بقلم: لينا خوري - سورية
ما السر في جمال بعض صورنا؟ ولماذا تحصد بعضها اعجاب جمهور واسع من ناظريها؟
ولماذا تكون محفزا عنيدا لمعرفة صاحبها وكسب صداقته أو وده؟

للصورة حكاية! حكاية حوار صامت بين صاحب الصورة وعين الكاميرا وعين من يعلن ولادتها. لو نظرنا إلى صورنا التي ننشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، أو التي نصدّرها على رفوف مكاتبنا، لوجدنا أنها اختيار نخبة بين الصور. وبدون أن نسـأل لماذا هذه الصورة وليست أخرى غيرها؟

هناك زمن سريع كوميض (الفلاش) يحتضن فيض اعجاب غريزي نقي بين لاقط الصورة وصاحبها، فيظهر ما يراه جميلا في صاحب الصورة. وأيضاً هناك حديث شفاف كرهافة نسائم الفجر في ليلة صيف، وحلم مجنح الألوان، بسريرة من يصمت أمام تكتة نبضةٍ، يتوقف فيها الزمن على لحظة نادرة ماسية البريق، شفافة الحضور في حياة انسان الصورة. حتى لو كان صاحب الصورة هو من التقطها لنفسه كما يحدث اليوم في الأجهزة الحديثة، هي أيضا الأنا الأخرى التي تحب أن تظهر الجمال السجين بداخلها. فمجرد التقاطه للصورة، كتب رسالة للآخر، فالصورة لا دور لها إلا عندما تنظرها العيون.

لننظر إلى صورنا بتمعن، بحنين صادق، ونستعيد بذاكرتنا وجه من التقط لنا الصورة ونظرة عينيه، ولنوقظ مشاعر تلك اللحظة، وما كان الأمل المخبئ بأحداقنا، وماذا كنا نريد أن نقول.

الصورة كالرواية، نتناولها كعمل كامل نهائي، نتفاعل بأحداثها، وبتعابيرها والمشاعر التي خبأتها بين أسطرها، وحضنتها حروفها كأذرع العشاق... نحن تناولنا الرواية مولود كامل للحياة، ولكننا لم نعيش لحظات الحلم والأمل والجمال وهو يتشكل. كل ذلك يحدث في لحظات معدودة وبسرعة هائلة لحظة التقاط الصورة.
صورنا هي تاريخنا، هي صفحات من عمرنا لم نتركها فارغة، بل كتبنا فيها أصدق المشاعر النقية، ولعمق صفائها المخيف لا يستطيع التقاطها بوضوح عقلنا الواعي الملوث بروائح الأنانية وحب الذات.

انظروا إلى صوركم، واسألوها لماذا كنت جميلة في تلك اللحظة؟
هو تمرين لنفض الغبار عن ذاكرتنا المثقلة بأنانية الأيام، وأوجاع الرغبات، وفتح نوافذ الروح على آخر ربما أهملناه أو تناسينا جمال روحه، التي تحدثت إلينا بالتقاط الصورة. هو سبر لجذور الذات لتخرج منها بذورنا الطيبة، وإطلاق لنوارس السلام الداخلي لتهدينا لشواطئ الجمال الإنساني.