بقلم / عزت بولس
في ندوة عامة أقيمت منذ أيام لمجموعة" علمانيون"، تناول الدكتور خالد منتصر موضوع هام يمس كل المصريين وهو خطورة ربط الدين الثابت والمقدس بالعلم ك"متغير" بلغة أكثر وضوحًا خطورة ما يُسمي ب" الإعجاز العلمي في الأديان" وذلك ليس فقط بالدين الإسلامي وإنما بالأديان كافة.
المتابع للمحاضرة يجد أن د. خالد منتصر أستطاع بباسطة لغوية وتسلسل فكري واحترام للأديان كافة، أن المروجين لما يُسمي ب" الإعجاز العلمي بالأديان" لا يهمهم حماية الدين المٌقدس، وإنما يستغلوا بساطة البعض وجهل البعض الأخر لصناعة نوع جديد من " البيزنس" الذي يبيع الوهم، ولا يبحث بمعالجة الأسباب الحقيقية لتراجعنا الحضاري كشعوب عربية بوجه عام ومصر على وجه الخصوص.
في مصر هناك سلوك برأيي مثير للشفقة، فكل طرف ديني يري أنه لا" إعجاز علمي " بدين الأخر، لكن لا يقبل نظريًا أن يكون معتقده الديني هو أيضًا بلا هذا " الإعجاز العلمي"، فالمتشددين إسلاميًا تنفرج أساريرهم عندما يفند منتصر أو غيره من العلمانيين، الحقيقة العلمية لما يُسمي بلغة المسيحي" معجزة"، والعكس تمامًا يحدث من قبل هؤلاء المتشددين، عندما يكشف منتصر حقيقة المتاجرين بشرح النص الديني الإسلامي على نحو بعيد عن معناه القيمي والأخلاقي الرائع.
أنتشر مقطع بسيط من لقاء ممتاز علمي للدكتور خالد منتصر، وتداولته المواقع الإخبارية، بطريقة " القطيع الإليكتروني" بصورة لم نعهدها إلا عندما يكون ورائها محرك " إخواني الهوي" – دعنا لا ننسي أن شباكات التواصل الاجتماعي يحركها الإخوان أولاً- لينهال التكفير والمزايدات الرخيصة على د. منتصر.
ونحن نوضح كإدارة" الأقباط متحدون " إننا نشعر بعمق الأسف ، لما لقاه د. منتصر من تهديدات واتهامات من كلا الجانبين المسيحي الاسلامى،كنتيجة لنشر هذا المقطع، ولكن يبقى التساؤل: هل يعتقد أن كل من ذو فكر راجح وعقل متفتح، أن فكره بمجتمع لا يقرأ ولا يستطيع مناقشة ثوابته من أرضية فكرية محايدة، أنه سوف يُقابل بالترحاب؟ أو حتى النقاش بعيدًا عن المزايدات الرخيصة المُستغلة للجهل ؟
اعتقد أن كل من يحاول الخروج عن نص الأفكار المتوارثة والعادات المتداولة مصريًا وعربيًا، سوف يقابل بهجوم ضار ومحاولة لإسكاته من تجار" التدين" الذين يسعون لمواصلة الهيمنة على عقول الناس، إما بالتهديد بالقتل أو ببلاغات للنائب العام؟ أو حتى تشهير على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الأعلام المعتمدة على المزايدين كمقدمين للبرامج؟
طالب الرئيس السيسى بتجديد لغة "الخطاب الديني" وبدأ بعض المتنورين ممن يريدون لمصر مستقبل حضاري، في تناول هذا الشأن بجدية، وذهب البعض إلى التشكيك في بعض المورثات؟ ولكن بعد "شويه نشوة"، كانت الرغبة اضعف من أن تواجه الفكر الأصولي المتأصل في عقول الكثيرين، فأثرت الأغلبية السلامة خوفًا على أرواحهم من سطوة الجهل والمتشددين.
أن دور الدولة والحكومة هو الوقوف سدًا مانعًا قويًا داعمًا، ضد كل من يحاول أن يغلق أفواه الأفكار التنويرية بمصر، و إذا كانت جادة فعلا في أن تقود مصر إلى الحضارة المنشودة، ومستقبل أكثر إشراقًا،أن توفر للمبدع المناخ والحماية الكاملة لتحقيق ذلك.
مصر الآن في مفترق الطرق، إما الحداثة والتخلص من المسيء بأفكارنا، أو المضي قدمًا في طريق التخلف والجهل، إما القضاء على الإرهاب أو تقبل إدارة إرهابية للبلاد، تعرض قضاتنا الأجلاء للقتل والتهديد لم يثنيهم على أن يحاكموا القتلة والإرهابيين بأقسى العقوبة، طالما كانت الأدلة قاطعه لديهم وعن قناعه تامة بدروهم الموكل إليهم.
مصر الآن في مفترق الطرق، إما الحداثة والتخلص من المسيء بأفكارنا، أو المضي قدمًا في طريق التخلف والجهل، إما القضاء على الإرهاب أو تقبل إدارة إرهابية للبلاد، تعرض قضاتنا الأجلاء للقتل والتهديد لم يثنيهم على أن يحاكموا القتلة والإرهابيين بأقسى العقوبة، طالما كانت الأدلة قاطعه لديهم وعن قناعه تامة بدروهم الموكل إليهم.
العنف ليس سلوكا مصريا أصيلا، ولكنة انتشر مع انتشار الفكر الوهابي كالوباء في عقول المصريين، العنف ليس مقتصر على العنف الجسدي الذي يمارسه بعض المتأسلمين، بل النفسي أيضًا والذي يُمارس ضد كل مجدد على الجانبين الإسلامي والمسيحي، الأصولية لن تنقلنا للحضارة والتقدم ، فمتى ننتقل من الأسطورة للفكر العقلاني؟ ومن سيتحمل الثمن؟ أسئلة تستحق الطرح برأيي على الرئيس السيسي مع اقتراب مرور العام الأول على رئاسته لمصر.
"تأملات"
من الطبيعي والسليم أن الأديان جاءت لسعادة الإنسان وتنظيم علاقته بالله؟ ولكن نجد أن عندما ابتعدت الشعوب الأوربية عن التدين الشكلي، أصبحت أكثر سعادة، بدليل انه حسب تقرير من الأمم المتحدة سويسرا اسعد بلد في العالم ، في حين أن بلد مثل مصر، وصلت إلى قمة الهرم في" التدين الشكلي" إلا أنها بالمؤخرة في مستوى السعادة وأشياء أخري.
لمشاهدة الندوة انقر هنـــــــا