جديد الموقع
لماذا يهاجم حسن نصر الله المحكمة الدولية الآن؟
عتقد أن الريموت كنترول هو أفضل إختراع للرجل، وخاصة عندما يعود من عمله مرهقا ويلقى بنفسه على الكنبة مثل كيس البطاطس أمام التليفزيون ويمسك بتلك الآلة السحرية والمسماة (ريموت كنترول) ويبدأ فى التجول حول العالم من موقعه الإستراتيجى على تلك الكنبة والتى قد إهترأت من كثرة جلوسه عليها، ويبدأ فى التجول بين القنوات ولا يهدأ له بال إلا توقفت شاشة الجهاز عند إغنية لهيفاء وهبى أو شاكيرا، ويمر مرور الكرام على قنوات الأخبار، وإن كان البعض يدمن مشاهدة قناة لهلوبة الفضائية الإخبارية واسعة الإنتشار وذلك بهدف تعذيب الذات.
وكثيرا ماحدثت معارك كلامية بينى وبين زوجتى بخصوص إدمانى لإستخدام الريموت كنترول، وخاصة فى وجود الإسرة حولى، وزوجتى بطبعها لا تشاهد التليفزيون كثيرا وإن شاهدته فيكون ذلك لمشاهدة برنامج معين أو فيلم معين، أما أنا فأستمر فى التنقل بين القنوات كالطائر الحر الطليق يحلق من أعلى الفضاء مع الفضائيات أتنقل من أمريكا إلى إنجلتراثم فرنسا وآسيا ومصر ولبنان (قنواتى المفضلة)، وأحيانا تشد زوجتى شعرها من كثرة تنقلى بين القنوات، حتى أنها فى خناقة أخيرة قالت لى:" بقى إسمع بقى... يا أنا... يا الريموت كنترول فى البيت ده"، فقلت لها:" ياحبيبتى ده إختيار سهل جدا، الريموت كنترول طبعا"!! ومن ساعتها لم أشاهد الريموت كنترول مرة أخرى فى البيت!! مما إضطرنى إلى شراء ريموت كنترول آخر وواحد إحتياطى للإستخدام فى حالة إصابة الريموت الأصلى.
وفى هذا الإسبوع وبينما كنت أتجول بالريموت كنترول توقفت عن إحدى القنوات اللبنانية والتى كانت تعرض خطابا مباشرا "للسيد" حسن نصر الله، وللسيد نصرالله كاريزما وجاذبية جماهيرية رغم أنه يخطب دائما منذ "النصر الإلهى" من خلف عدسات التليفزيون المغلقة، ووجدت أن ريموتى الكنترولى قد توقف بفعل الجاذبية عند خطاب حسن نصر الله وبالفعل هو لديه المقدرة على مخاطبة المواطن العادى بدون فلسفة وبدون أن يقول كلاما كبيرا، وإن كان يقول أحيانا كلاما خطيرا، مثلما قال فى خطابه هذا حين هاجم المحكمة الدولية حتى قبل أن تصدر أى قرار أو تقرير، ويبدو أن هناك إشاعات مفادها أنه من المحتمل أن يكون لبعض أعضاء حزب الله إشتباه فى دورهم فى إغتيال رفيق الحريرى، ولكى أعطى القارئ نبذة عن المحكمة الدولية:
فى 13 ديسمبر عام 2005 طلبت الحكومة اللبنانية من الأمم المتحدة إنشاء محكمة ذات طابع دولى من أجل محاكمة جميع المسئولين عن إغتيال رفيق الحريرى (ومعه 22 ضحية) فى 14 فبراير عام 2005، وفى 30 مايو عام 2007 صدر قرارمجلس الأمن رقم 1757 بالنظام الأساسى للمحكمة، ودخل هذا القرار حيز التنفيذ فى 10 يونيو عام 2007، أى أن حكومة لبنان طلبت من الأمم المتحدة من حوالى 5 سنوات بتشكيل المحكمة الدولية، ولمعرفة المزيد عن المحكمة الدولية، هذا هو موقعها على الإنترنت:
http://www.stl-tsl.org/action/home
والسؤال الآن هو: لماذا إنتظر السيد حسن نصر الله 5 سنوات ليعلن إعتراضه على تلك المحكمة ويطالب بتشكيل لجان لبنانية لتولى دور المحكمة، هل يقوم بضربة إستباقية (مثل الضربات الإسرائيلية) قبل قرار المحكمة؟ أو على حد المثل المصرى:"خدوهم بالصوت قبل ما يغلبوكم"، أو المثل الآخر:"إللى على راسه بطحة بيحسس عليها"، وعلى حد علمى لم توجه المحكمة حتى الآن أى إتهام إلى أى شخص ينتمى إلى حزب الله، فلماذا "مقاومة" المحكمة الآن؟ هل لأن "سيد المقاومة" لم يعد يجد ما يقاومة؟
وبعدين أنا أريد أن أفهم موضوع "مقاومة" حزب الله، وعن أحد الخطوط الحمراء التى وضعها حزب الله وهو عدم المساس بسلاحه، وهو كما يقول "سلاح المقاومة"، مقاومة من؟؟ هل مقاومة إسرائيل؟ ولماذا يريد "سيد المقاومة" أن يقاوم إسرائيل بعدد أن أنعم الله عليه بنصر من عنده (النصر الإلهى) على إسرائيل وتم أنسحابها من جنوب لبنان، وأين كانت تلك المقاومة إثناء العدوان الوحشى الإسرائيلى على غزة؟ ولا نريد أن نكرر القول أنه عندما سقط صاروخ من جنوب لبنان أثناء العدوان على غزة، قام حزب الله بإباء وشمم بنفى أن يكون "مقاوموه" قد أطلقوا هذا الصاروخ، وبعد مقتل عماد مغنية بأيدى الموساد الإسرائيلى لم يقاوم "مقاومو" حزب الله هذا الإعتداء على أحد قادتهم وقالوا وقتها :"أننا سوف نختار الزمان والمكان المناسبان للرد"، وهذا كلام نسمعه من كل قوى الرفض والصمود والتصدى منذ أكثر من 40 سنة.
وتعالوا نسأل أنفسنا: من المسئول عن حماية حدود لبنان؟ أعتقد أن الجواب المنطقى هو أن جيش لبنان هو المسئول عن حماية بلده مثله مثل أى جيش محترم فى أى مكان فى العالم، وقد يقول قائل أن جيش حزب الله أصبح أقوى من جيش لبنان، وهو ما أشك فيه، ولكن بإفتراض صحة هذا الفرض، ففى تلك الحالة بدلا من أن يقوم حزب الله بتسليم سلاحه إلى جيش لبنان (لأنه لا يصح التخلى عن سلاح "المقاومة") أقترح فى هذه الحالة أن يقوم جيش لبنان بتسليم سلاحه إلى حزب الله وجعله هو المسئول عن حماية لبنان، وأهو يبقى :"جيشنا فى دقيقنا"!! لأن وجود جيشين فى بلد واحد ما هو إلا وصفة طبية ممتازة لحرب أهليه، هل نسيتم الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990) والتى كانت نتيجة طبيعة لتصاعد قوة جيش منظمة التحرير الفلسطينية فى أرض فتح فى جنوب لبنان. وأنا أعتقد أن اللبنانيين أكثر ذكاء من أن يقعوا مرة أخرى فى براثن الحرب الأهلية.
وأقول للسيد حسن نصر الله: أليس من الأجدر يا"سيد المقاومة" أن تستغل شعبيتك فى مقاومة الفقر فى جنوب لبنان، أليس من الأفيد للبنان وللعرب أن تقاوم الجهل والمرض، وأن تفتح مراكز للأبحاث العلمية بدلا من مراكز تدريب "المقاومة" المسلحة، إسرائيل تنتصر علينا دائما بالتعليم والعلم والأبحاث لدرجة أنها تصدر اسلحة إلى روسيا وفرنسا والهند والصين وخاصة الأسلحة التكنولوجية المتطورة (ما خف حمله وغلا ثمنه) مثل الطائرات بدون طيار، حتى أنها أصبحت المصدر الرابع للأسلحة فى العالم.
ونعود إلى مسألة المحكمة الأهلية، فقد قال السيد حسن نصر الله فى خطابه الأخير أن المعلومات لديه تتوافق وتتقاطع مع المعلومات الإستخبارية الإسرائيلية ومع الإشاعات التى إنتشرت ومفادها أن المدعى العام للمحكمة الدولية فى لبنان السيد دانيال بلمار سيتهم فى قراره الظنى المتوقع صدوره قبل نهاية العام الحالى أفرادا فى حزب الله لضلوعهم فى جريمة إغتيال رفيق الحريرى، وأنا أرى أنه ليس من الحكمة محاولة التدخل أو التأثير على قرار المحكمة قبل صدوره المتوقع بستة أشهر إلا إذا كان هناك بطحة ولا بد من التحسيس عليها قبل إكتشافها وإعلانها بواسطة دانيال بلمار!!
samybehiri@aol.com
نقلاً عن إيلاف
نقلاً عن إيلاف
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :