بقلم: ماجدة الغضبان
إنه العُبابُ الذي يسحقُ الزمن
وإن أعلنتْ أبوابُك
ثورتَها على البيوت
المزدانةِ بالصدى!
------------
مالذي قرّحَ عينيك
أيها الأعمى حين سبَرتَ
غَوْرَ الصمت؟
صخبَ المدن؟،
  همسَ العشاق؟،
صراخَ امرأة
ساعة مخاض؟،
عويلَ صبي
مزقه الخوف؟،
آهات رجال يتشهون امراة؟،
بكاء طفل سوره الحرمان؟،
أم نباح كلب
حول جثة إنسان؟

مستديرٌ هو الوقت
مستديرٌ هو المكان
بريقٌ يريقُ الدجى
كأنه عينان
------------------
دون أن يفزعَ نافذةً
أو يثيرَ صريرَ الباب
يـهلّ
بين يديه صرة ضوء
تظنُ لوهلةٍ أنك ستضعه
وشاحًا،
أو أنه سيقدحُ كبرق خاطف
 لكنه يخترقُ قلبك،
ينيرُ شحوبَ الغرفة
يسرقُ ثوبَ الزمنِ الوهّاج
يحدثكَ دون صوت
ويراكَ دون إبصار
يمدُّ جذعَه بهدوء
بين ضفتي الجُرح المنفرج
يستكينُ الألم
 ويهدأ الأنين
وعلى النافذةِ المنقرضة
يغزلُ العنكبوت خيوطه
الخالدة
ويغيبُ العالم
خلف غبار داكن

صغير
يتكئ على ضلع
أعوج!
يطلّ من بين مِزَق
يعابثُها الشوق

لا ظلَّ له
لا بيتَ يأويه
مُدامُه رحيقُ الحزن
والمللُ يسكنه
ولصرختِهِ
حجم قبضة يد!
--------------
ليلثمْ خدَّكِ
بيتٌ من الشعر
ولتعتقـْك ِالقصيدة!
هذا ما أغدقَ به
وجدُكِ اليوم
من سماء أكمدَها
العمى
وراعَها اللامنتهى

ارتشفي السقوط
على مهل
كأنه التحليق
في جُبّ الهوى
وأودعي الرباب
وطنا
ترابه قوس قزح

إذ أدركَ.....
كلَّ الحب....
لم تلمح فيه
سوى الوجه....
المتجعد.....!!
----------------
اهربْ
ببعضِ ما فيك
هذه الوديانُ خاويةٌ
ليس فيها ما يشبهُ
عشبةَ الروح
مزّقْ أسوارَ الهواء
واقطعْ سلاسلَ الماء
واتركْ لجفنيك
قرارَ لحظةِ المغيب
فلا غيرُ فجرٍ
حملَهُ قرطاسُك القديم
أو ذاك الذي تشيحُ
بعينيك عن مرآه
وليس سواك،
حصادُ البكاء
أوشكَ أن ينتهي
والطريقُ ألقَمَنا فرعَهُ
الشائك
يمتدُّ بيننا
وأبَدِ المقصلة

في ساحةِ إعدام..
كان النهارُ متهمًا..
بالعصيان!
يعصبُ عينيه الإنسان!
وتنزفُ شمسُه..
من ثقب رصاص..!!
--------------
يستيقمُ القلم
وعلى رأسه عمامه،
تفوحُ منه جرأة الكلام،
يطلُّ شذاهُ الورقَ الابيض،
الجنود يلوحون بالسيوف
تتقدمهم شراسةُ الغبار
والورق الأبيض
يُسْقى بأحمر الندى،
يمطرُ الحبر مدرارًا
على ثوب التاريخ
ينتفض القلم
مودعًا هُنيهة الروح
مبتسمًا لأكفان الكلمات،
يقتربُ صوتُ الحديد والخيول
يسدُّ منافذَ الضوء،
يُطوق مدينةَ المداد

حين يناجيكَ الليل
وحيدًا
تفزعكَ دُجيتُهُ
أوقدْ عينيّ
قبسًا من نور
لأسكن بيتك
--------------
لأجلكَ اعترفُ
في هذا الليل
الذي يستر السرّاق والقتلة
أني قد سرقتُ قصيدتي
الأولى
من صفّ القُبل البائسة
الذابلة
على رفّ لك
 مهملٍ في ذاكرة عمياء
سرقتُ ما لم يكن
يعني لك شيئًا
وما كان لي الزادُ
وعذبُ الماء
على عتبةِ بيداء

ينتهينَ على وسادته
هذا الغريب
الذي نبعتْ من سُرَّته
نخلةٌ خضراء
يوم َصلبوه
يلتمعنَ عاريات
على دفاتره الساطعة
ينعقدن كطوق من اللؤلؤ
على رقبة عصية
في مملكة تتشامخ
أمام جحافلَ ثَواكل!!
-----------------
العصافيرُ الشاحبة
تقتربُ
العصافيرُ العارية
تزدحمُ
عند البرزخ
بمناقيرَ تصطك عند البواباتِ
المرعبة
بعيونٍ زرقاءَ
خضراء
سوداء
تصطادُ سماءً
من دخان،
ربيعًا يهلُّ
على الأشجار المورقة
أوطانا
بأغاريدَ ترفُّ
كالرايات
بأجنحة تهطل
زغبًا
بأعشاش ترنو
إلى الأشجار المبعدة
خلف السور العالي
عند النهر المحزون!!