بقلم: ماجد سمير
لو قام أي باحث في علم النفس بإجراء بحث بسيط فيما يخص سيكولوجية الطغاة وسيكولوجية العبيد، سيجد مصر وشعبها وحكامها عبر التاريخ نموذجًا وعينة مناسبة جدًا لبحثه، فشعبُنا ظل لقرون طويلة يتبع حاكمه دون إبداء أي تظلم ويُغير كل شيء فور وصل الحاكم التالي إلى كرسي الحكم، وكما ذكرت أكثر من مرة أن المصريين كانوا الإخشيدين مع الإخشيد، والطولونين مع ابن طولون، والأيوبين مع الأيوبي، ونحن مع الأسف شعب ينجح بشكل منقطع النظير في خلق سيد حتى نكون له عبيدًا مطيعين طاعة عمياء، والغريب أن الشعب العبقري الذي قال: "يافرعون مين فرعنك ... ملقتش حد يلمني"، هو نفشه الشعب الذي يُحوِّل أي شخص عادي بمنتهى السهولة إلى ديكتاتور فور ملاحظته أن الكل يمجد فيه وفي ذكائه وقدرته العقلية التي لامثيل لها أبدًا في العالم، وينحني أمامه وهو يسير واثق الخطوة، فضلاً عن أن الجميع يتعلم من كلامه ويتعلم ومن سكوته، وبالتدرج سينقلب الديكتاتور إلى طاغية قاتل لا يرحم ولن يجد من يعترض عليه بل سيسمع فقط من يشكره على إنقاذ الوطن من الخونة والعملاء وحمايته الدائمة للمواطنين لأنه كما كان عهدنا به دائمًا حصن الأمن والأمان.
وفي الصراع الدائم بين القط والفأر، يجب أن لا نلوم القط لأنه قاتل قاسٍ لا يرحم ضعف الفأر، ولكن اللوم كله للفأر الضعيف الذي يترك نفسه للقط ليأكله دائمًا، لقد تذكرت فكرة الظغاة والعبيد بعد الاجتماع الذي أقامه د. البرادعي مؤخرًا، وشارك فيه عدد كبير من مؤيديه، وقام أحد الأشخاص ليسأل الرئيس السابق للهيئة الدولية للطاقة الذرية عن برنامجه الانتخابي، فما كان من بعض مؤيدي البرادعي الذين دأبوا طوال فترة الاجتماع على مهاجمة الرئيس مبارك وسياسته، أن رفضوا مجرد فكرة السؤال وطرحه وكأن الحديث عن البرنامج الإنتخابي للمرشح المفترض لرئاسة الجمهورية خروج عن آداب الديمقراطية والحوار، وأن البرادعي فوق مستوى السؤال والحوار، ومجرد التفكير في مناقشته في السؤال الوحيد المقرر في منهج الانتخابات على مستوى العالم حتى لو كان الترشيح لمنصب شيخ الغفر في قرية "كوم البخ" مرفوض تمامًا.
إن رفض السؤال الموجهة للبرادعي ما هو إلا استمرار لسياسة العبيد المستمرة في خلق الطاغية، فالرجل عندما حضر لمصر قال إنه ليس المسيح ولا المهدي المنتظر وإنما سيشارك مع الشعب في التغيير والإصلاح لأن المصريين جميعًا هم مصدر السلطات الوحيد، ومع ذلك رفضت هذا التوجه كل الأصوات التي أصابت رؤوسنا بصداع مزمن بسبب كثرة الكلام والجعجعة عن التغيير والحريات بكل أنواعها، وعلى رأسها بالطبع حرية التعبير، فضلاً عن والديمقراطية، وتزعمت حركات مختلفة من أجل التغيير ومن أجل الإصلاح الإصلاح وكفاية "وما يحكمشي" وغيرها، يا سادة أول خطوات الديمقراطية الفعلية، التأكيد دائمًا أن الشعب فوق الجميع.