بقلم: فاضل عباس
لقد استطاع جمال عبدالناصر أن يحدد بدقه بالغة ما تحتاجه الأمة العربية للنهوض والتقدم، فكان التعليم موضع الاهتمام الأول لديه وذلك للتخلص من الجهل والتخلف، فكان شعار جمال عبدالناصر كما كان يردده دائماً في خطاباته «العلم للجميع» وهو شعار ساهم في التخفيف من حالة الأمية المنتشرة من جانب، وأعطى الحلول العملية لتقدم المجتمع من جانب آخر، فعبدالناصر كان يدرك أن معركة الوحدة العربية تبدأ من التعليم ومحو الأمية وتوعية المجتمع العربي بحقوقه وحقيقة الاستهداف الاستعماري له.
    
لذلك كانت شعارات عبدالناصر تسبب قلقاً قوياً للغرب، وأول ما كان يقلق الغرب هو موضوع الدولة العربية الموحدة وكسر ومحو اتفاقية سايكس – بيكو التي جزأت الوطن العربي، ومن هنا كان الموقف الأمريكي القلق من الوحدة المصرية السورية وقيام الجمهورية العربية المتحدة لأنة يؤدي بحسب تعبيرها إلى «تقوية القومية العربية وتشجيع الاتجاهات المضادة للغرب» فهذا الموقف يؤكد على رفض الغرب للوحدة العربية وتآمرها المستمر ضد جمال عبدالناصر.
                 
فالتآمر الغربي وخصوصاً المخابرات الأمريكية والبريطانية ضد عبدالناصر استمر منذ قيام الثورة وسقوط الرهانات الامريكية بمحاولة استقطاب ناصر باتجاه الغرب بعد سقوط الرهان على قدرت محمد نجيب في الاحتفاظ بالحكم في بداية الثورة، فكان موضوع صحة الرئيس عبدالناصر موضوع اهتمام المخابرات الامريكية لذلك فان ما كشف عنه محمد حسنين هيكل في قناة الجزيرة من حقائق تتعلق بعمل المخابرات الغربية ضد عبدالناصر يؤكد مدى القلق الغربي من فكرة القومية العربية والمؤسف هو قيام الغرب بتجنيد عملاء من الداخل المصري على كل المستويات ومن ضمنهم كما يؤكد هيكل مصطفى أمين الذي كان حريصاً على معرفة الوضع الصحي لعبدالناصر لنقله للمخابرات الامريكية.           
                  
هذا التآمر الغربي يؤكد من جانب آخر أن الخيارات التي طرحها عبدالناصر كانت صحيحة والأمة بحاجة لها فتحقيق المجتمع الديمقراطي الوحدوي الاشتراكي في الوطن العربي هو ضرورة نابعة من حاجات الأمة العربية، فلا مستقبل للدولة القطرية، فلا هي قادرة على تحقيق الأمن أو التنمية بمفردها، واثبت الوضع الراهن أن الكيان الصهيوني يشكل خطراً على الأمن القومي العربي، وان أي نظام عربي يعتقد انه قادر على حماية نفسه من إسرائيل بالتصالح أو التطبيع معها فهو مخطئ، لان هذا العدو يعيش على التجزئة وسوف يعمل على تجزئة ما هو مجزأ من الوطن العربي، ولكن خيار الوحدة كما أدركها جمال عبدالناصر هي الخطر الأول على الكيان الصهيوني.      
                                                                       
اليوم ونحن في ذكرى 23 يوليو 2010 تجتاح ذهنية المثقف العربي العديد من الأسئلة المثيرة للجدل وهي هل الأمة العربية بحاجة لناصر جديد؟ هل تحولت ثورة 23 يوليو لمجرد احتفال سنوي؟ هل تلاشى حلم الجماهير العربية بتحقيق الوحدة العربية بعد غياب جمال عبدالناصر؟