بقلم: عوض بسيط
متى تُحل مشكلاتنا؟ لعل هذا السؤال يتردد في ذهنية غالبية القبط، والمشكلة هي عدم إداركنا أننا –كقبط- نمتلك الحل!
تُحل مشكلات القبط حين نُدرك أننا جزء حقيقي من نسيج هذا الوطن الواحد، إدارك حقيقي لا ترديد لشعارات محفوظة، إدراك غير منقوص أو مشوه بمفاهيم دونية أو استعلائية، فاليائسون دائمو الترديد إن "البلد بلدهم" (يقصدون المسلمين أحيانًا، والحزب الحاكم أحيانًا)، وبهذا المنطق تصبح الهجرة إلى الخارج –أي خارج- هي حلم حياتهم، وحتى يتحقق الحلم يعيشون منكسو الرؤوس مثل الأعلام الحزينة، لا يطالبون بحق، ولا يدافعون عن ظلم، طالما أن النتيجة –في نظرهم- واحدة وهي "لا شيء".
أما المتعالون فيرون أن "البلد بلدنا"، وأن المسلمين المصريين ما هم إلا أحفاد العرب الغزاة! وأن حال البلد لن ينصلح إلا إذا رحلوا! وبالتالي فهم لا يشاركون في العمل العام أو السياسي من منطلق "لا فائدة"!
وبهذا المنطق يشجع أحد أصدقائي الفرق الأفريقية في مواجهة "مصر" في كرة القدم؛ لأن لاعبيهم يرشمون الصليب! فيصبح المسيحي الأنجولي أقرب للمسيحي المصري من المسلم المصري! وهو نفس المنطق المنقوص اللاوطني للإخوان والمؤمنين بمبادئهم.
تُحل مشكلات القبط –في رأيي- عندما نُدرك أننا يمكننا أن نتحول لقوة تغيير فاعلة في المجتمع، عندما نعي أن تعدادنا الذي نباهي به بأرقام مليونية تصل إلى الخمسة عشر، يوازي كتلة تصويتية كان يمكنها أن تأتي برئيس غير "مبارك" في انتخابات 2005!
تُحل مشكلاتنا عندما نفصل الدين عن السياسية واقعيًا، أي أن نفعل ما نطالب به الدولة كل نهار! فعندها تتحول قضيتنا إلى قضية حقوقية سياسية لها أسانيدها وححجها القانونية، وليست الدينية أو العاطفية.
تُحل المشكلة عندما نُدرك أن الخطر الأعظم الذي يواجهنا ليس هو جماعة الإخوان المسلمين، ولا أسلمة الفتيات..الخطر الأعظم– في رأيي- هو النظام الحاكم الذي يلعب لعبة العصا والجزرة مع القبط، وأخشى أن يصل به الأمر أن يحولهم إلى عصا تهديد لمعارضيه، طالما صوّر لنا إنه الحصن الأمين للأقلية القبطية المغلوبة على أمرها.
وأخيرًا أعتقد أن يوم يُفطم القبط سيكون هو بداية الحل الحقيقي للأزمة، وأقصد هنا الفطام السياسي عن الكنيسة، ألا ينتظر القبطي رأي الكنيسة في مرشح ليتبع ذات الرأي، أو يتنظر تعليمات من الكنيسة باستخراج البطاقة الإنتخابية فيستخرجها (لتتميم مراسم الزواج!).
السيد المسيح لم يكن قائدًا لحركة سياسية تحررية– وقد صدم ذلك بعض اليهود!- ولكنه كان قائدًا لحركة روحية تحررية، وشتان بين الأمرين، لذا وضح رأيه صريحاً: "اعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله".
من يريد أن يمارس السياسة، فليمارسها دون أن يسأل أب اعترافه الحِل، ومن يريد أن يعطي صوتًا في الإنتخابات، فليعط دون استئذان. فالمواطنة حق؛ مالم ننتزعه بأصواتنا فلن يعطينا أحد أكثر من كلمات الدستور.