى الأنحدار الأخلاقي المُتفشي في المُجتمع المصري والناتج عن التطرف الديني وما رافقه من تدين ظاهري غريب على المجتمع المصري والذي أدى بدوره الى تهميش دور المرأة في المجتمع بصفة عامة وفي المجال السياسي بصفة خاصة ، كما ساهم في ذلك كثرة القنوات الدينية و ظهور فتاوى غريبة مثل فتوى إرضاع الكبير وغيرها من الفتاوي التي تحقر من شأن المرأة وزيادة النظرة الدونية لها من بعض الفئات في المجتمع ، بل وأدى ذلك أيضاً الى ظهور إعتقاد خاطيء لدى البعض بأن المرأة هي مصدر الشهوات و الرذيلة وعليه يجب تغطيتها و إبعادها عن الأنظار ،
وقد تسبب هذا الفكر العقيم في إنتشار ليس فقط ظاهرة التحرش ولكن أيضاً تفشي العديد من الظواهر البغيضة مثل الأغتصاب ، زنا المحارم ، وغيرها من الظواهر التي يعف اللسان عن وصفها ، كما يجب ألا ننسى التعليم ... ذلك التعليم الذي أخرج لنا في أخر 40 عاماً مجموعة من أنصاف المُتعلمين و معدومي الثقافة ... ذلك التعليم الذي أخرج لنا مُتحرشين ومُغتصبين وقتلة تحت دعوى أن هذا هو العلم و هذا هو الدين . وقد ساهم الأعلام المصري أيضاً في أنتشار هذه الظاهرة مع عدم أعطائها التغطية الأعلامية الكافية مع بداية انتشارها في المجتمع المصري.. ذلك الأعلام الذي لم يعطي حتى الأن أولوية حقيقية لنشر الوعي والثقافة في المجتمع المصري .
ويجب على الدولة إتخاذ إجراءات حاسمة للقضاء نهائياً على ظاهرة التحرش فلا يكفي أن تضع الدولة قانوناُ يقضي بعقوبة عام و غرامة مالية ، بل يجب تغليظ العقوبة للمتحرش أكثر من ذلك و تطبيق القانون على الجميع دون تمييز ، كما يجب على الدولة الأهتمام بنشر الوعي لدي مُختلف الفئات العُمرية والطبقية بخطورة تلك الظاهرة على مُستقبلهم و مُستقبل أولادهم وأحفادهم فبدون التحرك الجاد و الفاعل من الدولة بمختلف مُؤسساتها الدينية و القانونية و الأمنية و التعليمية و المدنية لن تتخلص مصر من هذه الظاهرة المقيتة في المُستقبل القريب .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :