CET 00:00:00 - 19/05/2010

مع القراء

الراسل : كيرلس عبد الملاك شحاتة
يحكى لنا العهد القديم فى أوائل سفر الخروج، عن العبودية التى كانت واقعة على شعب الله من قبل المصريين عابدى الأوثان، الذين تميزوا فى هذه الآونة بقمة القساوة، وعلى رأسهم الفرعون الذى كان ملكاً وإلهاً فى الوقت نفسه لكل المصريين. لذلك تألم اليهود ( شعب الله فى ذلك الوقت) بسبب عابدى الأوثان، الذين قاموا بإذلالهم على أكمل وجه إن صح التعبير. فأصبح  اليهود يئنون ويتأوهون ويصرخوا إلى الله، لكى يخلصهم من العبودية والإذلال العظيم الذى استمروا فيه لمدة أربع مئةٍ وثلاثين (430) سنة.

وبعد سنين من وجود الشعب فى مصر، أمر الفرعون، الذى لم يكن يعرف يوسف الصديق والحكيم، أن كل ابن يهودى يولد يطرحونه فى البحر، لأنه وجد أن عدد هذا الشعب يزيد.
وفى وسط هذه المشكلة الكبيرة الواقعة على شعب الله والذين ملأهم النواح والعويل على الأطفال الغارقين، كان الله يعمل ولكن فى صمت.

وبالرغم من أن الأم ولدت إبناً ذكراً. إلا أنها تصرفت بحكمة متناهية وبكل إيمان، بأن وضعت إبنها فى سَفط من البردى مطلى بالحمر والزفت، ووضعت السفَط على حافة النهر، وبدون سابق معرفة ومع مراقبة الأخت لأخيها، وصل السفَط لإبنة فرعون التى كانت تغتسل على جانب النهر.
 ولما فتحت ابنة فرعون السفط  وجدت الطفل فرَقّت له. وعن طريق أخته التى كانت تراقبه، جائت إليه أمه وأخذته لترضعه فى مقابل أجرة لذلك.

هكذا كان الله مع شعبه. يدبر لهم المنقذ من وسطهم، ما أعجبك يارب الجنود. أنك تتأنى لكنك لا تهمل أولادك.

 كبر الطفل فى بيت أبيه الحقيقى، وتشرب فيه التعاليم الإلهية وتسلم من أمه كل تاريخ آبائه، ثم جاءت به أمه إلى إبنة فرعون بعد فوات فترة الرضاعة، فصيرته لها إبناً ودعت إسمه موسى (المنتشل من الماء).

 كبر موسى أكثر فأكثر، دون أن ينسى تعاليم الطفولة، ولا نسى أمه أو أبيه أو أخته أو أخيه، هؤلاء الأشخاص الذين كانت صورهم محفورة فى عقله وقلبه.
كان يراهم فى شعبه المذلول والمطحون فى الأرض الغريبة،وبالرغم من أن مستقبله المهنى المضمون كان سيكون مرموقاً جداً، لكنه لم يتصور نفسه فيه، رافضاً إياه مفضلاً بالأحرى أن يُذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية( عب 11 : 25 )

 كان الشاب موسى قد تأثر بصفات المصريين الذين لم يكونوا قد عرفوا الله بعد، وهذا بسبب معاشرته لهم، كما يقول الكتاب المقدس "المعاشرات الرديئة تُفسد الأخلاق الجيدة"، ومن هذه الصفات الوثنية الفاسدة "العنف". وهذا العنف جعله يقتل الرجل المصرى حينما رآه يعتدى على رجل يهودى من شعبه، هذا المشهد المتكرر الذى طالما كان يراه دورياً ولم يحتمل مشاهدته.
 أدرك "موسى" أنه أخطأ لكنه لم يعرف إرادة الله بعد، كيف يتوب عن خطيته؟ كيف يغير من صفاته؟ .. لا توجد إجابة.

خرج فى اليوم الثانى .. وإذا رجلان يهوديان يتشاجران. فحاول حل المشاحنة إلا أن أحدهم بادره قائلاً : هل تفكر فى قتلى كما قتلت المصرى. وهنا وضحت الخطوة التالية فى حياة موسى،وهى هروبه إلى الصحراء من وجه فرعون مصر، لتتغير بذلك حياة موسى من الطابع السياسى المعقد إلى الطابع البدوى البسيط الهادئ، تائباً عن خطيته التى إقترفها فى بلاد العبودية، أربعين سنة ظل فيها موسى بالصحراء.

 وكان كل هذا تدبير الله لإعداد المخلص أو بالأصح الآداة التى يستخدمها الله لخلاص شعبه المستعبد
 رأى موسى عليقة (نوع من الأشجار) قلبها مشتعل بالنار دون أن يحترق أى غصن فيها، فلما اقترب "موسى" منها علم أن هذا ظهور إلهي من الإله القدير، الذى كلمه قائلاً: "لا تقترب إلى ههنا اخلع حذائك من رجليك لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة"، وعرفه بذاته ثم دعاه لتخليص شعبه المذلول فى مصر بالقوة الإلهية، بعد صراخ الشعب من قلوب تائبة بالحقيقة.

 وهذا هو بالضبط - من وجهة نظرى - ما حدث فى الأيام الأخيرة من قبل أقباط مصر المضطهدين فى بلادهم الجسدية، المتغربين فيها والتى سيتركونها عن قريب، ذاهبين منتقلين إلى بلادهم الروحية التى تسموا عن الأرض وما فيها.
 لذا بإيمان أقول: أن "موسى الجديد" (الذى لهذه الأيام) سيأتى بقوة الله.

 ومثلما أُنقذ "موسى" من الموت قتلاً على أيدى فرعون بطريقة عجيبة حينما كان طفلاً،  بل ونفد من القتل على أيدى فرعون أيضاً حينما كان ذو الأربعين سنة، هكذا سيكون موسى الجديد محمياً بقوة الله القدير، لا يقدرعليه فرعون الذى هو الشيطان، ولا أى جندى من جنوده.

تغرب موسى عن مصر لمدة أربعين سنة فى الصحراء، ولعل هذا يشير إلى أقباط المهجر الذين يرفعوا إسم المسيح على جباههم غير خائفين بالرغم من غربتهم عن بلادهم.

جاء موسى فى شيخوخته (خائر القوى) إلى مصر لإنقاذها بقوة الله ودعوته، وموسى الجديد أيضاً سيأتى هكذا بقوة الإله الحى ودعوته إياه، دون إتكال على ذراع بشرى.
لذلك لا تخافوا يا أقباط مصر، لأن موسى الجديد سيأتى عن قريب، من وسطنا بقوة إلهنا الرب يسوع المسيح الذى هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد، وكل فرعون سيحاول أن يبيد شعب الله الجديد، ستكون نهايته هو وجيوشه فى قلب البحر (الهلاك الأبدى). أما نحن فسنعبر البحر، دون أن تمسنا نقطة واحدة من مياهه، لنعيش الحياة الأبدية مع موسى الحقيقى يسوع المسيح إلهنا.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع