بقلم: عماد توماس
لا اعتقد أن أحدًا في مصر المحروسة قد سمع عن الكاتب النابغة "يوسف زيدان" قبل نشر روايته "عزازيل" رغم أنه كتب العشرات من المؤلفات والدراسات؟
كثيرون فازو بجائزة البوكر ولم نسمع حسًا لهم، لكن "زيدان" فعلها ببراعة شديدة، واستطاع جر العديد من المسيحيين لمعركة إعلامية لترويج روايته، والمتابع الجيد يدرك أن المسيحيون شاركوا في صناعة "زيدان" وشهرته العريضة الآن حتى أنك تراه ضيفًا في معظم لقاءات وندوات المحروسة الثقافية، وإذا كان يفتخر بعدد طبعات روايته "عزازيل" فالسبب الرئيسي هو أنها تهاجم المسيحية وخاطبت مشاعر بعض القراء، وإلا فليقل لنا كم عدد طبعات روايته الأولى "ظل الأفعى" التي لم يسمع بها أحد قبل عزازيل!!
المدهش أن قليلون يعرفون أن فكرة رواية "عزازيل" مقتبسة من رواية "هايبيشيا" للروائي الانجليزي "تشارلز كنجزلى" وهى الدراسة التي نشرت بموقع "الأقباط متحدون" في 26 ديسمبر 2008، ونشرها "زيدان" في موقعه ويمكنك متابعتها في هذا الرابط.
عزازيل زيدان بين التزييف والحقيقة
*توارد أفكار أم اقتباس أم سرقة:
رواية هايبيشيا "الأصلية" التي صدرت عام (1853م) وكتبها الروائي "تشارلز كنجزلى" وترجمها للعربية الدكتور الراحل "عزت ذكى" وصدرت عن دار الشرق والغرب بشارع الجلاء بالقاهرة -لدينا نسخة أصلية من الرواية- تحكى الأحداث التي أحاطت بموت الفيلسوفة "هايبيشيا" ( 355-415م ) وبها نفس الشخصيات الرئيسية المحركة للأحداث وخاصة راهب زيدان الخيالي الذي أطلق عليه اسم "هيبا"، بينما في رواية كنجزلى أطلق عليه اسم الراهب "فليمون" وتوارد الفكر بين زيدان وكنجزلى عجيب، فأن يخترع زيدان شخصية من نسج خياله لتعيش نفس الفترة الزمنية –القرن الخامس- وفى نفس الأماكن -الصعيد-الإسكندرية- وهى نفس شخصية كنجزلى الخيالية "الراهب فليمون" ويتعرض هذا الراهب لغواية النساء، ويرغب في زيارة الكنيسة الكبرى بالإسكندرية ويكلفه رئيس الدير بتوصيل رسائل للبطريرك كيرلس بالإسكندرية، ويكون الراهب شاهدا على مقتل هايبيشيا... فهل هذا توارد أفكار أم اقتباس للفكرة والأحداث واعتداء على الحقوق الملكية.
*افتكاسات زيدانية:
في ساقية الصاوي قال زيدان: أن "الأقباط لا يعانون من أي اضطهاد بدليل وضعهم الاقتصادي المتميز مستشهدًا بنجيب ساويرس" وهو قول يعبر عن جهل فاضح وقصر نظر وتفكير محدود.
وقال أيضًا أن "النظام العقائدي القائم على وجود إله واحد هو نفسه في الإسلام والمسيحية "المبكرة" واليهودية" ولاحظ عبارة "المسيحية المبكرة" إشارة أن المسيحية "المتأخرة" نظامها العقيدي قد تغيّر نحو الإيمان بإله واحد... فهو بارع في اللعب بالكلمات!!
وفي تسطيح مُخل للمعنى يقول أن "المسيحية هي الأناجيل والمسيح والعذراء"!!
*هجوم على العقيدة المسيحية:
يعود زيدان ليؤكد أنه لم يسئ إلى المسيحية في شيء... ويبدو أنه ينسى أو يتناسى ما يقوله، فقبل ذلك بعدة أيام قال في ندوة "اليوم السابع" أن "التأثر بالأساطير جعل المسيحيين يعتقدون أن الله هبط لينقذ البشرية.. طب ما كان ينقذنا وهو فوق".. فهل عندما ينال من عقيدة "التجسد" وعقيدة "الفداء" التي يؤمن بها المسيحيين ألا يعتبر ذلك ازدراء بالمسيحية!!
*سفير إبليس:
في رده الجامع المانع، قال القس ديسقورس شحاتة عن أقوال زيدان "يا لتلك المقدرة العجيبة والقوة الفولاذية التي لهذا الرجل في صنع الأكاذيب وترويجها، ومحاولة إقناع الناس بها، تلك المقدرة التي فاق فيها معلمه إبليس، الذي يقول عنه الكتاب المقدس أنه كذاب وأبو كل كذاب، أو ربما ارتضى إبليس أن يأخذ تلميذة مكانه ليكون التلميذ الذي فاق معلمه، أو ربما أرسله إبليس سفيرًا له في كل مهمة تحتاج إلى إتقان الكذب فيزور التاريخ ويقلب الحقائق ويختبئ فيما يسمى الإبداع الروائي مثلما قال في روايته..".
ثم يضيف قائلاً: بحسب ما جاء بصحيفة "اليوم السابع" عدد الثلاثاء 4 مايو 2010 "امتلأت بطنك من الفتات الساقط والدولارات القادمة من جيوب محبي الشهرة وعاشقي الكذب ومروجي العرى".
زيدان مطلوب الآن لنيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه انطلاقًا من بلاغات الدكتور نجيب جبرائيل مع عدة منظمات قبطية أخرى بتهمة ازدراء الأديان والإساءة إلى الدين المسيحي. ومثلما حدث مع الدكتور محمد عمارة وزغلول النجار وأبو إسلام نتوقع حفظ التحقيق!!
ومن جانبنا نؤكد إننا نختلف مع زيدان فكريًا لكننا لا ندعو للمصادرة والمنع، ونقف مع الكاتب تمامًا في حريته أن يعبر عن رأيه، فالرأي يقابل بالرأي والفكر بالفكر. فمن يقف على صخرة الحق لا يخشى الأمواج الهائجة، لكننا نطلب عدم الكيل بمكيالين، وألا يكون الإبداع من طرف واحد.
*صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ:
بحسب ما جاء في سفر أعمال الرسل بالإنجيل، عندما ظهر السيد المسيح لشاول الطرسوسى الذي كان يضطهد المسيحيين في ذلك الوقت وقبل أن يتحول إلى المسيحية ويصبح اسمه "بولس"، قال له المسيح "شَاوُلُ شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟ صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ" والمنخس قطعة حديدية دقيقة الرأس تُستخدم في نخس الحيوانات لتسرع في السير، ومعنى قول المسيح له "لا فائدة من المعاندة والكبرياء".
ونُذكر زيدان بقول المسيح "صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ" فقبله ادعى فولتير أن المسيحية ستنتهي خلال 100 عام، وبعد مرور 100 عام مات فولتير وتحول منزلة لمطبعة لطباعة الكتاب المقدس!!
وما أجمل أن نختم حديثنا بكلمات من قصيدة السائح المسيحي عندما قال "ويل الخطاة الأشقيا مما مضى.. من حين تنصب الكراسي للقضا.. فتضيق فيهم ثم ساحات القضا.. ويريعهم غضب الإله ولا الرضا.. ويقول كل يا جبال غطيني".