CET 00:00:00 - 23/05/2010

مساحة رأي

بقلم: نسيم مجلى                                   
هو المؤرخ الكبير والبناء العظيم  والمحقق صاحب الاكتشافات الوثائقيةالهامة فى تاريخ الحروب الصليبية والدراسات الاسلامية.
ولد عزيز سوريال عطية بقرية العايشة مركز زفتى مديرية الغريبة فى يوليو 1888 وتوفى فى 24 سبتمبر 1988 إثر أزمة قلبية فى سولت ليك سيتى بالولايات المتحدة .
وبين البداية والنهاية رحلة طويلة حافلة بالجهد والإصرار انتقلت به عبر البحار والمحيطات، وربطت فكره بتراث الشرق ومناهج الغرب ، وكانت نتائجها باهرة على مستوى البحث والتأليف وأيضا فى مجال تحقيق الوثائق  والمخطوطات.
كذلك فإن دوره فى مجال الانشاء والعمران كان مصدر اعجاب وتقدير فى الداخل والخارج ،   فقد أسس عزيز سوريال معهد الدراسات القبطية بالقاهرة وأسس مركز الدراسات العربية والاسلامية بجامعة يوتا. وهو دور يشهد به أساتذة جامعة يوتا ويؤكده بروفسور راى أوبلين رئيس جامعة يوتا الذى ينسب فضل الارتقاء بهذا المركز وكذلك المكتبة الى الد كتور عزيز سوريال، ومن ثم كرمته الجامعة وأساتذاتها  فأطلقوا اسمه على المكتبة ووضعوا صورته فى مدخلها. استكثر عزيزسوريال هذا التكريم وقال فى تواضع جم "اننى عبد أشتغل عندكم "، فقالوا:
 نحن نتوج العبيد متى استحقوا التتويج " هذا هو سر تقدم الغرب .إن التقدير لابد أن يكون  للعبقرية وللابداع والإنجاز وليس للمحاسيب.
لقد كانت الانطلاقة الحقيقية فى حياة عزيز سوريال هى سفره الى جامعة ليفربول حيث وجد التشجيع  العلمى والتقدير الحقيقى.فقد تتلمذ  على بروفسور كوبلاند، أشهر أساتذة تاريخ العصور الوسطى فى ذلك الوقت، وحصل على الماجستيرعن بحثه " حملة نيقوبوليس الصليبية " 1396 وهى دراسة علمية لفتت اليه أنظارالباحثين عند نشرها لأنه أثبت كما يقول الدكتور سعيد عاشور  أن ذيول الحروب الصليبية استمرت حتى أواخر القرن الرابع عشر للميلاد ، كما اثبت أن الصراع بين العثمانيين والقوى الأوربية وبخاصة فى البلقان كانت له مسحته الدينية . وأنه يعبر عن حلقة أخيرة من حلقات الصدام بين القوى الإسلامية والقوى المسيحية فى العصور الوسطى.

أما كتابه الثانى "  الحروب الصليبية فى أواخر العصور الوسطى" فهو عبارة عن رسالة حصل بها على درجة  الد كتوراه من جامعة ليفربول 1938 بين فيها مظاهر التغير الذى طرأ على العالم غربا وشرقا فى أعقاب الحروب الصليبية . وكشف عن ردود الفعل التى تمثلت فى حركة مضادة قام بها سلاطين المماليك انتهت بغزو أرمينيا الصغرى وقبرص ورود س ، ثم ما قام به العثمانيون من توسع فى بلاد البلقان .
وإذا  نظرنا الى كتابه " المسيحية الشرقية " الذى نشره فى لندن 1968   نجد كتابا فريدا فى بابه إ ذ  خصصه لدراسة تاريخ الكنائس الشرقية غير الإغريقية.وهذه الكنائس هى  الكنيسة القبطية والأثيوبية ، و اليعقوبية والنسطورية ،و الأرمينية والهندية والمارونية وكنائس النوبة وشرق أفريقيا التى اندثرت.  والكنائس الرئيسية فى الشرق قامت فى الأصل على بشارة رسولية ، وظهرت جميعها إلى الوجود فى وقت كانت فيه ذكرى صعود المسيح مازالت حية فى الأذهان .ومن ثم كانت أهمية هذه الكنائس فى سنوات تكوين العقيدة  وفى استمراريتها، عبر القرون مما لا يترك مجالا للشك فى أهمية هذا الفصل فى الحوليات المسيحية .

وعن هذا يقول الدكتور عزيز عطية: 
"لقد حاولت أن أرى واحكم على الحقائق المجردة للمسيحية الأولى فى الشرق بصرف النظر عن التراكمات المتأخرة ، والحواجز المتولدة عن مجادلات العصور الوسطى والعصر الحد يث . والواقع ، أن هناك لاهوتيين حسنى النية ومفسرين لامعين من المنتمين إلى الطوائف والكنائس المسيحية ،قد تسببوا بفعل مجادلاتهم فى صرف العقل الغربى عن الكثير من نقاء المسيحية وبساطتها كما تجلت فى أصولها الأولى  بالشرق."
وفى هذا المجال يأتى دوره فى تحرير الموسوعة القبطية التى Coptic Encyclopedia التى نشرتها شركة ماكميلان، ولابد  أن نعترف أنه استطاع بحكم موقعه فى جامعة  يوتا أن يقنع رئيس الجامعة وهيئة البحوث الأمريكية، وهى أعلى هيئة للبحوث العلمية فى العالم لتعضيد مشروع هذه الموسوعة  وتمويله حتى  صدرت سنة 1989، وفى رأيه أن هذه الموسوعة هى عمل اعلامى عن طريق العلم.
" لان تعريف العالم بالكثير عن الأقباط ، هو خط الدفاع عن حضارتنا وعن كياننا . ان تنفيذ الاعلام عن طريق العلم ، لا يأتى إلا بدائرة المعارف القبطية، لان حضارتنا القبطية حضارة كاملة شاملة ، تشمل كل شئء عن تاريخنا، وعن كنيستنا وعن كل نواحى  الحياة عندنا من فن ومعمار وعلم ولاهوت وكل شئء يختص بالأقباط" ( من حديث خاص لمجلة (مدارس الاحد) عدد807 ).

وكذلك كانانشاؤه لمعهد الدراسات القبطية فى سنة 1954 لسد الفراغ الواضح فى هذه الناحية الحضارية. وبعد سنوات علق عزيز سوريال  على  هذا  الأمر بكثير من الأسف:"عندما أسست معهد الدراسات القبطية ، كان كل أملى أن يقوم المعهد والأقباط بهذا المشروع لعمق جهل العالم بالقبط، وجهل القبط بالقبط ايضاً ، ولكن للأسف لا معهد الدرسات قام بشئء فى هذا الصدد ولا الأقباط اهتموا بهذا المشروع ، وفى هذا رأيت بنعمة الله أن اتولى هذا المشروع وأقوم به ." ولو كان عزيز سوريال بيننا  ورأى ما حاق بالمعهد القبطى من تدهور وتخلف علمى لأصابه الذهول  "
فإذا انتقلنا إلى مجال تحقيق الوثائق والمخطوطات وهو موضوع احتفالنا اليوم فلابد أن نشيد بدوره فى تصوير مخطوطات دير سانت كاترين العربية وهو عمل جليل وهام للباحثين فى تاريخ مصر والشرق الأدنى وعموماً وفى تاريخ الأديان بصفة خاصة .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق