بقلم : احمد عادل عطا
أن الإضرابات و حالات الاعتصام والوقفات الاحتجاجية التي تشهدها مصرنا الحبيبة الآن تعدوا كالفرس الجامح الذي لا لجام له ومن شدة هذا العدو لا ينظر هذا الفرس الجامح إلى نهاية المضمار الذي قد يكون بركان نار أو إعصار أو زلزال مدمر ، فكل يوم تزداد أعداد الجهات الحكومية وغير الحكومية المضربة أو المعتصمة أو المحتجة وتزداد معها منابر الاحتجاج سواء أمام مجلس الشعب أو أمام مجلس الوزراء أو نقابة الصحفيين و أمام دواوين المحافظات وغيرها ، والمتابع لهذه الظاهرة الغريبة على الشعب المصري يجد أنها لم يكن لها وجود قبل عامين من الآن وانه حينما بدأت كانت تحبوا وأصبحت تعدوا على الرغم من أن الفترة الزمنية قصيرة جدا ، وللأسف لم تواجه هذه الظاهرة المواجه الصحيحة للحد منها واعتبارها عمل شاذ دخيل على المجتمع المصري بل تم التشجيع على ازديادها بطريق غير مباشر وهو الترويج الأعلامى لهذه الإضرابات والدعم المادي والمعنوي للمضربين باعتبارهم طبقة كادحة مطحونة ولقد أدى إلى تفاقم المشكلة أن وصل الدعم إلى توزيع أجهزة كهربائية على المضربين ومكافآت مالية وبطاطين ووجبات ساخنة وصرف أدوية – شجع هذا الترويج الأعلامى والدعم المادي والمعنوي فئات ما جال بخاطرها يوما أن تضرب عن العمل على ان تخوض التجربة لعلها تحقق المزيد من المكاسب .
وبذكاء الشعب المصري المعهود قامت فئة باستغلال الموقف الاستغلال الأمثل – فأصبحت المواقع التي تستخدم في الإضرابات أو الاعتصام سوقا تجاريا للباعة الجائلين وعمال البوفيه المتحرك لتوزيع الشاي والقهوة والسندوتشات بل أصبحت بعض المحلات تسمح باستغلال دورات المياه مقابل جعل نقدى يحقق لهم إيرادات أعلى من إيرادات النشاط الأصلي لهم .
والغريب أن يتواكب مع كل إضراب أو اعتصام اختفاء فئة المتسولين من الطرق العامة المحيطة بمنطقة الإضراب أو الاعتصام – فقد استغل المتسولين هذه الظاهرة وانضموا إلى صفوف المضربين والمعتصمين علهم يفوزوا بوجبة ساخنة أو مبلغ نقدي أو بطانية أو جهاز كهربائي – والغريب ان المتظاهرين يقبلون انضمام تلك الفئة إلى إضرابهم بل يدفعون لهم يوميات بهدف تحقيق الكثرة العددية أما وسائل الإعلام – هذا فضلا عن تحقيق تعاطف شعبي من خلال استغلال سوء حالة ملابس هذه الفئة وإطلاقهم للحية والشعر .
ولدت تلك الاستكانة من الجهات المسئولة – والتي من دورها ردع هذه الفئة – الأمان لدى الكثير من عشاق التقليد الأعمى فأصبحت كل مجموعه تعلن عن إضراب أو اعتصام يفسح لها الطريق وتحرسها رجال الأمن – ذلك الشعور بالأمان أدى إلى تجاوزات بترديد شعارات تنال أشخاص ومسئولين بالدولة والمطالبة بالتنجى لوزير ومحاسبة وزير أخر واتهام بالفساد والتواطىء .
وبعد أن كان أعداد المضربين أو المعتصمين بالمئات أصبح بآلاف وأصبحت وحدات إنتاجية بالكامل تتوقف واقتصاد ينهار وحرائق تشتعل في مواد خام وطرق تقطع وأموال تهدر تحت مسمى إعانات تصرف للمضربين لفض الإضرابات وتزداد الضغوط على رجال الأمن من كثرة التواجد بمواقع الإضرابات .
ومازال الفرس الجامح يعدوا بشراسة إلى الهاوية والهاوية هي توقف كافة الوحدات الإنتاجية بالدولة والهاوية إلا تستطيع قوات الأمن من مواجهة هذا الكم من الإضرابات والهاوية الكبرى أن يتسلل إلى المضربين والمعتصمين بعض الجهات أو الحكومات او التنظيمات أو الطوائف التي تسعى إلى السيطرة على مصر وتدس أفكار مسممة لطبقة تتلذذ في الظهور بمظهر المقهور المظلوم المغلوب على أمره ممزق الملابس أشعث الشعر بعد أن كانت تتباهى بالافرول الأزرق ( العفريتة ) والمفتاح الانجليزي .
ونظرا لتغير ثقافة العمل والعمال وتشجيع الدولة العمال فى الوصول إلى حالة من الندية بين العامل ورب العمل وجعل العامل يملى شروطه على رب العمل فانه سوف يكون من السهل التسلل إلى تلك الفئة متغيري الثقافة وهنا لا شك أن الدولة سوف تواجه كارثة .
وهل- وقبل فوات الأوان- سوف تتدخل الدولة بكافة وزاراتها للحد من هذه الظاهرة على نحو يجعل الإعلام المصري يحد من الترويج الاعلامى لهذه الإضرابات وعلى نحو يجعل وزارة القوى العاملة لا تدعم اى إضراب يتم بالمخالفة لنص المادة 192 من قانون العمل وعلى نحو يجعل وزارة الداخلية تتعامل مع الإضرابات المخالفة للقانون بموجب قانون الطوارئ وعلى نحو يجعل وزارة التأمينات تسقط اى مدة تأمينية للعمال المضربين بالمخالفة لقانون العمل من مددهم التأمينية وعلى نحو يجعل من وزارة العدل التعامل مع قطع الطرق العامة وسب أعضاء الحكومة وإعمال الشغب بتوقيع أقصى العقوبات وعلى نحو يجعل وزارة التنمية الإدارية أن تصدر تعليمات بعدم تدخل المحافظين لبحث المشاكل العمالية وإنفاق أموال المحافظة على العمال المضربين على نحو ينأى باى مسئول من التشهير بالمسئولين وتوجيهه الاتهامات إليهم وتهديدهم بغرض إرضاء العمال - إذا ما حدث ذلك وتكاتفت كل أجهزة الدولة فسوف نستطيع القضاء على ظاهرة الإضرابات وحالات الاعتصام والحفاظ على استمرار الوحدات الإنتاجية بالدولة تعمل وتكون رسالة لكل عمال مصر أن هناك من الوسائل الكثير لتحقيق المطالب وليس الإضراب هو الوسيلة الوحيدة وانه لن تستقيم علاقة العمل بين العامل ورب العمل إذا ما بنيت على تحقيق مكاسب بسياسة لي الزراع او اليد الطولي – ونكون بذلك قد استطعنا أن نشد لجام هذا الفرس الجامح الذي يقودنا جميعا إلى الهاوية – بعد أن أصبحت مصر محط أنظار المستثمرين العرب يتربصون بماذا سوف ينتهي مطاف جور الحكومة على المستثمرين المصرين و العرب – وهل ما يحدث الآن هو إنذار بالرحيل للمستثمرين العرب جاء بعد الإنذار الذي وجه من الخارجية الأمريكية لمستثمريها بعدم الاستثمار في مصر . لذلك يجب ان نتكاتف لشد لجام هذا الفرس الجامح .
a_adel_atta@hotmail.com