CET 00:00:00 - 30/03/2010

مساحة رأي

بقلم: ألبير ثابت
أيام ويهل علينا شهر الأكاذيب؛ ففي اليوم الأول من شهر أبريل يتفنن العديد من الناس بإطلاق الأكاذيب والإشاعات المبتكرة والمقالب والمداعبات والممازحات بين الأهل والأصدقاء والزملاء. فهل نحن مستعدون لقبول مفاجأته والتي يطلقها الكثيرون من خلال اتصالاتهم الهاتفية أو مقابلاتهم الشخصية؟! خاصة إذ كان خبرًا مفزعًا نتلقاه في لحظة أو غفلة مثل إبلاغنا عن حدوث حادث على الطريق لأحد الأصدقاء أو نشر خبر زواج في السر دون الإعلان عنه... إلخ، ونحن غافلون فنصدقه على الفور دون أدنى تفكير من جانبنا.

فكذبة أو خدعة أبريل تحدث في غالبية دول العالم باختلاف ثقافاتهم وألوانهم ومعتقداتهم. وقد يتم استخدامها من قبل المداعبة والمزاح كل سنة، حيث يقوم الشخص بعمل حركة أو كذبة في المحيطين به سواء صديقه أو زوجته أو زميله أو رؤسائه في العمل... وهو من باب الضحك والمداعبة ليكون يومًا للترويج والممازحة لتلطيف الأجواء المشحونة دومًا بالتوتر في حياتنا اليومية والتي تضغط على أعصابنا. إلا أنه لوحظ مع قدوم أول أبريل وقوع الكثيرين من فئات المجتمع لمواقف مؤذية وسخيفة أو أكاذيب أو إشاعات، وأحيانًا تكون الكذبة مؤلمة للغير، ويبتكرها الكثيرون وخصوصًا في الأوساط الفنية والرياضية مثل حدوث حالات طلاق أو زواج أو اعتزال الغناء أو إرسال أشخاص إلى مهام وهمية من أجل المرح والترويح على النفس أو السخرية، وقد يستغل البعض "كذبة أبريل" لتحقيق بعض مصالحهم الشخصية.

وفي هذا السياق، هناك بعض المرضى أو أشخاص من كبار السن لا يتحملون صدمة الكذب عليهم، وخاصة إن كانت الكذبة من العيار الثقيل مما يسبب لهم انزعاجًا شديدًا قد يؤدي إلى مشكلات نفسية، وربما ترفع وتيرة الخلافات الزوجية أو قد تؤدي لمشاكل بين الأحباب والأصدقاء أو قد تسبب في حدوث وفاة لبعض الناس لهول الصدمة! بل ربما تثير بعض الاضطرابات بين العائلات إذا اتسعت وانتشرت! بل يعتبرها البعض نوع من الأذيـة المقصودة، والإزعاج والألم لغيره واستهانة لكرامة الآخرين.

وقد يذهب البعض للدفاع عن كذبة أبريل وتبريرها وتلوينها، فنجد من يقول بأنها كذبة بيضاء، وأنها من الأشياء الممتعة التي تكسر حـدة الروتين وتضفي نوع من المرح والطرافة الممتعة، وتلقي قبولاً بين بعض الفئات طالما كانت غير استفزازية ولا تتجاوز الحدود الحمراء؛ أي أن هناك فرق بين الكذبة التي تبعث على البهجة والابتسامة والأخرى التي تخرب البيوت العمرانة.

والسؤال هنا: هل الجميع صادقون في مختلف مواقف حياتهم اليومية والاجتماعية وأعمالهم الوظيفية حتي نخص يومًا واحدًا للكذب؟! أعتقد بأن الكذب بات يحيط بنا من كل صوب، ويجتاح الأجواء حاليًا بالأكاذيب سواء في الفضائيات أو الصحف أو المجتمع المحيط بنا، وقد أصبح الكذب واقع يومي ومواقف متكررة في حياتنا، وعادة يمارسها الكثيرون من الأزواج فهم يكذبون على زوجاتهم والعكس، كما أن البائعين يكذبون على الزبائن من أجل تسويق بضائعهم الراكدة، والموظفون قد يكذبون من أجل الحصول على رضا رؤسائهم أو من أجل التزويغ من العمل، والمسئولين بدورهم يكذبون على مرؤوسيهم في موضوع الترقيات والعلاوات وما شابه ذلك، والمرشحون في الانتخابات البرلمانية يكذبون على أهالي دوائرهم لكسب أصواتهم، والشباب يستحوذون على قلوب الفتيات بالكذب والخداع والكلام المعسول.

إن الكذب ظاهرة سيئة قد تؤدي إلى ضياع الحقوق أحيانًا، فالشهادة الزور في بعض القضايا داخل المحاكم قد تسبب العديد من الكوارث والمصائب، كما أنها تبرئ الظالم وتهضم حق المظلوم.

عمومًا، لماذا لا نعبر عن مشاعرنا ونقول ما يجول في خاطرنا دون كذب؛ لا أبريل ولا أبيض ولا أحمر؟! فشهر أبريل هو شهر الربيع في بلادنا، فلماذا نشوهه بالكـذب والخـداع ... ففم الصديق كالشجـرة التي تثمر حكمة، تنمو بلا توقف، تشبع قلوب الكثيرين، أما اللسان الذي ينطق بالأكاذيب فيأتي وقت يُقطع من العالم دون نفع.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١١ صوت عدد التعليقات: ٧ تعليق