كتب: عماد خليل- خاص الأقباط متحدون
تأسس "المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس" في يناير من عام 1874؛ بقرار من "الخديوي توفيق" بإنشاء لائحة المجلس الملي للمرة الأولى، بعدما تبنى "بطرس غالي" باشا فكرة المجلس الملي؛ لتكون اختصاصاته الأولية هي النواحي الإدارية، ولا يتدخل إطلاقـًا فى الأعمال الدينية والخدمة داخل الكنيسة، ويعتبر هذا المجلس امتدادًا لعمل الشمامسة، وينتخب الأقباط الأرثوذكس في مصر أعضاء المجلس الملي العام والمجالس الملية الفرعية.
وذلك بعد أن اجتمع عدد كبير من الإصلاحيين الأقباط في يناير 1874م, وتناقشوا في أحوال الطائفة, وأسفر الإجتماع -بعد مناقشات طويلة- عن إصدار توصية بإنشاء مجلس ملي للأقباط، أو حتى جمعية عمومية لهم.
ويقول "قليني فهمي" في مذكراته: "أنه يجب أن يخضع هذا المجلس لمَن يكون من أبناء الطائفة متقلدًا منصبـًا حكوميـًا رفيعـًا, وصدر الأمر العالي من "الخديوي توفيق" بلائحة المجلس الملي للمرة الأولى في يناير 1874م".
وكان "بطرس باشا غالي" في ذلك الوقت هو أبرز أبناء طائفته, إذ كان وكيلاً لإحدى الوزارات, كما كان على صلة طيبه بـ"الخديوي إسماعيل" ورجال حاشيته, والذي حدث أن "بطرس غالي" تبنى فكرة المجلس الملي, واستصدر بالفعل أمرًا عاليـًا من "الخديوي إسماعيل" بتشكيل أول مجلس ملي للأقباط، وكان ذلك في فبرايرمن عام 1874م، وأُنيط بالمجلس الجديد أن يحدد إختصاصاته, وأن يضع لنفسه لائحة داخلية.
ويعتبر المجلس ملجأً للأقباط، حيث يلجأ الكثير منهم للمجلس لحل مشاكلهم، ولكن لا أحد من الأعضاء يهتم بهذه المشاكل، لذلك يُتهم دائمـًا المجلس بأنه "مجلس الوجهاء"، ونوع من أنواع "المنجهة" أمام النظام، كما أن المجلس ليس له دور حقيقي الآن، حتى أن أعضاءه لا يذهبون إلى الكنيسة إلا في المناسبات.
وخوفـًا من التأثير الكنسي تقوم الكنيسة بتجميد المجلس مرة بعد أخرى, فإن المؤمنين بالتطوير استصدروا قانونـًا يحدد العلاقة بين البطريرك والمجلس الملي, حتى لا يحدث تداخل في الاختصاصات, بحيث تكون اللائحة مجرد قرار صادر من نفسه, ولكنها تصبح قانونـًا له قوة النفاذ، وتطبيقـًا لهذه الأفكار صدر قانون يحدد العلاقة بين الكنيسة و"المجلس العمومي للأقباط الأرثوذكس"، وهو الاسم الرسمي للمجلس الملي.
وصدر القانون في مايو 1882 بتشكيل مجلس عمومي لجميع الأقباط بالقطر المصري من إثني عشر عضوًا وإثني عشر نائبـًا, وكان هذا القانون هو محور المشاكل التي حدثت فيما بعد, وهو الذي فجر الخلاف بين المجلس الملي من ناحية والبابا من ناحية أخرى؛ لأن اللائحة نصت على أنه: "يقوم بكافة المواد المعتاد نظرها ....."، ومثل هذا النص رأى قداسة البابا أن معناه هو إبعاد البابا ورجال الكهنوت عن إدارة الكنيسة, في حين أنه كان هدف كل من البابا والمجلس واحدًا، ألا وهو مصلحة الأقباط وتقدمهم, فقاوم الحبر الجليل "كيرلس الخامس" وجود المجلس الملي, وكانت النهاية هي نفيه إلى "دير البراموس" بقوة البوليس.
فقد حدد القانون عدد أعضاء المجلس الملي بأربعة وعشرين عضوًا، وأن يقوم الأقباط الأرثوذكس في مصر بانتخاب أعضاء المجلس الملي، وأن يكون الانتخاب عن طريق اجتماع عام يدعون إليه ولا يقل عدد مَن يحضره عن 150 شخصًا.
كذلك يشترط فيمَن يرشح نفسه عضوًا في هذا المجلس أن يكون عُمره على الأقل ثلاثون عامًا، على ألا يكون عاملاً في الجيش, أو ممَن هم في القوات الاحتياطية للخدمة العسكرية أو مجندًا.
وحددت اللائحة أن يستمر كل مجلس ملي مُنتخب يمارس وظيفته لمدة خمس سنوات متتالية، وأن ينتخب المجلس في بداية دورته وكيلاً له من بين أعضائه، على أن يتولى قداسة البابا رئاسته بحكم منصبة كرئيس للكنيسة القبطية.
وتكون اختصاصات المجلس الملي هي النواحى الإدارية وغير الدينية في حياة الكنيسة؛ فيدير وينظر كل ما يتعلق بالأوقاف الخيرية والمدارس والكنائس والمطابع القبطية والمعونات للفقراء والمعوزين, وينظم حياة الكنيسة وحياة الرهبان في الأديرة وسجلات الزواج والتعميد والوفاة.
وأيضًا من اختصاصات المجلس النظر في الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية؛ كالزواج والانفصال الجسدي والطلاق, وكذلك الوصايا المواريث.
ويقول "ماجد حنا" المحامي: نريد دورًا بارزًا للمجلس الملي العام لتكون يدًا أخرى تساعد الكنيسة في الارتقاء بشؤون الأقباط وحل مشاكلهم، وقد برز دور المجلس في المشاكل الأخيرة؛ مثل حكم الإدارية العليا وكذلك مواقف شجاعة لبعض أعضائه مثل "جورجيت قليني" في قضية "نجع حمادي" وغيرها من القضايا.
وأشار "حنا" إلى الدور المدني للمجلس الملي وأنه على وفاق مع قداسة البابا وكلاً من الكنيسة ورجال الكهنوت، والمجلس مصلحته الأولى والأخيرة هي مصالح الأقباط، مضيفـًا أن المجلس بعد قرارات "عبد الناصر" بحل المحاكم الملية، وبالإضافة للأوقاف -وهي كانت من صميم اختصاصاته- أصبحت حدوده ضيقة.
وأكد القمص "صليب متى ساويرس" أن المجلس الملي العام بتشكيله الحالي الذي يضم رجال دين ورجال قانون ورجال إعلام، يمثل كل الأطياف القبطية، كما أنه يسعى لمناقشة القضايا العامة والخاصة بالأقباط، كما نجحت لجنة الأوقاف التابعة للمجلس في استرداد العديد من الأراضي.