بقلم: أحمد عادل عطا
إن غالبية بيوت الإسكندرية تتوشح بالسواد، فلا يوجد بيت من بيوتها الإ وقد مسّه أذى من جراء جنون ورعونة قائدي السيارات الخاصة والحكومية بالإسكندرية، فقد تصدرت مدينة الإسكندرية قائمة المدن الأكثر وفيات نتيجة حوادث الطرق، فأصبح كورنيش الإسكندرية مقبرة لأهل الإسكندرية وللمترددين عليها.
فإن المشاهد لكورنيش الإسكندرية، أول ما يلاحظه ذلك الكم من السيارات الحديثة التي يقودها شباب لا يتجاوز أعمارهم العشرين من عمرهم، أول ما يتصفون به هو الرعونة فمنهم من يتسابقون على طريق الكورنيش مهددين أرواح المارة وقائدي السيارات، فقد شهدت الإسكندرية خلال شهر يونيو 2010 تسابق سيارتين يقودهما شابين أحدهما طالب بالأكاديمية أوصلته رعونته أن صدم سيارة متعمدًا لتفسح له الطريق ليسابق زميله، فما كان الإ أن انقلبت السيارة التي تقودها سيدة ومعها والدتها وأطفالها الثلاثة. كما شهدت أيضًا اختلال عجلة القيادة من شاب طالب بإحدى الكليات العسكرية بمنطقة "رشدي" قصد بسيارته إلى الجزيرة التي تفصل الطريق عن الطريق المقابل، فيقتل ثلاثة أشخاص ويتوفى هو ، ومن أمثلة ذلك الكثير والكثير، والطريق الصحراوي المؤدى من وإلى "القاهرة" شهد خلال السنوات الماضية وفاة أشخاص كثيرة من خلال حوادث المتسبب فيه شباب يتصفون بالرعونة وعدم الخبرة.
ولم تستوقف هذه الظاهرة القائمين على تشريعات المرور في "مصر"، رغم أن الحلول كثيرة وبسيطة. وأبسط هذه الحلول هو رفع السن المقرر لصدور رخصة القيادة – فإذا كان الشخص في سن الثامنة عشر من عمره، وهو سن الحصول على رخصة القيادة، غير أمين على ماله بحكم القانون؛ لعدم بلوغه سن الرشد ولا يستطيع التصرف في الكثير من التصرفات لعدم رشده وعدم نضوجه – فإذا كان القانون يشهد لمن بلغ الثامنة عشر، وحتى الواحدة والعشرين من عمره بأنه غير رشيد، ومحظور عليه الكثير من التصرفات، فكيف ينص قانون المرور على أن شخص يؤتمن على أرواح الناس، ويمنح ترخيص قيادة آلة قاتلة مثل السيارة ؟ أليس من الضروري تدخل المشرع لرفع سن منح ترخيص قيادة السيارات حفاظًا على أرواح المواطنين وحماية للشباب من أنفسهم ورعونتهم؟
ثم أن مظاهر الرعونة واضحة، فالمشاهد لقائدي السيارة من الشباب، يجد أن منهم من يقود السيارة ليلاً واضعًا على رأسه (كاب) يغطى عينه، وهو يقود السيارة، أضف إلى ذلك الوضع المرعب لمقعد السيارة والذي يكاد يجعل سائق المركبة في وضع النائم ولا يمكنه من رؤية جوانب السيارة او السيارات التي أمامه أو خلفه، وتلك الأصوات الصاخبة التي تنبعث من السيارة نتيجة الإستخدام الأرعن لمسجلات السيارة، والتي تجعل قائد السيارة فاقد التركيز في القيادة وتكمن الخطورة أيضًا في تلك المخالفة المرورية القاتلة، والتي يرتكبها الشباب الأرعن غير المسئول تحت نظر رجال المرور، وهى تغطية زجاج السيارة بالكامل بالفامية الأسود الداكن الذي يحجب الرؤية ويزيد من احتمالات الحوادث .
وعلى الرغم من أن قوانين المرور تجرّم تلك الأفعال، سواء تغطية زجاج السيارة بالفامية، أو انبعاث أصوات صاخبة من السيارة، أو القيادة برعونة، الإ أن، تلك المواد التي تجرّم تلك الأفعال في أجازة من التطبيق؛ لعدم المواجهة مع أبناء رجال الأعمال، والمسئولين، وأصحاب النفوذ والسلطة.
وعلى الجانب الأخر، فإن قائدي السيارات بـ"الإسكندرية" يعانون أشد المعانة من ضعف الإضاءة على كورنيش الإسكندرية، ومدخل الإسكندرية من الطريق الصحراوي، والطريق الدائري المؤدى للساحل الشمالي، فتلك الكشافات التى وضعتها المحافظة لتضيف شكلاً جماليًا لكورنيش ومداخل الإسكندرية، لم يراع فيها قلة الإضاءة المنبعثة منها، خاصة لقلة ارتفاعها. مما يجعل المساحة المضيئة لا تكفى لأن يرى قائد السيارة المارة بوضوح، بل يظهر المارة أثناء عبورهم الطريق كأشباح – فهل تتضامن محافظة "الإسكندرية" مع الشباب الأرعن للقضاء على خيرة شباب الإسكندرية؟ أم أن المحافظة تحاول تقليل ؟الكثافة السكانية وتشجيع ورش السمكرة بالمنطقة الصناعية من خلال توفير مناخ مناسب للحوادث
فهل هناك من يتبنى حملة لحماية أرواح شباب الإسكندرية، ويطالب برفع سن منح ترخيص السيارات للسن الواحد والعشرين؟ وهل من يناشد مرور الإسكندرية بتفعيل المواد التي نص عليها لقانون، ولكن معطلة لعدم المواجهة الصعبة؟ وهل يتدخل محافظ الإسكندرية لزيادة الإضاءة بكورنيش الإسكندرية ؟ومدخل الطريق الصحراوي والطريق الدائري المؤدى للساحل الشمالي
وأخيرًا، هل المجلس القومى لحقوق الإنسان قادر على حماية حق مواطن الإسكندرية في السير الآمن والإطمئنان على أرواح أبنائه؟ إن الحفاظ على سلامة الأرواح حق من حقوق الإنسان.
ومن هنا نناشد كافة المسئولين لوقف نزيف دماء أبنائنا على أسفلت كورنيش الإسكندرية. فإن دماء أبنائنا أغلى بكثير من ظهور الإسكندرية بمظهر جمالى فإن الدماء تشوّه هذا الجمال المرسوم بدماء أبناء الإسكندرية .