CET 00:00:00 - 08/05/2010

مساحة رأي

بقلم : د.ماجد عزت
وبعد أن سمح الله لهـــؤلاء الرهبــــان وأبيهـــم الروحي الأب "متى المسكين" بالإستقرار في وادي الريان بمدينة الفـيوم، وبدء مرحلة تعمــــــير المنطقة، وزيادة التوسع في بناء القلالى، وبعض الملحقات المتعلقة بخدمات الرهبان والزوار، رغب البعــــض في الترهب بهذه البقعــة المقــــدسة؛ لما سمعوه عن سيرة رهبانها ونشاطهم الروحي الدءوب، لدرجة وصـــلت إلى أن قــــــداسة البابا كيرلس السادس، البطريرك رقم (116) (1959-1971م)؛ أرسـل خطاباً في أوائل فبراير سنة 1966م، إلى القمص "متى المسكين"، واستخدم قداسة البابا لقب "القمص" في مخاطبته، وكان ذلك بمثابة عدم اعتراف بما نشره رئيس دير السريان بجريدة الأهرام عام1960م في حق هؤلاء الرهبان وأبيهـم الروحي، وهو الخطاب الذى قُدِّم إلى لجنة الإنتخاب البطريركية عام 1971 لدحض الطعن بحرمان وتجريد القمص متى المسكين.

وطلب البابا من القمص "متى المسكين" فى خطابه سرعة إرسال ثلاثة رهبــــــان من رهبـــان وادي الريان لإنتشال دير "الأنبا صموئيل" من التعرض للإنهيار أو التـــخريب؛ وإن دل ذلك على شيء فإنما يـدل على محبة قداسة البابا كيرلس السادس لهؤلاء الرهبان وما يتمتع به هـــؤلاء الرهبان من قوة التحمل وشدة الجَلَد والصبر والخبرة على البنـاء والتشـييد فى التعمـير، والبناء الروحي السليــــــم؛ وحـــسن الإدارة في التعــامل مع الرهبان وتوظيفـهم في المــكان المناسب، بجانب النسك، وإدارة الموقف المالي للدير عن طريق التوازن ما بين حجم الإيرادات والمصروفات، وهو ما تعلموه من الأب "متى المسكين".

واستجاب الأب "متى المسكين" لطلب قــداسة البابا "كيرلس السادس" في الثانى عشر من فبراير سنة 1966م؛ وأرســـل ثلاثة من رهبــان الوادي إلى هـذا الدير.
وربما يسهم هذا الخطاب في إزالة اللبس لدى البعض؛ بالظن أن هــؤلاء الرهبـان كـــانوا غير معـــترف بهــم كنسياً في ذات الـــفترة ما بين عام 1960- 1969م (تــجريد أو حرم) بسبب ما نشره أسقف دير السريان كإعلان في جريدة الأهرام.

ومنذ استجابة الأب "متى المسكين" لطلب البابا "كيرلس السادس" بإرسال رهبان إلى دير "الأنبا صموئيل"، بدأت المساعي لإزالة اللــــبس والمصالحة فيما بينهما، وكان الوسيط فيما بينــهم هــو الأب القمص "صليب سوريال" كاهن كنيسة مار مرقس بالجيزة، ورفيـــق الأب "متى المسكين" في الخدمة بمدارس الأحـــد بذات الكنيسة، ومرت المصالحة على النحو التالي:
-بدأت المصالحة مع إرسال البابا كيرلس السادس خطابا في أوائل فبراير 1966م، والمنوَّه عنه سابقاً، ما أُعتبر بمثابة عدم اعتراف بما نشره رئيس دير السريان في حق رهبان وادي النطرون يتهمهم بأنهم محرومــون كنسيــًا وأنه قد تم تجريدهـــم.

-ثم قام الأب القمص "صليب سوريال" بإرسال خطــاب لقداسة البابا كيرلس السادس فى السادس والعشرين من ينايرعام  1967م، يرجوه فيه جمع الصفوف، ورد قداسته عليه بالاستجابة، بل أن ذات الرد تناول كلامًا طيبًا عن الأب متى المسكين.

-وفى التاسع والعشرين من ابريل 1969م، وأثناء تهنئة القمص "صليب سوريال" لقداسة البابا كيرلس السادس بعيد القيامة، داعبه البابا قائلاً:" حبيبك هنا فى حلوان"، فقال له "من هو حبيبي؟" فقال قداسته: "أبونا متى"، فقال له القمص "صليب سوريال": حبيبي، لكن هو ابنك، فأجابه البابا طبعاً ده راهب كويس"، وانتهى الحوار برغبة قداسته في إنهاء الأزمة بتوجه الأب "متى" ورهبان وادي الريان إلى دير المحرق.

-يذكر القمـص "صليب سوريال" أنه في أثناء توجهه - بصحبة الأرشيدياكون "رمسيس نجيب" في يوم الأربعاء (30 ابريل 1969م ) - إلى مدينة حلوان لإبلاغ الأب "متى المسكين"، وأثناء جلوسه بالديزل المتجه إلى المدينة أخذته سنة من النوم، فسمع صوتاً يكرر في أذنه ثلاث مرات قائلاً: دير أنبا مقار، وهذا ما يدعوناً للتساؤل: هل كانت هذه نبوة أم توقع؟ وأعتقد في رأيى الشخصي أنها ربما يكون نبوة؛ لأن من ينظر إلى ما تم بعد ذلك بدير أنبا مقار يؤيد صدق ما أقول، وينظر إلى قول الكتاب المقدس: " قبلـــما خلقتك عرفتك". ويستطرد القمص "سليب سوريال" في مذكراته الشخصية:
- تقــابلت بالأب "متى المســــكين" في بيـــت التكريس بمدينة حــلوان، وعرضت عليه دير أنبا مقار للأسباب آلاتية:
ا- قريب من القاهرة؛ فيؤدى ذلك إلى إعادة النشاط الروحي وحركة التكريس.
ب- دير فقير لا يمتلك أموالاً، فتعمره (يقصد أبونا متى) مثل دير الأنبا صموئيل.
ج- لا يوجد به إلا ثمانية رهبان وكلهم شيوخ يحتاجون إلى خدمة.

على أية حال، بعد أن انتهى لقائي مع الأب "متى المسكين" بالإتفاق على الذهاب لدير أنبا مقار، عرض قدسه (الأب متى) علىَّ كتابة ثلاثة اختيارات وهى:
1-يترك الأب متى مسئولية هؤلاء الرهبان لقداسة البابا كيرلس.
2-يستمر هؤلاء الرهبان في وادي الريان ويعترف بهذا المكان ديراً.
3-الذهاب إلى دير أنبا مقار.
وفى أول مايو 1969م ، ذهب القمص "صليب سوريال" إلى قداسة البابا "كيرلس السادس"، ليخبره بالإتفاق النهائي مع الأب "متى المسكين"، على ذهابهم إلى دير أنبا مقار، ولكن قداسته أصر على دير المحرق، فقال له "القمص سوريال": " يا سيدنا مش هنحل مشكلة لكي نعمل مشكلة أخرى، لأنهم لا يقدرون على التفاهم مع أبونا قزمان".
فقال له قداسة البابا: "ومين اللى قال لك على دير أنبا مقار؟"
فقلت له ما ما حدث لي من سماعي صوت بالقطار يقول لي "دير أنبا مقار". فقال له البابا كيرلس: يعني هبط عليك الوحي!
فقال له القمص صليب: "تمام يا سيدنا، أوقات الوحي يستصغر له قسيس غلبان كده، ويروح نازل عليه، مش بس ينزل على البطاركة والمطارنة وهذا أمر الله!"
فضحك قداسته وقال له: "رأيك يا ابني مضبوط، هما ما كانوش حيرتاحوا فى المحرق، مبروك أبو مقار".

ويذكر "الأب متى" في مذكرته قائلاً: "في ذات يوم (9 مايو 1969م) أخبرني القمـــص صليب سوريال، بأن البطريرك يريد مقابلتك، فرفضت، فألح عليَّ وقال: إنه مريض ومتألــم، وطــار النوم من عينيـــه ثلاث ليالي متوالية، وهو يشعر بتأنيب الضمير، فذهبت مع ذات القمص، وتصادف وجود الأنبا "ميــخائيل" مطران أسيــــوط، ورئيس ديـر الأنبا مقار بالحياة في ديره، وقدم البابا اعتذاراً لي، وطلب منى السماح والحِل عما فات، وأعطاني هو السماح والحل، وصلينا القداس، وكان يوافق نياحة السيدة العذراء مريم".

على أية حال انتــــهت المصالحة وأزمة رهبـــان وادي الريان في 9مايو 1969م، وبدأ الأب متى المسكين ومن معه من الرهبان مرحلة جديدة في دير أنبا مقار.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ١٨ تعليق