بقلم: هند مختار
أنا وصديقاتي وكل النساء في بلدي التي كانت حلوة، نعاني مما يسمى مجازًا بـ "المعاكسات"، ونحن السيدات نسميها "تحرش"..
فالمعاكسة زمان كانت أن يقول الرجل حينما يرى أنثى جميلة: (يا حلوة يا قمر، إيه الجمال ده كله، يا أرض إحفظي ما عليكي)، وعند اللزوم كان "يُرقص" لها حاجبيه؛ تعبيرًا صامتًا عن الإعجاب، وكانت الفتاة ترد بكلمتي: يا سِم، أو يا دم...
ما فات لم يكن معاكسة، ولكنه غزل، أما ما يحدث الآن فهو نوع من أنواع السب العلني والإهانة، والتي جعلتني أتساءل مع صديقاتي، ماهي مواصفات الجمال التي يجب أن تكون عليها الأنثى عمومًا.. فلم نجد..
السمراء (لهطة زفت)، والبيضاء (شاحبة كالبرص)، والنحيفة (حزمة شوك)، والسمينة (شوال قطن)، والقصيرة (نقطة مش باينة من الأرض)، والطويلة (طويلة وهبلة)، والمُحجبة (أكيد قرعة)، والغير محجبة (كاوية شعرها بمكواة رجل) أو (عامله شعرها في الخلاط)...
المصيبة الكبرى في نوعية مَنْ يقول هذا الكلام، فالشاب؛ أو مجازًا.. الرجل الذي يقول مثل هذا الكلام وغيره، الذي لا أستطيع قوله هنا تحت بند العيب، أو كلنا سمعناه، شكله في الأساس يستحق الرثاء، فحدِّث ولا حرج عن موضة البنطلون الذي بدون وسط، والذي من خلاله نرى الملابس الداخلية للشاب بألوانها الغريبة؛ اللبني والأصفر والبمبى المسخسخ..
هذا بالطبع غير موضة (الديرتي لوك)، أو المظهر القذر، بالذقن النصف محلوقة، والشعر الخشن المتروك على عواهنه وكأن صاحبه قد أصابه ماس كهربائي أوقف له شعره، أو هذا الذي ترك شعره طويلاً وصففه ذيل حصان، والألوان الكالحة من الملابس والتي لم تُغسل منذ شهورعدة..
وإذا كان لايفل الحديد إلا الحديد، وجميع المقالات التي كُتبت عن التحرش لم تفلح في إيقافه، وفكرة العيب اندثرت، فهيا بنا كنساء وسيدات نقوم بالتحرش بهؤلاء "الكائنات"، وأنا أسميهم كائنات لأن كلمة رجولة لا تنطبق عليهم، فالرجولة حماية وحنان والشعور بالأمان..
وسوف نتحرش بطريقتهم، إذا كان شعره خشن وطويل: (إيه ده؟ الزعافة بتاعة السقف؟؟)، وإذا كان يحلق أصلع: (إيه ده؟ كوره شراب ماشية على الأرض؟؟)، وإذا كان أسمر، وإذا كان أبيض، وإذا وإذا.. سوف نقول ونقول حتى نتخلص من هذه الكائنات التي للأسف.. زاحمت الرجال، وشوهت الشارع المصري، وجعلت وجودنا كنساء في الشارع عبء، وجعلت كل سيدة تفكر ألف مرة قبل النزول؛ هل سوف يؤدي شكلها للتحرش بها اليوم؟؟ مهما كان ذوقه جيدًا أو محتشمًا!!!