أنا نِكَدي
بقلم: مينا ملاك عازر
هناك مقولة قالها الأستاذ "أنيس منصور" تعوّدت اذكرها في لحظات ضيقي -وهي كثيرة والحمد لله-، تقول هذه المقولة "الوجوه الضاحكة تُخفي ورائها قلوب حزينة" وأقرنها دائمًا بالقول الذي كان يردده أبي رحمه الله "ليه يا بنفسج بتبهج وإنتَ ورد حزين؟!!" وكنت أفهم أن اتذكر هاتين المقولتين عند حزني وضيقي، لأنني دائماً ما أضحك وأمازح من حولي، وأبتسم وأداري ضيقي على الأغراب، حتى أن أبي كان ينصحني بأن أكف عن ذلك ويقول لي "يا ابني إنتَ نجمك خفيف مش معقولة الناس كلها تشوفك بتضحك، وكل ما يشوفوك يلاقووك كده، إهدا حبة الناس مش بتشوف اللي جواك، ما يعرفوش اللي في قلبك" ولكن في هذه الأيام، والحمد لله، بقيت أعيط على طول، حتى في لحظة فرحي.
يوم أن حصلت على الماجستير بامتياز وتوصية بالطبع، وتداول مع الجامعات، وبعد أن كنت أهرج مع كل من في القاعة قبل إعلان القرار، حيث كان صديقي الصدوق يمزح معي مساومًا أياي ويسألني "تدفع كام وتاخد امتياز؟" فجاوبته بكل ثقة في الله، وفي العمل الذي قدمته، وفي مجهودي "أنا مش بألعب على الامتياز، الامتياز دة هاخده هاخده، لكن المهم التوصية بالطبع والتداول مع الجامعات" فضج الجميع بالضحك، أقول رغم هذا كله، وجدت نفسي أجهش بالبكاء بمجرد انتهاء اللجنة المناقشة من إعلان منطوق القرار في وسط اندهاش وذهول الحضور، والجدع اللي يسكتني. وقدموا لي بوكيه الورد الذي أرسله لي رئيس المجلس القومي للشباب الدكتور "صفي الدين خربوش" لتهنئتي بالمناقشة، من باب أن يواسوني ويهدئوني وأنا أبدًا مافيش.... مِديها عياط.
وأمس حينما سجلت خطة الدكتوراة، وما أن بارك لي المشرف على موافقة القسم على التسجيل، اتصلت بأمي لأطمئنها، وفي المكالمة انهمرت دموعي وكأني في عزاء!
وطبعًا في كلا المرتين، وفي المرات الأخرى المشابهة التي لم أذكرها لضيق المساحة، كان دايمًا سبب لدموعي حبايبي اللي ضاعوا مني، نعم كنت في كل مرة ابحث عن حبايبي ليشاركوني فرحتي، فأجد بعض منهم، وأكثرهم يكونون قد فارقوني.
وأذكر أنني سألت ربنا مرة وقلت له "ليه يا رب يوم فرحي يكون حزين؟ ليه تفتح الجرح وتخليه ينزف من غير أنين!؟ ليه الجرح اللي يدبل عند الناس في يوم ياخد عندي سنين!؟ كل ما يقفل ويندمل وأنساه تفتحه أفراحي بسكاكين!؟."
شفتم بقى إن أنا نكدي، حتى حينما نويت أكتب لكم مقالة ساخرة كتبت مقالة نكدية، سامحوني أصل أنا نِكَدي كنت أود أن تشاركوني فرحتي بتسجيل الدكتوراه فشاركتموني دموعي، معذرة.
المختصر المفيد، الحزن خير من الضحك لأنه بكآبة الوجه يصلح القلب.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :