بقلم: ماريانا يوسف
ضحكتُ في داخلي حينما قرأت في الصحف عن الانتخابات البريطانية وما جرى لـ "براون" رئيس الوزراء البريطاني وزعيم حزب العمال الحاكم "غوردون براون" والمرشح في الانتخابات العامة البريطانية المقررة أمس السادس من مايو.
حيث انتقدته الصحف البريطانية والعالمية في أعقاب زلة لسان وصف خلالها أرملة متقاعدة بأنها "متعصبة" وذلك أثناء حملته الانتخابية في شمال إنجلترا حيث كان "براون" غافلاً عن مكبر الصوت المعلق في ياقته لدى عودته إلى سيارته عندما نعت العجوز "دافي 66 عامًا" بأنها متعصبة بعد أسئلة وجهتها له عن الطريقة التي يعتزم بها علاج العجز القياسي في الميزانية.

وعندما أدرك خطئه اتصل بها وقدم لها اعتذارًا فلم تقبله، ومن ثم توجه إليها بذاته إلى منزلها وقدم لها اعتذارًا أمام وسائل الإعلام ومن ثم قبلت اعتذاره.
تلك هي القصة، ولكن سبب ضحكي عليها لم يكن لاعتذار رئيس الوزراء البريطاني لإحدى المواطنات المسنات بل لأني تخيلت ذلك السيناريو يحدث في مصر "والعياذ بالله" على سبيل المثال.

فمثلاً حينما ينعت الوزير الغالي في حضرة المجلس الموقر مجموعة من شعبها بألفاظ نابية مثل "اطلع ...." أو يطلق أحد النواب الكرام فتوى بقتل المتظاهرين ولا يعتذر هذا أو ذاك، تلك بعض الأمثلة من كثير.
راودني أيضًا سؤال حيوي: ألا يستحق المواطن المصري البسيط الغلبان اعتذارًا واحدًا من الحكومة على كل الأفعال الشنيعة التي تُفعَل فيه، فليت الحكومة توقفت عند حد النعت أو السُباب للشعب المصري لكان قُضيَّ الأمر على اعتبار إن "الشتيمة مبتلزقش"، ولكن الحكومة تجاوزت تلك الأفعال.
فلم نرى الحكومة المصرية تعتذر لمواطنيها على شراء المبيدات المسرطنة أو على استيراد القمح الفاسد أو اللحم المدود أو على عجزها عن إيجاد فرص عملها لشبابها أو على فقرها ومن ثم عدم القدرة على إيجاد حياة كريمة آدمية لمواطنيها.

كذلك لم تقدم الحكومة اعتذارًا عن كل مواطن أهينت آدميته في قسم شرطة أو لمواطنين تم إذلالهم في الدول العربية وعجزوا عن العودة إلى وطنهم.
وأيضًا لم تقدم الحكومة اعتذارًا عن موت شبابها غرقًا في البحر أو المحيط أثناء هجرتهم الغير شرعية نتيجة للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وأيضًا لم تعتذر لتفشى البلطجة بين المواطنين أو إشعال الفتن الطائفية بين مواطنيها بشكل أو بآخر.

ولم نرى أي اعتذار عن أكوام القمامة التي تحيط بمنازلنا، أو لأجل الغلاء الفاحش في الأسعار والتدني المستمر للرواتب، وأيضًا من أجل تعويم الجنيه "الذي أوشك على الغرق". وعن الاختناقات المرورية التي كانت الحكومة سببًا رئيسيًا في حدوثها.
وكذلك لم تعتذر عن ارتفاع نسبة الفساد في المصالح الحكومية وأيضًا عن فشلها في إيجاد خطة تعليمية ناجحة، عن تصادم القطارات، عن تزوير الانتخابات، عن بيع أصول القطاعات العامة المصرية وأراضي مصرية بأسعار زهيدة وووو....

وأخيرًا وليس بآخر أتمنى أن استيقظ في يوم على اعتذار من الحكومة للشعب عن سبب واحد من تلك الأسباب أو أن استيقظ على استقالة الحكومة النظيفة التي نظفت جيوب المصريين "ومفيش حاجة بعيدة على ربنا" وعجبي.