بقلم : أشرف إدوارد
يصر القضاء المصري على العمل على زيادة التمييز الديني بين المصريين وذلك بإصراره ـ الغير مستند إلى سند من الدستور أو القانون أو المعاهدات الدولية ـ على عدم تطبيق مبدأ الحرية الدينية للمصريين، وهو الواضح فيما جاء بأحكامه التي شهدتها ساحات المحاكم المصرية في الآونة الأخيرة .
فقد جاءت أحكام القضاء المصري في الآونه الأخيرة لترسخ مبدأ التمييز الديني فيما بين أبناء الوطن الوجد، وتفصل تمامًا بين أكبر مؤسستين في البلد إلى واحدة معترف بها (الأزهر) وأخرى غير معترف بها (الكنيسة المصرية).
فالمتحول من المسيحية إلى الإسلام يجد كل التسهيلات الممكنة نحو تغيير عقيدته، فجميع الأبواب تُفتح على مصراعيها لتستقبل ذلك المتحول من المسيحية إلى الإسلام، فالدولة بكل مؤسساتها تعمل على تسهيل كل الإجراءات القانونية لذلك .
فجميع الخطوات العملية للمتحول من المسيحية إلى الإسلام تجد من يقوم بإنهائها على وجه السرعة غير الطبيعية ـ داخل دول البيروقراطية ـ ألا أننا نجد أن جميع بيانات هذا المتحول قد تم تغييرها في لمح البصر إلى الحالة الجديدة، والمصالح الحكومية تفتح أبوابها لهذا الشخص حتى لو كانت بإجازة رسمية للعمل على إنهاء كافة الأوراق واستيفاء كافة التوقيعات لإصدار تلك المستندات في أقل من نصف الساعة .
كما أن الأزهر يسرع بإصدار شهادة إشهار الإسلام دونما أي بحث في حقيقة نية هذا المتحول من المسيحية إلى الإسلام، وهذه الشهادة التي تعتبر المستند الرئيس في تغيير جميع أوراقه الشخصية، ويعتبر الأزهر هو المؤسسة الرسمية الوحيدة داخل دولة مصر المعترف به لإصدار تلك الشهادات ـ طبقا لأحكام القضاء المصري الذي رفض الاعتراف بالكنيسة المصرية كمؤسسة تصدر شهادات مماثلة للمتحول من الإسلام إلى المسيحية.
أين الكنيسة المصرية من تلك الأحكام الظالمة والتي تكرس مبدأ التمييز الديني فيما بين أفراد الشعب الواحد، أين صوت الكنيسة لتدافع عن حقوقها التي سلبها منها القضاء المصري. لماذا هذا السكوت؟ أليست الكنيسة المصرية هي الجهة الوحيدة التي لها الحق في أن تقبل أو لا تقبل المتحول من الإسلام إلى المسيحية وإعطاؤه المستند الذي يفيد قبول المتحول إلى جماعة المؤمنين .
أم يفترض للمتحول من الإسلام إلى المسيحية أن يذهب إلى الأزهر ليستصدر منه شهادة أنه ترك الإسلام وتحول إلى المسيحية.
لقد كان الحكم الصادر في دعوى المتحول من الإسلام إلى المسيحية ماهر الجوهري، عندما فُؤجيء القضاء المصري أنه استطاع أن يحصل على شهادة انضمام إلى طائفة الأقباط الأرثوذكس، فكان حكمه عدم الاعتداد بأية شهادات تصدر من الكنيسة المصرية لأنها ليست هي الجهة المختصة بإصدار تلك الشهادات.
ثم سار القضاء في ذات الاتجاه بالحكم الصادر في الدعوى المرفوعة من والدة ماريو وأندرو نافيًا على الكنيسة المصرية هذا الحق القانوني .
ونحن الآن على أعتاب حكم سيصدر في دعوى محمد حجازي المتحول من الإسلام إلى المسيحية والذي بدأ المشوار واضعًا الحكومة المصرية وقضائها في مأزق لا يحسدان عليه عندما فجر مطالبته عام 2007 بإثبات هويته الدينية الجديدة بأوراقه الثبوتية ومازال يجاهد في سبيل ذلك حتى أنه أقام دعواه الجديدة بعد أن توافرت جميع المستندات المطلوبة منه لإثبات تحوله من الإسلام إلى المسيحية متخذًا النضال القانوني وليس التزوير ـ الذي تعمل عليه الحكومة المصرية في محاولة من المتحول للخروج من هذا المأزق التي وضعته فيه الحكومة بتعنتها برفضها في إثبات عقيدته التي اعتنقها المتحول من الإسلام إلى المسيحية ـ ليصل بدعواه للحكم المنتظر يوم 27/4/2010 .
والمتتبع للأمور والأحكام والسوابق القضائية سيجد أن القضاء المصري سيسير على نفس المنهج الذي اختاره لنفسه في عدم الاعتداد بأية شهادة صادرة من الكنيسة المصرية.
ولعنا كانت قراءتنا للواقع سابقة فنحن كنا نتوقع هذا المسلك فقمنا بالفعل بالبدء في تدويل قضيتنا إلى المجتمع الدولي بالتعاون مع منظمة صوت الأقباط بالولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا والمركز الأوربي للعدالة والقانون، وتقدمنا بشكوانا إلى المفوض السامي للأمم المتحدة والذي بدأ بالفعل في نظرها. وهو بداية الطريق ونعد الآن إلى الخطوة التالية نحو تدويل وعرض قضيتنا على المجتمع الدولي، ولم نتخذ هذه الخطوات إلا بعدما تأكدنا أن المطالبة بهذا الحق للمتحول من الإسلام إلى المسيحية لن تجد أي صدى أو قبول لدى الحكومة المصرية .
إلا أن نضالنا لن يتوقف فما زال الطريق مليئًا بالأشواك ومازلنا نحن نرتدي ما ننزع به هذه الأشواك وفي يوم ما سنصل إلى المساواة بين أفراد المجتمع المصري.