بقلم: ميخائيل رمزى عطاالله
لم يعد مقبولًا الكلام المعسول عن المحبة بين عنصري الأمة، وبات تصوير الأحضان والقبلات بين الشيخ والقس شيء مضحك، وأصبحت شعارات عاش الهلال مع الصليب شيء من قبيل الهزل، وما يحدث كل يوم من مشاكل بين الطرفين يوضح ذلك. فحالة الإحتقان في تزايد مستمر، وإن لم يتم معالجة الأمر بحكمة سيكون بمثابة النار التي ستلتهم الأخضر واليابس، والراصد للأمور سيجد وتيرة الإحتقان تدور بسرعة رهيبة، وبعد أن كان يقوم بها شباب أهوج، كان يتبرأ منه المسئولون بحجة أنهم محسوبين على الإسلام، أصبح هناك العديد من المسئولين هم عنصر أساسي في قيام الفتن الطائفية، بل أصبح هؤلاء المسئولون يغالون فى التطرف أكثر من المتطرفين؛ لكسب العطف الديني.
وما حدث من هدم مباني خدمات في "كنج مريوط" بقرارات خطأ من رئيس حي "العامرية" المنتمى لجماعة الإخوان، وكذلك ما حدث من صدور حكم فاضح بحبس كاهن خمس سنوات دون ذنب، وما يحدث مع "جرجس بارومى"، ومماطلة فى الحكم على "الكموني" يوضح ما ينتهجه العديد من المسسئولين فى زيادة حدة الإحتقان لدى المسيحيين، لما يعانوه من زيادة إحساسهم بالظلم الواقع عليهم.
وما يحدث الآن بين محافظ "المنيا" والأنبا "أغاثون" شيء لا يقبله عقل ولا منطق، وأعتقد أن هذا المحافظ متعصب حتى النخاع، ومنذ أن تولى منصبه في المنيا والمحافظة تحولت إلى بؤرة ملتهبة بين الأقباط والمسلمين. فمن مشكلة "أبو فانا" إلى مشاكل الأسلمة، إلى مشاكل بناء الكنائس، يوضح مدى تعصب الرجل، وقد خرج الرجل فى وسائل الإعلام يتهم الأسقف بعدم تنفيذ الإتفاق المبرم بينهم، وأنا ألوم الأنبا "أغاثون" على توقيع إتفاق بهذا الإجحاف.
وكنت أعتقد أن يكون لدى المحافظ ما يمنعه من نشر هذا الإتفاق الذي يدينه بمجرد عرضه دون النظر إلى تنفيذه من عدمه.
فأى مسئول هذا الذى يتفق على على إزالة الكنيسة التى يصلى بها الناس حتى سطح الأرض، حتى يتم بناء الكنيسة الجديدة؟! وأى حكمة التى تقضى بإزالة كافة المبانى ودورات المياه حتى يتم التصريح ببناء المبانى الجديدة؟! هل يرضى أى مسئول أن يصلى الناس فى خيمة من القماش فى هذا الحر القاتل؟ وسيأتى عليهم الشتاء والمطر.. هل يرضى السيد المحافظ هدم دورات المياه، ولم تُبن الدورات الجديدة؟ هل هدم المبنى الذي يقيم فيه الأب الأسقف شىء محترم أيها المحافظ؟ كيف يأمر محافظ من المفترض أنه كان برتبة لواء أن بُهدم السور ليتمكن الرأى العام من رؤية الكنيسة مهدمة؟ هل سيادتك تعمل وفقًا للقانون أم لضغوط الرأي العام؟!!
هل يصلح أن يكون هذا منطق رجل يعتلى منصب محافظ إقليم؟
كان الإتفاق سيكون أكثر رحمة وعدلًا واحترامًا لو كان ينص على إقامة الكنيسة الجديدة والمطرانية وجميع ملحقاتها، وبعد الإفتتاح بيوم واحد يتعهد الأسقف بهدم جميع المبانى، والسور، وكافة المبانى، وفى حالة الرفض تهدم بالقوة الجبرية.
هل تعتقد ياسيادة المحافظ أن الأنبا أغاثون له القدرة أن يخالف إتفاق بهذا المعنى؟ أعتقد رفع تقرير للبابا فى حالة عدم التنفيذ كفيلة أن تجعله يهدم بالليل قبل النهار..
أما التحجج بأن الأسقف لم ينفذ ما تم الإتفاق عليه فهو يعيب عليك كمحافظ أن تسوغ مثل هذا الإتفاق أصلاً ، ويتضح من كلام الأنبا "أغاثون" استكمال المحافظ لخطته الغريبة فى رغبته في الإستيلاء على أرض المطرانية القديمة أوصل الخداع إلى هذا الحد من محافظ المنيا، ثم يتضح جهل الرجل بكل الأمر؛ حيث يدّعى فى وسائل الإعلام بوجود أربع مباني مازالت قائمة، ويتضح فيما بعد أن ثلاث مباني لا تمت للمطرانية بصلة، وإنها أملاك خاصة بالأهالي، والموجود داخل المطرانية هو سكن الأسقف فقط..أي ثقة لرجل لا يعرف أبسط الحقائق؟!
وهنا يأتى السؤال المهم: ما الحل؟
الحل الأمثل ليس لمشكلة محافظ "المنيا" والأنبا "أغاثون" فقط، بل لحل لجميع المشاكل الطائفية بين المسلمين والمسيحيين هي تشكيل لجنة من عشرين شخصية من الجانبين تكون محترمة ومعتدلة، وتعلى العدل فوق كل اعتبار، تكون تابعة لرئيس الجمهورية مباشرةً، وتنتقل إلى أى بلد به مشكلة طائفية، وتعد تقريرًا بالحقيقة كاملة دون زيف أو مجاملة، وتعرض هذه التقارير من هذه اللجنة شهريًا على السيد رئيس الجمهورية؛ ليصدر فيها قرارات واجبة النفاذ فورًا، وتتولى هذه اللجنة متابعة التنفيذ ومعاقبة كل متسبب في الإحتقان، أو معطل للحلول.
جميع المسيحيين يضعون كل ثقتهم فى رئيس الجمهورية، ويعلمون إنه ينشد الحق، ولا يرضى بالظلم إذا وصل الأمر إلى مسامعه؛ لذلك أرى أفضل الحلول هو هذه اللجنة؛ لأنها ستصل بحقيقة الأمور لرئيس الدولة، وستعرض أمامه الحقائق كاملة .
تنفيذ هذا الإقتراح كافٍ لحل كافة المشاكل الطائفية، وأُحاسب لو لم يؤت هذا الإقتراح بثماره.