بقلم: أحمد الأسوانى
هذا السؤال يتردد بقوة بين كثير من الناس سواء داخل "مصر" أو خارجها، خاصة وسط تأكيدات متكررة من الرئيس، والحكومة، واللجنة العليا للأنتخابات، التى ستشرف على كافة الإنتخابات القادمة وبالطبع منها إنتخابات مجلس الشعب التى ستتم خلال عدة شهور، ولكن قبل أن نجيب على هذاالسؤال يجب أن نعود بالذاكرة إلى خمس سنوات مضت، أى إلى سنة 2005 ، وهى السنة التى أُجريت فيها الإنتخابات الماضية.
فقبل إجراء هذه الإنتخابات، كان هناك أيضًا تأكيد رئاسى من الرئيس شخصيًا بنزاهة الإنتخابات، وتأكيد حكومي على أعلى مستوى بذلك. وكانت هناك أيضًا لجنة عليا للإنتخابات. ولكن كل هذا لم يشفع لأحد! وخرجت الإنتخابات فى هيئة مزرية، وكانت فضيحة فى المحطات الفضائية، المحلية والعالمية، وعلى أغلفة المجلات والصحف المصريه والأجنبية، مع أن وقتها كانت تتم تحت اشراف قضائى كامل، وكانت
أركان الفضيحة، والمسجلة بالصوت والصورة كالتالى:
* العبث فى قوائم الناخبين المسجلين فى اللجان، بحيث يقضى المواطن يومًا كاملاً للبحث عن اسمه بين اللجان، ومنهم من قد انتخب فى لجنه معينة عدة مرات من قبل، ولكن فى هذه المرة لم يجد اسمه بالمرة!!
وكثيرين بعد اللف والتجوال بين اللجان، تعبوا وفضلوا التخلى عن حقهم فى التصويت، وهوماتم تسجيله بالصوت والصورة، من كافة المراسلين والصحفيين، حتى فى التليفزيون الرسمي.
وخرجت الوعود الرسمية أيامها بأنه ستتم عملية تنظيم وترتيب لقوائم الناخبين، وسيتم إخطار كل مواطن باللجنة التى يمكن له التصويت فيها، وذلك قبل إنتخابات 2010 .
ولأنى أحد من تجولوا بين اللجان ولم يجدوا أسمائهم فى أى لجنة، فأنا أشهد أنه لم يخطرنى أحد بلجنتى، وبما أسمع عنه يمكننى الإقرار أنه لم يحدث أى تنظيم أو ترتيب لقوائم الناخبين، وسنجد نفس المشكلة فى الإنتخابات القادمة.
وللتذكير لم يشعر أنصار الحكومة بهذه المشكلة؛ لأنه كانت تصلهم إلى منزلهم البطاقة الأنتخابية، وبها رقم اللجنة وعنوانها، ومنهم من كانوا يذهبون فى وسائل نقل جماعية تابعة للحكومة.
* ظاهرة البلطجية الذين كانوا يعتدون على الناخبين بالأسلحة البيضاء، وفى حراسة الشرطة المصرية التى ظهرت فى صور كثيرة، وفى أفلام مسجلة، وهى تغض الطرف عن هؤلاء المسلحين وهم يرهبون الناخبين وأنصار مرشحى المعارضة، ويعتدون عليهم فى صورة فجة بشعة، بل وتم الإعتداء أيضًا على بعض القضاة، الذين حاولوا التصدى لهؤلاء البلطجية. وكان مشهد هؤلاء المسلحين بأسلحتهم المشرعة دافعًا لكثيرين بعدم الذهاب للتصويت؛ إيثارًا للسلامة. وأيامها خرجت التصريحات الرسمية تفيد بالقبض عليهم، وأنهم سيتم محاكمتهم على ما فعلوه، وها قدمرت خمس سنوات ولم يحدث هذا.
بل لقد صرّح بعضهم أيامها علانية، للصحف المصرية الخاصة، أنهم مسجلين خطرين، وقد أخرجتهم الشرطة خصيصًا للتعامل مع المعارضين وأنصارهم خلال الإنتخابات، ولم يرد أحد حتى الآن على هذه الإدعاءات.
*ظاهرة منع الشرطه للناخبين من الإدلاء بأصواتهم، وهذه أيضا شاهدها العالم أجمع على شاشات التليفزيون، ومنها لقطة لسيدات ورجال فى احدى القرى المصرية، وهم يتسلقون سلم خشبى على جدار اللجنة؛ ليتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم، بينما رجال الأمن يقفون على باب اللجنة بأسلحتهم؛ لمنعهم من الدخول!! وهى صورة لايمكن للإنسان أن ينساها بسهولة، ولايشفع لهم أن يقول البعض أنها لمنع الإخوان أوغيرهم؛ لأننا مادمنا قد ارتضينا صندوق الإنتخاب ليكون هو الفيصل، فليكن..
والكارثة الكبرى هى فى اللجنة العليا للإنتخابات، وهى لجنة يرأسها قاض كبير، وبها بعض القضاة، وشخصيات عامة، والمهم أن من يختار هذه اللجنة هو رئيس الجمهورية، وهو رئيس الحزب الحاكم، وهذه اللجنة هى لجنة صورية، لا تدير شيئًا على الأرض، ولكن كل شىء فى يد وزارة الداخلية كما كان، وهى التى تمنع، وتوافق،
وتسمح، وتضرب من تشاء، فى أى وقت تشاء. وحتى لو تم عمل محاضر رسمية بالمخالفات والأعتداءات فلن تغير شيئًا؛ لأن النائب الذى ينجح بإذن الداخلية، ويُعلن نجاحه، لاتؤثر فيه أى أحكام قضائية أومحاضر رسمية؛ لأن البدعة المصرية القاضية بأن المجلس سيد قراره، تحمى كافة المجرمين والمخالفين من أن تهتز كراسيهم.
كل هذا كتبته لأنى استفززت للغاية من الإعلان المتوالى على مدار الساعة فى القنوات المصرية، ويدعو الناس إلى الذهاب إلى صناديق الإنتخاب؛ للتعبير عن رأيهم، وأن المشكلة فى سلبيتهم، وهو بالمناسبة رأى كثير من النخبة المثقفة المصرية.
ولكننى كأحد أفراد هذاالشعب، أعلم جيدًا أن الرئيس لوكانت له رغبة حقيقية فى نزاهة الأنتخابات، لتم تلافى السلبيات التى أشرت إليها من قبل، وغيرها كثير. ولتكونت لجان لدراسة ما جرى فى الإنتخابات السابقة، ومحاسبة من أجرم ومن أخطأ، ولكنك تحس أن الجميع أُصيب بـ"الزهايمر"، وفقدان الذاكرة! لتتكرر نفس الكارثة، وتفيض الصحف والفضائيات بالجرائم التى حدثت. وسنسمع نفس الكلام عن نزاهة الأنتخابات، وأن التجاوزات سيتم التحقيق فيها، وستجد نفس المعارضين يشتكون مما جرى لهم بنفس الكلام.
لذلك فأنا أرى أنه ما لم تتغير قواعد اللعبة، وما لم يكون هناك رغبة حقيقية بالنزاهة، فلن يتغير شىء. ومن يشارك فى هذه المهزلة المفضوحة، هو شريك لهم، يقوم بدوره المرسوم فى تمثيلية هزلية لم تعد تضحك أحد.