صرخة مربي الخنازير: "الحكومة عايزة تموتنا بالحيا"
قرار رئيس الجمهورية في الثلاجة!
محافظ القاهرة السابق خصص أرض لمربي الخنازير داخل محمية "وادي دجلة"!
"نادى خلة": لا شغل ولا مَيّه عايزين يموتونا بالحيا!
"عيد تاوضروس": نحتاج إلى مصاريف لتعليم أولادنا لأن التعويضات كانت ضعيفة جدًا.
عم "محروس": احنا عايزين صرف وميه بس لا أكثر ولا أقل.
تحقيق: عوض بسيط – خاص الأقباط متحدون
هناك.. في حنايا المقطم، أناس يعيشون على الهامش..وكأنه عالمٌ مستقل بذاته بعيدًا عن كوكبنا، لا نعرف عنهم سوى أنهم "جامعو القمامة"، أو "مربو الخنازير" وكلا المهنتين تعودنا التأفف منهما، وللأسف تأففت الدولة أيضًا عن مد يد العون لهم، بل مدت يد البطش إلى مصدر رزقهم الأول بالإعدام.
فقد تسبب قرار الحكومة المصرية بإعدام (300) ألفًا من ثروة "مصر" الحيوانية من الخنازير (بحسب وزارة الزراعة) في مايو 2009 إلى إلحاق الضرر بسبل حياة حوالي (70) ألف شخص من مربي الخنازير. (بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين" التابعة للأمم المتحدة).
بانتظار القضاء
قالت المحامية "هويدا العمدة"، وهي وكيلة عدد من المتضررين الذين قرروا مقاضاة الدولة التي "قطعت عيشهم" بحسب تعبير بعضهم،: إنها تسعى لا للحصول على مجرد تعويض للمتضررين، بل إلى إلغاء القرار السلبي بإعدام الخنازير لإعادة تربيتها، وذلك في القضية المؤجلة إلى 5 يوليو أمام مجلس الدولة.
قرار جمهوري صامت!
المفاجأة التي فجرها "إسحق ميخائيل بولس"- مدير جمعية رجال جمع القمامة لتنمية المجتمع- هي أن هناك قرار جمهوري يحمل رقم (271) لسنة 2009 بإعادة توطين مربيّ الخنازير، وتخصيص مساحة (238) فدانًا من الأراضى المملوكة للدولة لتوطين أنشطة تربية الخنازير بمحافظتي (القاهرة وحلوان).
وأضاف "بولس": إنهم خاطبوا وزارتي الإسكان والإدارة المحلية، وجهاز التخطيط العمراني لتفعيل القرار الجمهوري، حتى يستطيعوا إعادة تربية الخنازير والتخلص من النفايات العضوية، ولكن لم يحدث أي رد فعل إيجابي.
أخطاء محافظ!
وسرد "بولس" ما هو أغرب: ففي عام 2009 قرر محافظ القاهرة (د. عبد الرحيم شحاتة)، نقل نشاط جامعي القمامة وحظائر الخنازير خارج الكتلة السكنية فرحبوا بذلك وتم تخصيص (50) فدانًا بـ"المعادي الجديدة"، وتكلفوا نحن (900) ألف جنيه لعمل الخرائط المساحية، كما تكفّل مربو الخنازير ببناء (75) حظيرة تصل تكلفة الواحدة إلى (20) ألفًا؛ حيث أن المنطقة ليس بها أية مرافق، وأنهم فوجئوا بعد ذلك بالقبض على أصحاب الحظائر بدعوى أن المنطقة داخل نطاق محمية "وادي دجلة"!!
وأضاف "بولس": إنه تم مرة أخرى إعادة تخصيص أرض جديدة على بعد (12) كم، وإنهم حصلوا على موفقة كل الجهات حتى الجيش، ثم فوجئوا بعد ذلك بأن الأرض تدخل في نطاق طريق دولي!
وتساءل "بولس": فكيف يخصص المحافظ قطعة أرض عليها إشكالات؟!. لا أعرف!
النتائج المترتبة على اعدام الخنازير
وأكد "بولس" أن الخنازير كانت تمثل من 10إلى 15% من اللحوم الحمراء، وأن الفنادق كانت تعتمد عليها بالإضافة إلى بعض الأقباط ، وأن جامعي القمامة كانوا يستغلون المخلفات العضوية لتغذيتها، موضحًا أنه بعد إعدام الخنازير ارتفعت أسعار اللحوم، وتراكمت القمامة في شوارع "القاهرة".
وقال "بولس" إنه لا يتوقع حكمًا إيجابيًا في القضية، خاصةً أن التعويضات السابقة لم تكن مناسبة لحجم الضرر.
"الحلاليف" كانت أكل عيشنا!
ومن جانبه ، قال "إسحق نظمي مكسيموس" وهو أحد المتضررين: إنه كان يملك حوالي (200) رأس من الخنازير فوجئ بإعدامها، وإن التى كان يبيعها بـ(100) أصبحت بـ(100)، وبذلك فقد خسر من (50) إلى (70) ألف جنيه. وإنه الأن يجمع (الكرتون) ليستطيع الحصول على الطعام.وقال بالحرف الواحد "كنا بنبيع بالعشر آلاف، دلوقت هنبيع إيه بالعشر آلاف؟الحلاليف كانت أكل عيشنا. احنا (45) نفر في البيت، أقل خميس بنصرف (700) جنيه على الأكل، نجيبهم منين دلوقت؟...التاجر اللي كنا بنشتري منه ليه عندنا فلوس وبنسددها بالتقسيط. وقالولنا هناخد تعويضات بعد كده ومأخدناش حاجة. معايا 3 إخواتي لسه ماتجوزوش أجيبلهم منين؟!".
وعندما سألنا "إسحق" عن القضية قال أنه لا يعلم عنها شيئًا.
إحنا كنا شايلين بلاوي عن البلد
وتحدث "نادي خلة" بإنفعال شديد فقال : "قطعوا عيشنا، الزرايب ماتت خلاص، كيلو اللحمة وصل ( 60 ) جنيه! يعني أشتغل أنا والعيال ليل ونهار (24) ساعة، ومانجبش حق كيلو اللحمة؟!"
وأوضح "نادي" أن الخنازير كانت مصدر أكل عيشهم، وأن "الزبالة" كان يوجد بها أشياء يُستفاد منها، وأنها كانت تجمع الأطفال، وإنهم كاهنوا إذا مرض أحد ولم يجدوا ما ينفقونه على علاجه، يأتون بخنزيرة من الزريبة لبيعها، وتساءل: ماذا نبيع الآن؟! " الخنازير ماتت والبضاعة ماتت".
بعد إدخال شركات جمع القمامة: جامعو القمامة يبحثون عن عمل
وأضاف "نادي": "إحنا كنا شايلين بلاوي عن البلد"، مشيرًا إلى أن الشركات الآن غير قادرة على جمع القمامة، وأن البلد (اتردمت وعفنت) من الزبالة. وأنهم كانوا يدفعون الأموال للحصول على زبالة الفنادق حيث كانوا يبيعون منها بأكثر من ضعف ما دفعوه فيها ( يشترى بـ(4000) ويبيع 0بـ( 1000) مثلاً) وتساءل: ماذا أفعل: " محش بيشغل حد"...أسرق؟!
وقال "نادي":"عندنا مشكلة تانية؛ قاطعين علينا الميه، ومفيش صرف صحي...حتى بالفلوس مش عايزين يدخلولنا ميه. العيال بتملا من الدير، واللي عنده ميه قافل على نفسه".
وصرخ "نادي": لا شغل ولا ميه عايزين يموتونا بالحيا!!!
التعويضات كانت ضعيفة جدًا
أما "عيد تواضروس" فقال: إن الأطفال تم حرمانهم من المدارس للعمل مع أهلهم فى جمع القمامة، حيث يحتاج هذا العمل إلى الكثير من العمّال، ولذلك فإن الأطفال لا يكملون تعليمهم. وأن تعليمهم الآن يحتاج إلى مصاريف، وبالتالى لابد من العمل خاصةً أن التعويضات كانت ضعيفة جدًا و"تقريبًا ببلاش".
ج
رأس مال الأسرة
وتحدث "مكرم بباوي" فقال: إنهم خسروا كل شئ، وأن الـ"زبالة" التى تذهب الآن إلى المقلب كانت بها منافع لهم، وأن الخنزير كان "زي الجمعية"، رأس مال الأسرة، الذى يجوّز به أولاده. وقال: "دلوقتي اللي عنده شقة واقفة، واللي عنده ابن مش عارف يجوزه".
عايزين الحلوف يرجع تاني!
وهذا "أبانوب" (14 سنة). كان يجلس بجوار المنزل يلعب "دومينو" نتيجة لفراغه.قال ببساطة: "خسرنا كل حاجة، وعايزين الحلوف يرجع تاني، ولو حد رجعهولنا يعمل معانا أحلى واجب. الشغل قل، بناخد شوية الزبالة بننقضها ونرميها في المقلب، وندفع عليها فلوس!".
مش عارف أشتغل
وتكلم عم "محروس" (73 سنة) أيضًأ فقال : إنه كان يعمل أما الآن فلا حيث أنه لا يجد عملاً .وأضاف: "أروح فين دلوقت وأنا عندي ( 73 ) سنة؟!. أنا مابنامش الليل بسبب الميه. إحنا عايزين صرف وميه بس لا أكثر ولا أقل".
واصطحبني عم "محروس" لمشاهدة فنطاس المياه الذي يجره الحمار في رحلة يومية للبحث عن مصدر للمياه، ربما لا ينقذهم منها إلا وجود كنيسة القديس سمعان بالقرب منهم، وهي مصدر تزويدهم بالمياه، ولكن ماذا لو انقطعت المياه يومًا عن الكنيسة؟!.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :