بقلم: ناهد صبري
من يقرأ العهد الجديد ـ من إنجيل متى وحتى رؤيا يوحنا ـ ويتأمل فيه، لا يجد الكثير من التعليمات والعبادات والمعاملات بل يجد مجموعه من الحكايات والقصص عن السيد المسيح تعلن لنا سلطانه العجيب على كل الأمراض والأرواح الشريرة، حيث شفى - له كل المجد – العميان، المشلولين، الصم، والبكم، وأخرج الأرواح الشريرة من الناس، أقام الموتى بكلمه منه، مشى على مياه البحر الهائج، أطعم الآلاف من البشر بقليل من الخبز والسمك... كل ذلك لكي يبرهن أنه من عند الله جاء، وأن الله أعطاه سلطانًا على كل شيء. لكن يبقى السؤال لماذا لا نجد تعليمات كثيرة ومعاملات في الكتاب المقدس؟

أولاً: لكي يصلح هذا الكتاب لكل زمان ومكان
ثانيًا: أن المسيح لم يأت ليعلمنا بعض الأمور عن دنيانا بل ترك هذه الامور لكي يعلمها القادة للمقودين؛ انظر لقد وضع قاعدة ذهبية في هذا الشأن حيث قال: اعط ما لقيصر (الحاكم) لقيصر وما لله لله، المسيح جاء لكي يحقق غرض معين (لأني جئت لأعمل مشيئة أبي) وهذا الغرض هو الفداء والخلاص من الخطايا.

ففي شريعة العهد القديم، عيَّن الله بعض الحيوانات لكي ما تكون تكفيرًا عن الخطايا؛ فيضع الكاهن اللحم على نار المذبح ويقف الخاطئ أمام الذبيحة المحترقة عالمًا أنها تموت عوضًا عنه، ولكن في كل مرة قبل الذبح يتوجب على الخاطئ الذي تاب وندم أن يعترف بخطيته ويضع يده على رأس الحمل إشارة إلى انتقال الخطيه منه إلى الذبيحة فيموت الضحية ويتبرر الخاطئ، ولعل شريعة الضحية موجودة في أكثر الأديان. إلا أن خطة الله منذ البدء، أن يرسل ابنه يسوع المسيح ليكون الذبيحة الحقيقية فيوفي عدل الله ويصنع سلامًا بين السماء والأرض ويكون هناك بديلاً عن الذبائح الحيوانية ويكون هو حمل الله الحقيقي الذي يرفع خطايا العالم، لكن هناك فرق بين ذبائح العهد القديم وبين ذبيحة المسيح:

أولاً: ذبائح العهد القديم لم تكن عاقلة ولم تختر طريق الذبح، أما المسيح فقد اختار ذلك وإلا كان قد تفادى الصليب وهو صاحب أكثر عدد من المعجزات من أيام أبينا آدم وحتى اليوم.
ثانيًا: أن دم المسيح لم ينزل من أجل خاطئ واحد بل لأجل كل الخطاه بدون تمييز عنصري أو ديني أو ثقافي أو اجتماعي.

ثالثًا: إن ذبائح العهد القديم كانت مجرد رمز، أما المسيح فكان الذبيحة الحقيقية لذلك فإن الله في محبته لنا أوجد طريقًا ليبرر كل الخطاة مرة واحدة؛ إذ أرسل كلمته (المسيح) إلى دنيانا قدوسًا لم يفعل خطية ووافق أن يحتمل قصاص الله عوضًا عن جميع البشر في كل الأزمنة، لذلك لم تعد هناك حاجة إلى ذبائح حيوانية البته إذ أن ذبيحة المسيح كانت كافيه إلى الأبد، ولم يعد الله يظهر بالنسبة لنا كقاض غاضب إذ استوفى العدل الإلهي، ولم نعد نرتعب من إتيان يوم الدينونة إنما نفرح لأجل التقائنا بالله؛ فالسيد المسيح أحب البشر وتحنن عليهم فأحبوه أيضًا إذ كان المسيح إنسانًا كاملاً لم يعمل خطية وهدفه الوحيد عمل مشيئة الآب، لذلك جاء لكي يعلن الحب العجيب... الحب الذي جعله يخلي نفسه ويأخذ صورة عبد ويأتي في الهيئة كإنسان.
وأخيرًا هذا هو المسيح الذي صنع المعجزات الكثيرة ... هذا هو الذي كان حمل الله المذبوح عنا... هذا هو المسيح الذي سيأتي ليدين المسكونة في أخر الأيام.