بقلم: جرجس بشرى
قامت الدنيا ولم تقعد بسبب وقف محافظ المنيا -الدكتور "أحمد ضياء الدين"- تراخيص بناء مطرانية مغاغة والعدوة الجديدة، مع أن نيافة "الأنبا أغاثون" التزم بكافة الشروط المبرمة بينه وبين المحافظ الشفهية منها والمكتوبة.
ومن المؤكد أن سوابق محافظ المنيا مع الأقباط خطيرة، حيث في عهده تصاعدت حدة ودرجة العنف الطائفي ضد الأقباط، كما أن المحافظ لم يعطِ تراخيص ببناء كنائس جديدة في المحافظة إلا فيما ندر؛ لدرجة أن هناك قرى بها أعداد كثيرة من الأقباط ولكن لا توجد بها كنائس، كما تم رصد حالات في عهد محافظ المنيا تم القبض فيها على اقباط يصلون في المنازل!! وذلك خوفـًا من أن تتحول هذه المنازل إلى كنائس.
وما أريد أن أقوله هنا أنه لا يجب تحميل محافظ المنيا وحده المسئولية في أزمة مطرانية مغاغة والعدوة الجديدة، ولكن أجهزة الدولة نفسها مسئولة أيضًا عن هذه الأزمة، وبخاصة الجهاز الأمني، الذي اعتقدَ أن المحافظ نفسه يحصل على موافقته قبل إصدار التصاريح ببناء كنيسة.
ومن هنا لا يجب أن نختزل مسئولية تقييد بناء دور العبادة المسيحية في مصر في يد شخص واحد كالمحافظ، أو نقصرها في منظقة جغرافية واحدة في مصر؛ كمحافظة المنيا، فتقييد بناء الكنائس في مصر سياسة دولة، وليست مسئولية شخص واحد، وهذه السياسة متبعة في كل محافظات مصر بلا استثناء، لدرجة أنه من الصعوبة البالغة الحصول على إذن أو تصريح ببناء كنيسة، كما أنه من الصعوبة الحصول على إذن بإصلاح أو بترميم دورة مياه في كنيسة.
هذا يحدث في مصر في ذات الوقت الذي تسمح فيه الحكومة المصرية ببناء المساجد والزوايا دون عائق ولا مانع، لدرجة أن هناك مساجد مقامة على شواطئ الترع والمصارف وتصب مياه الصرف الصحي في هذه الترع دون مساءلة! كما أن هناك مساجد تنشئها الدولة على نفقتها الخاصة في الميادين العامة، إلى جانب المساجد المقامة في المؤسسات الحكومية.
ومن المؤكد أن هذا التقييد المفرط والقمع بلا هوادة من الدولة لبناء دور العبادة المسيحية يضع مصر في قائمة أكثر الدول المنتهكة للحريات الدينية في العالم، ولن أكون مبالغـًا إذا قلت أنه سيضعها قريبـًا على قائمة الدول المثيرة للقلق في هذا الشأن، خاصة وأن الحكومة المصرية موقعة على اتفاقيات وعهود دولية ملزمة تتعلق بحقوق الإنسان والحريات الدينية.
متى ينتبه المسؤولين في مصر أن مصر للجميع، وأن حرية بناء دور العبادة وممارستها مكفولة للجميع، وأن مصر ستفقد كثيرًا من مكانتها وهيبتها بسبب هذه الممارسات العنصرية ضد المسيحيين المصريين.
فعلى المسؤولين أن يستفيقوا من غفلتهم قبل فوات الآوان.