بقلم : ماريانا يوسف
أعلنت اللجنة العليا للقراءة للجميع عقب إجتماعها الأربعاء الماضى برئاسة السيدة "سوزان مبارك"، قرينة الرئيس، أن "القراءة حق للجميع" هو شعار الحملة لهذا العام، وذلك فى ظل الإحتفال بالعام العشرين لمهرجان القراءة للجميع السنوي، والذى يبدأ مع فصل الصيف من كل عام.
ورغم أن "القراءة حق للجميع" هو شعار جميل بالفعل، وجيد أن تحفز الحكومة، أو قرينة الرئيس، المواطنين على القراءة بإعتبار أنها السبيل نحو الإيمان، والعلم، والمعرفة.
و لكن هذا ليس كل شىء، فالقراءة كما هى وسيلة نحو المعرفة و الإيمان، هى أيضًا الوسيلة للوقوع بين براثن الإيمان بالخرافات والمعرفة الغير سليمة، فبالقراءة تنفتح الأبواب المغلقة، ونتحدى الجهل والقمع والإستبداد، وبها أيضا تصبح العقول أشد إنغلاقًا و تعصبًا.
وبرغم أنها أداة من أدوات العلم والمعرفة، إلا أنها قد تكون فى الوقت ذاته أداة للجهل والرجوع إلى الوراء، وذلك إعتمادًا على نوعية الكتب التى يقرأها الإنسان – هذا فى حالة أن لجأ المصري إلى القراءة من الأساس – لأنه فى أوقات كثيرة يحب التلقين من وسائل الإعلام المرئية، أو المسموعة، فهو يقرأ بأذنه من خلالهما مفضلاً ذلك عن القراءة بعينيه، وقلبه، وعقله من خلال تلامسه مع صفحات الكتاب الورقية، وقد يرجع ذلك لعدم توافر المال لشراء الكتب، أو عدم توافر الوقت المناسب بعد عناء يوم عمل طويل، أو .. أو لأسباب أخرى عديدة.
أين باقى الحقوق؟!
إن الإعلان عن البدء فى مهرجان القراءة للجميع السنوي، خبر جميل بالفعل، وإحتفال سنوى مميز، ولكن الذى كان سيثلج صدورنا بالفعل، أن يتم الإعلان عن مهرجان مماثل يُذاع فيه أن " المواطنة حق للجميع"، أو "الصحة حق للجميع"، أو "السكن حق للجميع"، أو "حرية الإعتقاد حق للجميع"، أو .. أو .. أو من الحقوق الإنسانية التى من المفترض أن كفلها الدستور المصري فى مواده للمواطنين المصريين.
وقد نلاحظ جميعنا أن الحكومة تهتم بالحقوق التى تريدها فقط، و تغفل عن قصد، أوعن غير قصد، وأنا هنا حسنة النية، بباقى الحقوق، كما لو كانت القراءة فقط هى التى تتناسب مع سياسة الحكومة الحالية، وباقى الحقوق ليس لها مكان فى أجندتها، التى تطبقها حسبما يتفق مع خطط الحزب الحاكم، بهدف إلهاء المواطنين عن المطالبة بباقى الحقوق.
وإنى لأجد من الضرورة أن أتوجه بدعوة حتى تأخذ القوى الوطنية على كاهلها المطالية بباقى الحقوق التى هى (للجميع).
حقيقة استفزتنى كلمة "للجميع"، تلك المصاحبة لشعار المهرجان، فالقراءة فقط فى "مصر" حسبما قالت الحكومة هى الوحيدة للجميع.
فحرية الإعتقاد ليست حقًا للجميع، ولكنها مقصورة فى "مصر" للتحول من أى ديانة إلى الإسلام، وليس العكس.
وكذلك الصحة ليست حقًا للجميع، فهى حق فقط لأعضاء البرلمان، و الذين لديهم وساطة معهم، للعلاج على نفقة الدولة، أو لذوى الأموال الذين يعالجون أنفسهم على حسابهم.
وأيضًا السكن ليس حقًا للجميع، فأهالى "الدويقة" مازالوا بلا مأوى ، وأكثر من (40 %) وفقا للإحصائيات من الشعب المصري، يسكن فى العشوائيات بلا مرافق .. وغيرها كثير من الحقوق- غير المكفولة للجميع- التى يتمنى المصريون أن تتبناها السيدة قرينة الرئيس حتى تصبح ( للجميع).
فالقراءة شىء مفيد وهام بالفعل، ولكن هناك أشياء أكثر أهمية للمواطن المصري من القراءة، فالمصري لن يموت إن لم يقرأ، و لكنه بالتأكيد سيموت إن اختلط ماء الشرب بمياه الصرف الصحي، أو إن سكن العراء فى (عز) الشتاء، أو إن مرض ولم يجد العلاج. |