المصري القديم لماذا كان يسعى دائمًا لتحنيط موتاه؟
كتبت: سحر غريب- خاص الأقباط متحدون
لماذا بذل المصري القديم كل هذا الجهد الكبير لحفظ الأجسام من التحلل؟ وما هو الهدف من تحنيط الموتي في "مصر" القديمة؟ وما هي كيفية التحنيط؟
لقد كان السبب الرئيسي في اهتمام المصري القديم بعملية التحنيط، أنه لم يعتبر الموت هو النهاية، بل أنه مجرد بداية لرحلة أخري يقطعها الكائن الميت.
عناصر الكائن الحى فى مفهوم المصرى القديم
فقد كان المصري القديم يري أن أي كائن حي يتكون من عدة عناصر شتي، هي:
"الكا"، وتعرف "الكا" بأنها القوي الحيوية التي تسكن الجسد أثناء الحياة، وتنفصل عنه أثناء الممات، ثم تتحد معه في العالم الآخر.
و"با": وهي الروح، وكانت تصور علي المعابد والمقابر في هيئة طائر برأس آدمية.
أما "الغت"، وهو الجسد، وهو الواجب الحفاظ عليه من التحلل.
ثم الأسم أو "رِن"، وهو الذي ييسر للروح الوصول إلي الجسد والتعرف عليه دون مشقة.
فإذا أمكن إعادة تجميع هذه العناصر المُختلفة بعد الوفاة ووضعها داخل الجسد، أمكن للمتوفي أن يحيا حياة جديدة متشابهة مع حياته التي قضاها علي وجه الأرض، ومع ذلك فلتحقيق هذا الهدف يجب حفظ الجسم الذي هو أضعف كل هذه العناصر وأكثرها عطبًا. فإذا تُرك الجسد ليتعفن، ضاع كل أمل في اتحاد القوي الحيوية، فتدمير الجسد يعني فناء الروح بالنسبة لعقيدة المصري القديم، حيث تضطر الروح إلي أن تهيم تائهة دون وجود جسد ترسوا داخله.
أساس علم التحنيط
ويقوم علم التحنيط في الأساس علي تجفيف الجثة تمامًا ومنع البكتريا من الوصول إليها، وذلك عن طريق عدة خطوات أساسية، أولها شفط المخ عن طريق الأنف بخطاف معدني، ورغم هذا فلا يُنزع بهذه الطريقة سوي جزء من المخ، أما الجزء الباقي فيتم إذابته بعقاقير مُعينة، وبعد ذلك يُشق الجانب الأيسر من الجسد وتنزع الأحشاء، وبذلك لا يبقى في الجثة أية مواد رخوة تتعفن بالبكتريا. إما بالفتح أو بحقن زيت الصنوبر في الأحشاء عن طريق فتحة الشرج.
ثم يتم وضع تلك الأحشاء داخل الأواني الكانوبية الأربعة، وهي عبارة عن أواني من الفخار لها غطاء علي هيئة رؤس للآلهة يعرفون بأسم أبناء "حورس"، الذين يضمنون الوظائف الفعلية للكبد والرئتين والمعدة والأمعاء.
ويتم بعد ذلك ملء تجويف الصدر والبطن بمحلول النطرون، ولفائف الكتان المشبعة بالراتنج والعطور، وهى جميعًا مواد لا يمكن أن تكون وسطًا للتحلل والتعفن بالبكتريا.
ويتم تجفيف الجسد جيدًا بوضعه في ملح النطرون الجاف؛ لإستخراج كل ذرة مياه موجودة فيه، واستخلاص الدهون، وتجفيف الأنسجة تجفيفًا كاملاً.
وبعد ذلك يتم طلاء الجثة براتنج سائل؛ لسد جميع مسامات البشرة؛ حتى يكون عازلًا للرطوبة، وطاردًا للأحياء الدقيقة والحشرات في مختلف الظروف، حتى لو وُضعت الجثة في الماء، أو تُركت في العراء.
وفي أحد المراحل المتقدمة من الدولة الحديثة، تم وضع الرمال تحت الجلد بينه وبين طبقة العضلات عن طريق فتحات في مختلف أنحاء الجثة؛ وذلك لكى تبدو الأطراف ممتلئة، ولا يظهر عليها أى ترهل في الجلد.
كما يتم استخدام شمع العسل لإغلاق الأنف والعينين والفم وشق البطن، ثم يتم تلوين الشفاه والخدود بمستحضرات تجميل.
وبعد ذلك تُلف المومياء بأربطة كتانية كثيرة قد تبلغ مئات الأمتار، حيث يتم لف الأصابع والأيدي والأرجل أولاً بأربطة رفيعة جدًا، ثم يُلف الجسد نفسه، وأخيرًا تُلف المومياء في شبكة من الأربطة الأكبر حجمًا، وقد دُهنت الأربطة عند لفها بالراتنج، ثم يتم تلوينها بأكسيد الحديد الأحمر (الغراء الأحمر) بينهما شمع العسل كمادة لاصقة، وتُوضع التمائم بين اللفات، والتي تكون مصنوعة من الأحجار أنصاف الكريمة؛ لتأكيد المحافظة علي الميت وحمايته، كما تُوضع هذه التمائم علي الجفون وعلي شق البطن، وأغطية من الذهب علي الأصابع ولوحات صدرية وأحزمة "إيزيس".
وكان مثل هذا النوع من التحنيط يستغرق وقتًا طويلاً، وباهظ النفقات؛ ولذا كانت هناك عدة درجات من التحنيط، ويعتبر تحنيط "أوزوريس" هو الأغلي من بينها.
وللأهمية الكبيرة للجسد، كان أعداء الملك يخفون معالم الجثث حتي ينتقموا من الميت بعد مماته.
غرفة المومياوات في المتحف المصري
هي غرفة من غرف الدور العلوي داخل المتحف المصري الذي يقع في ميدان التحرير، ولقد تم تجميع عدد لا بأس به من المومياوات، والتي كانت من ضمن أبرز المومياوات التي تم إكتشافها داخل خبيئة الدير البحرى على الضفة الغربية لنهر النيل بمدينة الأقصر جنوب مصر عام 1881، ثم أُكتشفت خبيئة أخرى للمومياوات عام 1898 فى مقبرة الملك أمنحوتب الثانى بـ"وادى الملوك"
وقد تمت إضافة قاعة جديدة للمومياوات مؤخرًا داخل المتحف المصري، وذلك ضمن خطة شاملة لتنشيط حركة السياحة إليه بعد المائة الثانية من تاريخه.
أبرز المومياوات
وتضم قاعة المومياوات الجديدة (11) مومياء، من أبرزها مومياء الملك "تحتمس الثالث"، وهو واحد من أعظم ملوك الدولة الحديثة، وهو أبن الملك "تحتمس الثاني" من زوجة ثانوية تُدعي "إيزيس"، وهو والد الملك "أمنحوتب الثاني"، وقد حكم "مصر" بعد الملكة "حتشبسوت".
ويُعتبر "تحتمس الثالث" أحد الفاتحين العظماء في تاريخ مصر القديمة، وقد وجدت مومياء "تحتمس الثالث" داخل مقبرته في وادي الملوك في مدينة "الأقصر"، والتي تتميز بنقوش وألوان زاهية تصور أعماله الدينية وفتوحاته العسكرية.
ومن أهم المومياوات أيضًا داخل قاعة المومياوات، مومياء الملك "أحمس" مع ما تحمله من أهمية عُظمي، حيث أن هذا الملك قد وصفه كثير من الأثريين بأنه كان قائدًا سياسيًا وعسكريًا متميزًا، أستطاع أن يقهر الهكسوس ببراعته العسكرية، وهو أحد ملوك الأسرة السادسة والعشرين.
مومياوات ملوك الأسرة العشرين
كما تضم القاعة مجموعة من مومياوات ملوك الأسرة العشرين، مثل مومياء "رمسيس الثالث"، والملك "رمسيس الرابع"، كما تضم مجموعة من مومياوات كهنة "آمون" الذين لقبوا بالملوك الكهنة، والذين تمكنوا من حكم "مصر" في الجنوب، وكوَّنوا الأسرة الواحدة العشرين، وأصبحت طيبة العاصمة الدينية للبلاد. ومن هؤلاء الملوك الكهنة "بانجم الثاني"، وزوجته "ايست ام خب دي" التى كانت كاهنة المعبودة "ايزيس"، والمعبودين "مين"، و"حورس".
كما يُعرض بالقاعة ثلاث مومياوات للملكات، هن "ماعت كا رع"، و"نجمنت"، و"حنوت تاوى".
أما المومياء التي يتزاحم حولها زوار قاعات المومياوات فهي مومياء فرعون موسي، أو مومياء الملك "رمسيس الثاني".
ومن الجدير بالذكر، أن القاعة صُمِّمت خصيصًا لعرض المومياوات، وبداخلها أجهزة ضبط نسبة الرطوبة والحرارة .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :