الأقباط متحدون | لئلا نعثر أنفسنا
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٦:١٧ | الاربعاء ٢٨ يوليو ٢٠١٠ | ٢١ أبيب ١٧٢٦ ش | العدد ٢٠٩٧ السنة الخامسة
الأرشيف
شريط الأخبار

لئلا نعثر أنفسنا

الاربعاء ٢٨ يوليو ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم: ماجد سوس
 إنه موضوع شائك.. ترددت كثيراً قبل الخوض فيه لحساسيته، والذي دفعني للكتابة عنه أولا: لأنني عاهدت نفسي أن أكون صريحاً، مدافعاً عن الحق واضعاً نصب عيني ثقة القارئ وتشجيعه الدائم بطرح موضوعات - وإن تبدو شائكة - ولكن باطنها صدق المغزى ونقاء الهدف. ثانياً: من فرط حبي الشديد للكنيسة أنظر دائماً لأولادنا وبناتنا ولأهمية تقديم الكنيسة لهم في كمال بهائها - في المسيح - وهو الأمر الذي يتطلب الحديث عنه بكل صراحة.
    
أما بعد، عزيزي القارئ.. وبعد هذه المقدمة القصيرة التي كان لابد منها أقول لك ماذا سمعت وماذا شعرت وسر خوفي الذي سأعلنه الآن. إنها الصورة يا أخوتي، أنه التمثال الذي ننحته ونقيمه لإنسان تحت الآلام مثلنا. إنها الصورة التي نرسمها بأيدينا ثم نعود ونلقي على المرسوم خطأ تشويه الصورة وهو أمر يجب معه الوقوف وقفة جادة جداً لنميز بين من يعبد الله ومن يعبد البعل، من يمجد الشخص ومن يمجد المسيح.
     
يتحدث إليَّ كثير من الأحباء .. هل تعرف ماذا فعل فلان الخادم العظيم، لقد أعثرني... لقد صُدمت.. تصور لقد قرأت في تاريخ الكنيسة وأعثرت في بعض الإكليروس... لقد سمعت ان الأنبا فلان يقول كذا عن فلان... لقد اقتربت من الرجل الفلاني وأُعثرت في طريقة تعامله مع الناس رغم عظم عظاته.
وهناك من يترك الكنيسة من أجل العثرة سواء من أحد الخدام أو رجال الإكليروس أو غيرهم وأنا هنا لست أهاجم أو أدافع عن شخص أو أشخاص بعينهم ، كما إنني في ذات الوقت لا استبعد فكرة العثرة من حياة الكنيسة، ولكن لأضع أمامكم حقيقة ربما لا يدركها البعض وهي أننا نحن الذين نُعثر أنفسنا بأنفسنا لأننا لا نثبت نظرنا على المسيح وحده الذي شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية . المسيح فقط يا أحبائي هو الذي لم يعرف خطية و هو الذي تحدى كل الخليقة قائلا : من يستطيع ان يبكتني على خطية. أما مشكلة  البعض منا فهي أننا ننظر إلى نصف الحقائق فقط تاركين الحق نفسه. فهناك من ينظر إلى تاريخ الإكليروس في الكنيسة ولا يجد فيه غير المعثرين كنسطور  وأوطاخي وأريوس وغيرهم ولا ينظرإلى المضيؤن فيها كأثناسيوس وكيرلس وديسقورس وغيرهم فيكون بهذا قد أعثرنفسه بنفسه وكان عليه – كما أسلفنا -  أن يثبت نظره على المسيح فقط. أو كمن يقرأ قصة إنكار بطرس للمسيح ولا يقرأ توبته وتسليم المسيح له سر الكهنوت و مفتاح الملكوت بخلاف عظته العظيمة يوم الخمسين ويزعم أنه أعثر في بطرس، وهوالذي لم يعرف كل الحقيقة ولم يثبت عينه على المسيح فينسى أن بطرس إنسان خطَاء و المسيح هو البار.
     
القصص والأمثلة كثيرة جداً عن ضعفات رجال الله لذا تعلمنا الكنيسة المستنيرة ب الروح القدس أن نتمسك بنهاية سيرتهم ( عب 13 : 7 )
  كما طلب منا الرسول بولس ذلك  وحين تحدث عن سحابة الشهود – القديسين – قال : ناظرين الى رئيس الإيمان و مكمله يسوع (عب 12 :1 ). حتى أن الكنيسة القبطية الواعية  تترك  خمسين عاماً من إنتقال الرجل أو المرأة البارة حتى تضمهم إلى طائفة القديسين وهو أمر له أسباب كثيرة من أهمها أن تكريمه بعد خمسين عاماً سيكون تكريماً حقيقيا حيث أن سيرته ستبقى بعد أن ينتقل معه من عاصروه حتى لا تكون هناك ذرة شك أن هناك صديق أو قريب قد يدعي شيئًا جيداً أو شيئًا غير حقيقي عن هذا القديس.

إن تعلقنا الزائد بالأشخاص دون التركيز على شخص المسيح أو عمل المسيح فيهم سيضرهم ويضرنا. سيضرهم بأنه  ربما يصيرون بعد ما كرزوا مرفوضين بسبب ضربة يمينية. لذا قال أحد الآباء القديسين: "لا تمتدح أحدًا في وجهه ولا في ظهره؛ في وجهه حتى لا يسقط بالكبرياء وفي ظهره حتى لا تهيج الشياطين عليه".
    
أحبائي .. إنها ليست دعوة للشك في خدام الله أو عدم توقيرهم بل على العكس هي دعوة إلى تكريم المسيح والروح القدس الذي يعمل فينا. إذا سمعت عن رجل من رجال الله يخطئ لا تدينه بل قل إذا كان هذا الرجل يخطئ فماذا عن نفسي الضعيفة والتمس له العذر وأهم عذر هو أنه إنسان. كان القديسون يخشون من  أن يتعلق بهم أحد فكانوا دائماً يهربون من الكرامة ليس فقط بسبب إتضاعهم الحقيقي ولكن حتى  يعلموا أولادهم أن الله وحده هو الكامل وحتى لا يعثر أحد فيهم.

خذ التعليم من فم المسيح مباشرة فتعلق بالعظة لا بالواعظ، بالخدمة لا بالخادم، بالترنيمة لا بالمرنم.. وهكذا. لا تقل لقد اقتربت من الواعظ الشهير فوجدته عصبي أو غير صبور.. أولا: ربما يشغله موضوع ما ولأنه بشر مثلك فلم يتحكم في مشاعره. ثانياً: أعلم أنه يجاهد مثلك تماماً.

قابلت شخص ترك الأرثوذكسية وذهب إلى كنيسة أمريكية وبعد هجومه على الكنيسة الأرثوذكسية وطقوسها المتشددة – في نظره- عرفت منه أنه كان شماساً وترك الكنيسة بسبب إنفعال الأب الكاهن عليه وإحراجه أمام الكثيرين وأثبت لي خطأ الكاهن فقلت له هل عاتبت الأب الكاهن بينك وبينه؟ قال: لا.. سألته هل ذهبت لتصلي في كنيسة أرثوذكسية أخرى؟.. قال: لا. هل ذهبت إلى الأسقف لتشرح له ما حدث؟.. قال : لا. قلت له: ما رأيك في الأسقف الفلاني؟ قال لي: إنه رائع. وما رأيك في الراهب الفلاني؟ قال: إنه قديس. وما رأيك الخادم الفلاني ؟ قال : إنه عظيم  فتعجبت وقلت له: كل هؤلاء أرثوذكسيين  لماذا إذا تركت الأرثوذكسية؟ فقال: لأنني أُعثرت في الأب الكاهن. فقلت له: لا يا سيدي.. فأنت أعثرت في رجل أرثوذكسي ولم تعثر في الأرثوذكسية.. لقد أعثرت نفسك ياعزيزي.. إنك لم تثبت عينك على المسيح المستعلن بقوة في الإيمان الأرثوذكسي. إنك توقعت أن الخادم لا يخطئ فأنت الذي أنكر الإيمان. كان المولود أعمى ينظر إلى شفائه الذي تم ولم ينظر إلى من قام بشفائه. حاول اليهود إيقاعه في الخطأ وقالوا له أن الذي شفاك هو إنسان خاطئ. فقال أخاطئ هو لست أعلم وإنما أعلم شيئاً واحداً أنني كنت أعمى والآن أبصر.

ربما أن المولود أعمى لم يعرف يومها ان الله الخالق هو الذي شفاه بنفسه ولكنه كان ينظر إلى عيناه التى أصبحتا ترى النور. كان كل تركيزه على الشفاء و على الله الذي أحبه و أرسل له الشخص الذي شفاه  .  هكذا علينا أن ننظر إلى الخلاص المقدم لنا من المسيح دون أن ننظر إلى الأشخاص الذين يتحدثون عنه. كان هناك شخص لا يريد أن يتناول من يد أحد الآباء الكهنة في أيام أبينا القديس المتنيح القمص بيشوي كامل، وحكى هذا لأبينا فقال له: أنت لا تتناول من يد أبينا وإنما من يد المسيح فروح العداوة لا تدخل معكما الى الهيكل. كما علينا نحن أيضاً ألا نحكم على غيرنا لأننا بينما نحكم على الآخر ربما يكون هو في لحظة توبتة الآن وأنا أكون في لحظة الإدانة.
    
عزيزي... لا أريد أن أطيل عليك، ولكن أتمنى ان اكون قد أصلت إليك ما كنت أريد أن اشاركك به وهو أننا كلما انزلنا أعيننا من على المسيح سنرى ضعفات الآخرين. ينبهنا لهذا القديس بولس حينما يقول لا أنا بل نعمة الله التي فيَّ هي التي تعمل .. أحبائى لنخضع للكنيسة ، لنحترم الآخرين، معطين الكرامة لمن له الكرامة،نتبع الكنيسة في كل تعاليمها، لا نحكم على الآخرين ونعرف أنهم تحت الالام و الضعف مثلنا و لكن نثبت عيوننا فقط على شخص القدوس  ، فندرأ عن نفوسنا العثرة التي قد نسببها لأنفسنا. !




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :