بقلم : القس رفعت فكري سعيد
طالعتنا جريدة المصري اليوم في عددها الصادر بتاريخ 1 مايو 2010 بخبر يتضمن وجود خطة عمل مطروحة داخل الجماعة لتحسين العلاقة مع الأقباط، يشرف على تنفيذها مكتب الإرشاد ونواب الجماعة والمكاتب الإدارية بالمحافظات، وتم إرسالها إلى جميع القطاعات والشعب والأسر لمناقشتها, والخطة تشمل ٩ نقاط أساسية وجاء فى نص خطة العمل: أولاً: الاتفاق على توجيهات عملية يقوم بها الإخوان جميعاً مثل:
التعرف على الجيران والزملاء المسيحيين والبدء بزيارتهم وتهنئتهم فى الأعياد ومواساتهم فى المصائب والأمراض ونشر فقه العلاقة مع غير المسلمين من كتاب الشيخ القرضاوى «فقه الجهاد.. وغير المسلمين فى المجتمع الإسلامى» عن طريق خطب الجمعة والدروس المسجدية واللقاءات الفكرية والندوات فى مقار النواب.

ثانياً: جمع ما تم إصداره من قبل كوثائق تحكم العلاقة بين الإخوان وبين الأقباط فى رسائل الإمام الشهيد.. هذا بيان للناس...إلخ.

ثالثاً: إعداد بحث فقهى ودعوى وحركى يقوم به الدكتور عبدالرحمن البر ولجنة البحوث والدراسات يتعلق بالاختيارات الفقهية التى تناسب الوضع حالياً فى قضايا: السلام والتهانى وعيادة المريض...إلخ «العلاقات الاجتماعية» وبناء دور العبادة «الكنائس» والمواطنة والجزية والنصوص القرآنية أو الحيثية المشكلة فى الحديث عن النصارى والدعوة للإسلام بين النصارى والتبشير للنصرانية بين المسلمين.

رابعاً: إعداد بحث تاريخى حول العلاقة بين الإخوان وبين الأقباط خلال الفترة السابقة «١٩٢٨ - ١٩٥٤» ثم «١٩٧٥ - ١٩٩٥» ثم «١٩٩٥ - حتى الآن» يقوم به أ. إسماعيل ترك «لجنة التاريخ»، وبحث لقضية الفتنة الطائفية والأطر الواقعية والشرعية لحلها.

خامساً: إعداد بحث حول «الأقباط فى مصر» قضايا ومشاكل الحريات ويمكن أن يكلف به أ. عبدالله الطحاوى «صحفى وباحث».

سادساً: عقد ندوات محدودة حول القضايا السابقة فى نقابة الصحفيين ومراكز حقوق الإنسان ومقار النواب والأحزاب السياسية بمشاركة رموز الإخوان.

سابعاً: عقد جلسات حوارية ببعض الشخصيات المعتدلة من المسيحيين لاستجلاء ما عندهم من تخوفات وتوضيح ما عندنا من مواقف وتقريب وجهات النظر حول النقاط «الحرجة مثل تطبيق الشريعة - بناء الكنائس - الدعوة إلى الإسلام بين النصارى - مشكلة التبشير.... إلخ».

ثامناً: تحديد النقاط المتفق عليها بيننا وبين النصارى وأثرها على الاستقرار والتنمية مثل: الدين - نشر القيم الأخلاقية والتسامح - الحرص على الوطن - المشترك الإنسانى - حتمية الخلاف الإنسانى ووجوب تفهمه وتقبله.... إلخ، ويمكن إنتاج عمل علمى أو إعلامى مشترك فى هذه القضايا.

تاسعاً: التركيز وإعادة التأكيد على المبادئ الأساسية التى تحكم علاقة المسلمين بالنصارى وأهمها ثلاثة مبادئ:
السعى المستمر لإزالة العداوات وتحقيق المودات , والبر والإحسان فضلاً عن العدل والميزان لغير المحاربين, والتصدى بكل قوة ووعى لمحاولات ضرب الأمة والسعى لشق صفها مع التفريق بين المخطئ والمصيب .

وتعليقاً على خطة الجماعة المحظورة لنا بعض الملاحظات :-
أولا ً : مما لاشك فيه أن المسيحيين في مصر منفتحون لأي حوار مع أي أحد مغاير دينياً أو ثقافياً , فبدون الحوار والمصارحة لن تحدث المصالحة .

ثانياً : هذه الخطة تدعونا لأن نتساءل لماذا الآن ؟ لماذا فكرت الجماعة المحظورة في المسيحيين ولماذا قررت عمل خطة لتحسين العلاقة معهم , أعتقد لأننا في مصر مقبلون على موسم انتخابات برلمانية ورئاسية فلا بأس من محاولة كسب أكبر عدد ممكن من المسيحيين , فإذا لم تستطع الجماعة المحظورة أن تكسبهم في صفها فهي على الأقل تحاول أن تحيدهم بدلاً من أن يكونوا ضدها !!

ثالثاً : لست أدري خطة العمل هذه والتي تتضمن العلاقة مع المسيحيين ووجوب تهنئتهم وحقهم في بناء الكنائس,  هل مطلوب دراستها ومناقشتها من الجماعة المحظورة فقط أم من معظم المسلمين أيضاً الذين لا ينتمون للجماعة المحظورة ؟!!

رابعاً : بدلاً من المناورات وتضييع الوقت والجهد في خطط قد لا تفيد كثيراً , أعلنت الجماعة المحظورة أكثر من مرة أنها لاتوافق أن يتولى مسيحي رئاسة الجمهورية , وهذا التصريح في حد ذاته كفيل أن ينسف مبدأ المواطنة من الأساس , ثم لست أدري كيف يريدون مناقشة مبدأ المواطنة وهم في ذات الوقت يرفضون أن يتولى مسيحي رئاسة الجمهورية , ويرفضون أن تُعامل المرأة معاملة مساوية للرجل, هذه التصريحات والمواقف الواضحة تؤكد أن الجماعة المحظورة لاتريد إصلاحاً ولاتريد مواطنة ولا تبحث عن مساواة ولكنها مناورة سياسية تحاول من خلالها تقديم خطاب في ظاهره المساواة وفي باطنه التمييز !!

خامساً : وأيضا ما يؤكد أن الكنائس هي أماكن غير مرغوب فيها في نظر الجماعة المحظورة ما نشرته مجلة الدعوة في إصدارها الثاني ففي العدد رقم 56 والصادر في شهر ديسمبر عام 1980 أجاب أحد كبار مشايخ الإخوان وهو الشيخ عبد الله الخطيب عن سؤال حول حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام فقال سيادته ما نصه ( إن حكم بناء تلك الأشياء – على حد تعبيره – في ديار الإسلام على ثلاثة أقسام : الأول : بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها كالمعادي والعاشر من رمضان وحلوان وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة والثاني ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية وهذه أيضاً لا يجوز بناء هذه ( الأشياء ) فيها – بل إن الشيخ يؤكد أن بعض العلماء طالب بوجوب الهدم لأنها مملوكة للمسلمين – والقسم الثالث ما فُتح صلحاً بين المسلمين وبين سكانه والمختار هو إبقاء ما وجد فيها من كنائس وبيع على ماهي عليه في وقت الفتح على أن يمنع بناء أو إعادة ما تهدم منها ). والمحصلة النهائية المستخلصة من فتوى الإخوان هي حتمية غياب الكنائس في ديار الإسلام ويترتب على ذلك منطقياً إنه لا مكان لغير المسلمين في مصر فالشيخ ينهي فتواه مشدداً بوضوح على أنه لا يجوز إحداث كنيسة في ديار الإسلام. والسؤال الذي أراه يفرض نفسه هنا مارأي فضيلة الشيخ عبد الله الخطيب من هذه الفتوى ؟ هل لا زال متمسكاً بها أم أن لديه رأياً آخر ؟!!!!!

سادساً : إنني كمصري مسيحي أرفض أن يمن علي أي أحد بحق المواطنة , فأنا مواطن ولي حقوق كاملة ولن أسمح لأي أحد أن يعطيها لي ناقصة ولو شيئاً ضئيلاً , لن أرضى إلا بحقوقي كإنسان كاملة , وكمواطن مصري مسيحي أرفض خلط الدين بالسياسة فلا سياسة بمرجعية دينية سواء كانت تلك المرجعية مسيحية أو إسلامية , ومن هنا يجب على كل المثقفين الشرفاء أن يناضلوا لأن تصبح مصر دولة راقية متحضرة وهذا لن يحدث إلا من خلال إطار علماني !!

راعي الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف – شبرا
refaatfikry@hotmail.com