رومانسية آه...لأ
بقلم: مينا ملاك عازر
بعد نشر مقالة يوم الأحد الماضي، اتصل بي صديقي الذي لا أعرفه منزعجًا مما كتبته، حيث قال لي أول ما رديت عليه: مالك إنتَ ومال الحكومة، ومالك إنت ومال النور والشوارع، يا أخي أهمد يا عم اولع بعيد عننا، لكن المهم سيبهم يطفوا أنوار الشوارع.
فسألته ليه بقى؟ هو حضرتك كنت بتدفع فواتير الشوارع المنورة؟
فقال لي: لا يا فيلسوف، لو رجعوا ولعوا الشوارع فيه بيوت كتيرة حا يتخرب بيتهم.
فقلت له ليه بقى؟! فقال: يا ابني إنتَ مش عايش في الدنيا ولا إيه؟! إنت عارف من ساعة ما بدأوا يطفووا النور في الشوارع، بدأ الناس المخطوبين والمتزوجين يعرفوا يلاقوا متنفس طبيعي يخرجوا بأقل تكلفة بدون احتياجهم للذهاب لأماكن بعيدة أو هادئة أو ذات إضاءة شاعرية، كل هذا اتحل طبعًا.
فقلت له: آه إن كان رومانسية ماشي، لكن..لأ، وإنت تعرف أد إيه أنا أقدر الرومانسية وأحترم الحب وأعرف قيمته.
فاستطرد صديقي مهملاً مسألة الرومانسية التي يبدو أنه لا يؤمن بها، مع إن "الحب جميل جميل الحب"، حيث قال: ده غير الحرامية الغلابة إللي ما عرفوش يسرقوا البنوك بقروض شرعية، ويهربوا لفقرهم وعدم وجود سند لهم، فبيضطروا يتستروا في الضلمة ويسرقوا حاجة تمشي حالهم، جاي حضرتك وعايز تنورها مش حرام عليك يا عمنا.
فقلت له مستاء: يعني هما كانوا عاتقين أيام ما كان فيه نور عشان نديهم الفرصة بزيادة بقطع النور؟ بس بيني وبينك يا صديقي أنا شايف أنه ينقصك القليل لكي تكون الناطق بلسان الحكومة، فمثلاً عليك أن تقول لي أن الهدف الحقيقي لإظلام "القاهرة" هو مناهضة تلك الفئة الضالة التي كانت تظهر في أفلام زمان المصممة على أن تتعلم، وتفهم، وتقرأ، حتى لو كلفها ذلك أن تنزل من بيوتها ليلاً وتقرأ تحت أعمدة الإنارة؛ لأن إما بيوتها ليس بها إنارة، أو لأنهم غير قادرين على دفع فاتورة الكهرباء فأطفأوا النور للتوفير.
فابتسم صديقي: آديكِ فهمت السبب الأهم من إظلام "القاهرة"، وهو أن يبقى الكل مش شايف حاجة، وتتلم الناس بدري في بيوتها، ونقضي على الجريمة، وتستقر الأسر. فالكل سيكون خائفًا من الخروج في العتمة.
وفي اللحظة دي، جاءني صوت أمي من بعيد تقول لي: استيقظ يا مينا النور قاطع، فاستيقظت وشكرت ربنا أن ما سبق كان كابوسًا، وأن أحدًا من أصدقائي ليس من المؤيدين لإظلام "القاهرة"، وطبعًا وجدت نفسي غارقًا في بحر من العرق.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :