قراءة : مادلين نادر
"زواج بلا مشاكل" هو عنوان الكتاب الذي أصدرته دار الثقافة عام 2005، وقام بتأليف الكتاب "جوزيف صابر" ولكن مهلاً فأنا ميقنة تمامًا أنه بمجرد أن تقع أعيننا على عنوان الكتاب فنجد أنفسنا نقول "إن هذا الأمر دربًا من الخيال وهل يوجد زواج بلا مشاكل؟؟
بالفعل لا يوجد زواج لا يتعرض لمشكلات، وفي هذا المجال يشير الكاتب في المقدمة للكتاب حيث يتم طرح تساؤل: هل يوجد زواج بلا مشاكل؟ وهل تعانى من بعض المشاكل في حياتك الزوجية؟ وتأتي الإجابة بأنه إذا كنت تعانى من مشكلات إذًا فأنت إنسان طبيعي، فكل الأسر تواجه مشكلات، بل إن الاعتراف بوجود بعض المشاكل يعد ظاهرة صحية فالاعتراف بالمشكلات يشير إلى أن الزوجين يسعون للتغلب على هذه المشكلات أما أولئك الذين يحاولون إخفاء خلافاتهم ويدّعون السعادة الكاملة فإن حياتهم الزوجية في خطر.
ولا شك أن معرفتنا بالمشكلات أحد العوامل الرئيسية في التغلب عليها. فقد تتفجر خلافات كثيرة بين زوج وزوجة لكنها ترجع أساسًا إلى سبب رئيسي لو عرفه الزوجان لأمكن حل مشكلاتهما.
يتناول الكتاب عدة موضوعات مهمة حول الزواج، وتبدأ الفصول بمناقشة موضوع أساسي هو الإعداد الجيد للزواج ويبدأ المؤلف في هذا الفصل بالإشارة إلى بحث تم إجراءه على 2000 أسرة أمريكية وسأل الباحث فيه الأزواج والزوجات كلاً على حدا هذا السؤال: "لو عدت أعزب وأردت الزواج هل كنت تختار شريك حياتك الحالي؟ وأجاب 60 % من الرجال و 70 % من السيدات بـ "لا "، بل أن البعض منهم قال: كنت لن أتزوج أبدًا ..!!!
وأرجع الكاتب الأسباب في ذلك إلى النظرة غير الواقعية للزواج حيث أن كثير من الشباب والشابات المقبلين على الزواج ليس لديهم فكر صحيح وواقعي عن الزواج بل أنه في كثير من الأحيان يكون الزواج مبنيًا على مبدأ الأخذ وإشباع الاحتياجات دون العطاء ومثل هذا الزواج محكومًا عليه بالفشل.
وهناك أسباب أخرى تتعلق بالزواج المبنى على المشاعر فقط، أو عدم فهم كاًل من الشاب والشابة لدوره داخل الأسرة. كما أن عدم النضج يعد سببًا في أسرة غير مستقرة ويقصد المؤلف بالنضج بأن يكون في عدة نواح منها العمر المناسب للزواج، والنضج الاقتصادي، والنضج العاطفي.
ومن أهم علامات عدم النضج التي يمكن اكتشافها بشكل واضح قبل الارتباط هي التركيز على الذات حيث يجد الشخص متعته في إرضاء ذاته ولا تهمه أبدًا سعادة الآخرين، وأن يكون شديد النقد لكل شيء ومن الصعب إرضاؤه، ودائمًا يصارع ويدوس على الآخرين من أجل الوصول لمركز معين.
ويضيف الكاتب أنه بتفادي أسباب الفشل يمكننا معرفة ما يؤدى لنجاح الحياة الأسرية في المستقبل، ومن هذه العوامل التقارب الاجتماعي والثقافي والاقتصادي بين الشاب والشابة، وهناك عامل آخر مهم هو التوافق بين الطرفين فيما نسميه "السلم القيمي"، فلكل شخص قيم معينه يقدرها ويعتنقها ويسعى لتحقيقها في حياته مثل: العلم - المال - التدين - الأمانة - الصدق ..الخ .
وكلما اتفق الطرفين إلى حد كبير في ترتيب الأولويات أدى ذلك إلى سعادتهما وشعورهما بوحدة الهدف.
ويفرد الكاتب فصلاً كاملاً عن الخلافات الزوجية ويشير إلى أنه بعد الزواج يكتشف أحد الطرفين أو كلاهما أن شريكه ليس كما كان يتصور، فهو لا يتمتع بكل الصفات الجميلة التي كان يراها فيه قبل الزواج، فالأحلام الوردية أثناء فترة الخطوبة تتحول إلى الواقع وتبدأ الخلافات.
ومن أهم أسباب الخلافات الزوجية أخطاء التفاهم والتواصل بين الزوجين وعدم وجود حوار مشترك، أو خلافات حول المال وكيف يصرف وما هي الحاجات الضرورية، بالإضافة إلى بعض الضغوط الأخرى مثل الأطفال وأثرهم على التباعد بين الزوجين، والظروف الطارئة مثل وفاة أحد الوالدين وما يترتب عليه من مسئوليات تجاه الأسرة. ومتطلبات العمل والغياب عن البيت خصوصًا إذا كان العمل يتطلب البقاء طوال اليوم أو على فترتين.
ويؤكد الكاتب على أن تجنب حدوث الصراع بين الزوجين يعد إحدى الطرق الانسحابية والسلبية في التعامل مع الصراعات. وإن هناك مبادئ للتعامل بشكل ايجابي في هذا المجال فيجب أولاً أن يقوم الزوجين بتحديد المشكلة، وألا يلجأ أحدهم للكذب أو التبرير، كذلك عليهم التركيز على المشكلة وليس على شريك الحياة. فمثلاً تقول زوجة لزوجها "الذي تعود أن يترك حاجاته مبعثرة" (لماذا لا تهتم بجمع حاجاتك؟ لقد طلبت منك ذلك ألف مرة، لقد تعبت من هذا. لو كنت تحبني حقًا لما احتجت إلى تنبيهك. أنك تتصرف كالأطفال).
وهنا تركت الزوجة موضوع المشكلة وهو عدم النظام، للهجوم على شخصية زوجها واتهامه بأنه طفل. وكان من الممكن أن تركز على المشكلة لا على زوجها وتطلب منه المساعدة.
ويوضح الكاتب عدة نقاط تجعل الصراع ايجابيًا منها: تعلم كيف ترد باستخدام كلمة "أنا" بدلاً من "أنت" حتى لا يشعر الطرف الآخر بالاتهام.
مثلاً "أنا اشعر بالضيق حينما أجدك لا تساعدني" بدلاً من أن تقول "أنت طول الوقت كده ما بتعملش معايا حاجه وأنا اللي تعبانه في كل حاجة"، بالإضافة لذلك يجب أن يلاحظ كل من الطرفين نبره الصوت حتى لا تكون حادة أو مرتفعة، وأن يتنبهوا إلى عدم إثارة المشاكل القديمة عند حدوث صراع لا علاقة له بالأحداث الماضية.
ويقدم الكاتب أيضًا فصلاً كاملاً عن الأسرة والمشكلات المالية حيث يعرض الكاتب لأهم أسباب المشكلات في هذا المجال داخل الأسر حيث تتركز معظم المشكلات في طريقة كسب المال، وهل تشترك الزوجة في مصروف البيت؟ ..الخ.
ويوضح الكاتب أن هناك مبادئ عامة تساعد على التغلب على مثل هذه المشكلات منها: أنه ليس المهم من يربح المال في الأسرة لكن المهم أن يكون المال ملكًا للشريكين معًا. كما يجب أن يتفق الزوجان على أسلوب الصرف الذي يريحهما كأن يعطى أحدهما دخله للآخر ويحتفظ بمبلغ معروف لمصروفاته اليومية.
يجب أن تضع الأسرة ميزانية للبيت بحسب أوجه الصرف كل شهر، كما عليها أن تحاول الاقتصاد في المشتروات، كأن تشترى بعض الأشياء بالجملة لتوفير مبلغ أو شراء الأشياء في الموسم الذي تكون أرخص فيه وتخزينها بشكل جيد، كما يجب تخصيص مبالغ و لو صغيرة لبعض الظروف المفاجئة كالمرض أو ما شابه، وأن يكون هناك جزءًا للتنزه حسب إمكانيات كل أسرة حتى ولو كانت مجرد نزهه في حديقة لا تكلفهم سوى بضعه جنيهات قليلة. ولكن قد يحتاج الأمر في بعض الأحيان إلى نقاش حول أسلوب الصرف والأولويات خاصة وإنها ليست ثابتة دائمًا.
ولأن هناك العديد من المشكلات قد تقع بين الزوجين بسبب عدم فهم الاختلافات بين الرجل والمرأة فلقد أفرد الكاتب فصلاً كاملاً عن الاختلافات بين الرجل والمرأة في أسلوب التفكير، والتعبير عن الذات، والحالة المزاجية، وتحقيق الذات سواء في المنزل أو العمل لأن فهم هذه الاختلافات يعطى صورة واضحة عن طبيعة شريك الحياة وبالتالي تقل حده الخلافات والصراعات فيما بين الزوجين.