بقلم : القس رفعت فكري سعيد
طالعتنا وسائل الإعلام بخبر القبض على سبعة أشخاص إنجيليين في محافظة الإسكندرية لأنهم كانوا يقومون بالتبشير, وتضاربت الأنباء حول البلاغ ومن الذي قام به كما لم نجد أي إثبات يؤكد إنهم كانوا يبشرون مسلمين, كل ما قيل إنهم كانوا في زيارة لإحدى الأسر المسيحية , وأياً كان الموقف وسواء تحدثوا عن السيد المسيح والمسيحية مع مسلمين أو غيرهم , فمن الذي قال أن التبشير جريمة؟ وبأي تهمة أُلقي القبض عليهم؟!! وهل أصبح التبشير بالمسيح خاضعاً لقانون الطوارئ؟!!
كما طالعتنا قناة الـBBC بفيلم وثائقي عن المتنصرين في العالم العربي , وتضمن الفيلم بعض المعاناة التي يلاقيها المتحولون من الإسلام للمسيحية في عالمنا العربي, ولكنه أيضاً في ذات الوقت شن هجوماً على المبشرين بالمسيحية وعلى بعض القنوات الفضائية .
وتعليقاً على قضية التبشير لنا بعض الملحوظات :-
أولاً :- لابد أن نؤكد أن هناك فرقاً شاسعاً بين النصرانية والمسيحية , فالنصرانية كانت موجودة منذ القرن الأول وكانت منتشرة في بعض الأماكن وكانت موجودة بكثرة في شبه الجزيرة العربية, ومعتنقو النصرانية لم يكونوا مؤمنين بلاهوت السيد المسيح ولا بصلبه ولا بقيامته , ومن ثم فالنصرانية ليست هي المسيحية ولكنها تختلف اختلافاً كلياً عنها, وللدقة نقول أن المتحولين اليوم من الإسلام أو من غيره من الأديان, لم يتحولوا إلى النصرانية ولكنهم تحولوا إلى المسيحية , ومن ثم فإن ألفظاً مثل : "متنصر" أو "تنصير" أو "متنصرون" تعتبر ألفاظاً غير دقيقة !!
ثانياً :- منذ فجر المسيحية ورسل المسيح وحواريوه يذهبون إلى بقاع الأرض ليبشروا وليكرزوا بالمسيح المقام وفي جولاتهم لم يحتلوا بلداناً ولم يستعمروا مدناً ولم يجبروا أحداً أن يؤمن بالمسيح قسراً أو رغماً عنه وكذلك فإنهم لم يستغلوا فقر الفقراء وحاجة المحتاجين ليغدقوا عليهم بالأموال الطائلة والهدايا الثمينة ليؤمنوا بالمسيح . فالسيد المسيح في تجسده لم يجبر أحداً على تبعيته رغماً عنه فعندما لم تفهم الناس حقيقة رسالته أو عندما فهم البعض رسالته ولكنهم وجدوها غير ملائمة لمطاليبهم إذ كانوا يتبعونه ببطونهم وجيوبهم لا بإرادتهم وقلوبهم رجع كثيرون إلى الوراء وارتدوا عن السيد المسيح علناً ولم يعودوا يمشون بعد معه فحينئذ قدم السيد المسيح لتلاميذه الحرية الكاملة ليرجع إلى الوراء ويرتد من شاء منهم وقال لهم بمنتهى الصراحة والوضوح ألعلكم أنتم أيضا تريدون أن تمضوا ؟ فقال له بطرس يارب إلى من نذهب كلام الحياة الأبدية عندك يوحنا 6 :66-71
إن السيد المسيح لم يجبر أحداً على تبعيته وكذلك فهو لم يساوم الجماهير أو يغريها لتسير وراءه إنه قال لتلاميذه صراحة من يريد أن يتركنى ويرتد عني فليفعل بمنتهى الحرية وكان التلاميذ واثقين في أنه لن يقتل المرتدين ولكنهم أصروا على تبعيته والسير خلفه حباً فيه لا خوفاً منه . أحبوه لأنه أحترم حريتهم وإرادتهم ولم يجبرهم على شئ .ومن هنا فالاستعمار ليس من المسيحية في شئ وكذلك الإيمان بالمسيح يجب أن يكون بالإقتناع القلبي والعقلي وليس بإطعام الأفواه وتسديد الاحتياجات المادية .
ثالثاً :- التبشير مهمة ليست منوطة به كنيسة معينة دون الكنائس الأخرى ولكنه أمر كتابي طالبنا به السيد المسيح قبيل صعوده إلى السماء إذ قال لتلاميذه وحوارييه ( إذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها ) وهذه الدعوة للكرازة والتبشير لم يختص بها السيد المسيح الكنائس الغربية دون الشرقية ولكنها دعوة عامة لجميع الكنائس ولكل المؤمنين بالمسيح وإلا فليقل لنا قادة الكنائس الشرقية والمصرية كيف يفهمون وكيف يفسرون وصية سيدنا يسوع المسيح ؟!!
رابعاً :- كلمة (إنجيل) في أصلها اليوناني تعني البشارة المفرحة أو الخبر السار ومن ثم فالمسيحيون عندما يبشرون ويكرزون بالإنجيل فهم يقدمون رسالة مفرحة وخبراً ساراً للعالم من حولهم وهذا الخبر السار مضمونه أن المسيح تجسد وعاش بيننا ومات على الصليب لأجل فدائنا وقام من بين الأموات في اليوم الثالث وسيأتي ثانية والمؤمنون به ستكون لهم حياة أبدية . هذا هو الإنجيل وهذا هو خبرنا السار وهذه هي بشارتنا المفرحة فهل يوجد في هذه البشري ما يندى له الجبين ؟!! وهل في هذه البشارة ما يدعونا للخجل ؟! وهل في هذه الأخبار السارة مايجعل البعض يتنكرون للتبشير ويتبرأون منه ؟!!!
راعي الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف – شبرا
refaatfikry@hotmail.com |