قصة بقلم :محمد وجدي
هي فرصة.. أو هي مجرد استجابة لدعوة.. كان القصر مفتوحا ً والمجال متاحاً من كل حدب ٍ وصوب ٍ للانضمام إلى تيار ٍ واحد ٍ فقط: هو تيار الشيطان... فحتى الذين يحاربهم الشيطان ويسعى للقضاء عليهم هم في كنه حقيقتهم أشرار ٌ يخططون لسفك دماء بعضهم البعض، ولكنهم يتجملون بقناع ٍ زائف ٍ يدعو إلى تبرير شرهم – وليس إلى الفضيلة.
كانت دعوة ً مغرية ً .. فمن ذا الذي تُعرض عليه دعوة الخلود فلا يستجيب ؟ .. من ذا الذي تُعرض عليه فرصة لنوال قوى خارقة مثل الطيران واختراق الحواجز والقوة الجسدية المفرطة ولا يوافق ؟ " مع أن كلمة جسدية هنا لا تناسب المجال الشيطاني هنا " .
لم يتطلب الأمر مني أكثر من الموافقة – خاصة بعد ما رأيته في داخل هذا القصر من أشرار جعلوا من شرهم مجالا ً لقلب الحقائق وتزييف الأمور .
كان المجتمع الإبليسي واضحا ً ... فقبل إجراءات الدخول بينت الأخت الرفيقة أنه لا يمكن الرجوع في القرار ، وأن ميزات قبول العرض هي الأبدية " حتى وإن كانت أبدية في الجحيم فهي ما زالت تسمى أبدية "
كما أن هناك القدرة على مشاهدة وسماع الآخرين دون أن يروك ويسمعوك ، وكذلك الانتقال الآني عبر الحواجز والحدود .. أي قوة ٍ ترفض هذا الإغراء اللامتناهي ؟
" قف هنا " .. وقفت حيث كانت أشعة ذهبية جميلة تأتي من مكان خفي في سقف القصر تشبه أشعة الشمس في البهاء والدفء .
هنا يتحول الفاني إلى أبدي .. بهذا تدخل إلى مجتمعنا الخالد الذي لا يموت " .. شعرت بحرارة تسري في جسدي وبدفء الشعاع ووهجه .. احتملت .. صرخت ، ولكني في نهاية الأمر انتشيت وتغيرت .
" افعل ما تشاء فأنت من هذه اللحظة خالد ُ أبدي " .. طرت ُ ومعي رفيقتي الجديدة التي لا أعرف اسمها .. فالأسماء الملفوظة ليست أمرا ً ذا بال ٍ في عالمنا هذا ، وإنما كل حوارنا وكلامنا نفساني روحاني لا نحتاج لفتح شفة عن شفة لننبس بالكلام ... بل تنتقل مشاعرنا آنيا ً في تخاطر بهي رائع .
رأيت كيف تباع الأعراض بكلمة دنيئة بشرية ، وانتقلت إلى حيث يُترك المريض ليموت بلا علاج – لا لشيء إلا لمجرد أنه فقير .
وانتقلت إلى رحاب الكنائس والمساجد فرأيت كيف ينتشي رجال الدين بالوعظ وقلوبهم خربة من الله ومن كل شيء إلا من المال وشهوة النساء .
عدت إلى زمن أقدم فرأيت كيف تم قتل المئات والآلاف في أوربا لأجل تفسير حرف في كلمة نطق بها أحد الأساقفة في إحدى المجامع الكنسية .
وفي العراق رأيت رجلا ً ثائرا ً معه عصبة من النساء والأطفال وعدد قليل جدا ً من الرجال يحاصره جيش عرمرم فينتهي الأمر بذبحه من الوريد إلى الوريد ويُقتَل أطفاله وتُسبى نساؤه .
اقشعر جسدي من بني آدم ... وارتفعت .. وارتفعت .. وارتفعت .. ثم
حمدت الله أني : شيطان