حوار : أبو العز توفيق- خاص الأقباط متحدون
 كل يوم تخرج علينا الفضائيات بمجموعة من الشيوخ لا نعرف هويتهم العلمية، وهؤلاء الشيوخ يقولون فتاوى بغير علم؛ لأنهم غير مؤهلين لذلك، وأيضًا ليسوا من علماء الأزهر الشريف.

 والغريب أن هذه الفتاوى تؤدي إلى إثارة الفتنة، وكل فرد يفسر القرآن على حسب هواه ورأيه الشخصي، وليس كما جاء في تفاسير العلماء للقرآن الكريم، والغريب أيضًا أن البسطاء والعامة من الشعب الإسلامي يصدقون هذه الفتاوى دون الرجوع إلى الأزهر والتأكد من مصداقية تلك الفتاوى قبل تنفيذها، مما يؤدي إلى تصديق الكثيرين لتلك الفتاوى.

 فهل هذا يعقل؟ بالطبع لا.. ولذلك كان لنا هذا الحوار مع فضيلة الدكتور الشيخ "نوح عبد الحليم" مدير الدعوة الإسلامية بمديرية أوقاف سوهاج، والحاصل على الدكتوراة في التفسير وعلوم القرآن.

شيوخ الفضائيات
•    أولاً ما رأي فضيلتكم في شيوخ الفضائيات؟
**  لابد أن يكون المسؤول عن هذه الفتاوى من أهل الاختصاص، ولابد أن يكون أيضًا من الدارسين بالأزهر الشريف؛ لأنهم تربوا على تعاليم كتب الفقة وأحكام الشريعة الإسلامية التي تنادي بالوسطية والاعتدال، وليس كل مَن فوِّض يصبح مفتيـًا كما نرى ونشاهد على الفضائيات، فالكثير من الناس الذين يدّعون العلم يتكلمون على الله بغير علم.

•    هل فتاوى الفضائيات صحيحة؟
**  بالنسبة للفتاوى -سواء كانت فضائية أو غير فضائية- لابد أن تكون تطبيقـًا للشريعة الإسلامية، ومؤيدَة بالكتب والسّنة، وأما فتاوى الفضائيات فهؤلاء الشيوخ يفتون حسب آرائهم ومزاجهم وأحوالهم الشخصية، مما يؤدي إلى اضطراب في الفتاوى.

 هذا يتكلم برأيه وهذا يتكلم بدأيه، وتُسبب هذه الآراء المختلفة فتنة بين الشعب الإسلامي، وتعطي صورة غير صحيحة عن الأزهر الشريف، لذا نرجو من أهل الحكمة والرأي أن لا يسمحوا لكل من هبّ ودبّ بإلقاء الفتاوى على الفضائيات وغير الفضائيات، ولابد قبل أن نصدق هذه الفتاوى أن نرجع إلى الأزهر الشريف ونتأكد منها جيدًا.

  ويجب على المسؤولين بهذه الفضائيات ألا يسمحوا لأحد من هؤلاء بالعمل لديهم، إلا إذا كان من حاصلاً على شهادة من الأزهر الشريف تفيد بأنه مؤهل للفتوى، ولا يجوز لأي إنسان أن يفتي في أحكام الشريعة بغير علم.

•    هل زواج المسيار حلال؟
**  زواج المسيار حلال، ولكن بشروط.. وإذا توافرات هذه الشروط يكون هذا الزواج حلالٌ، وهذه الشروط  هي:

- أن تكون الزوجة راضية بما تنازلت عنه من حقوقها؛ لأن في زواج المسيار بعض التنازلات من الزوجة، فإذا قبلت الزوجة بأن لا ينفق عليها الزوج، ولا يسكن معها، ويتركها ويغيب عنها، هنا يصبح الزواج حلالٌ وتتحقق معه أهداف الشريعة الإسلامية من حيث العفة والطهارة؛ فهو بخلاف زواج المتعة المباح لدى أفراد مذاهب الشيعة؛ فزواج المسيار حلال كما جاء بالشرع.

•    خرجت علينا فتوى تقول "أن الإبل في الأصل كانت شيطانـًا".. فما رأيك في هذه الفتوى؟
**  طبعا فتوى غير صحيحة؛ لأن الإبل مذكورة في القرآن الكريم بنصها وباسمها في أكثر من آية، ففي "سورة الإنعام" يقول تعالى: "من الإبل إثنين ومن البقر إثنين" (الآية 144)، وفي "سور الخاشعة" يقول تعالى: "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت، وإلى السماء كيف رُفعت"- (الآية 17و18)، وبذلك تكون الإبل خلقـًا من خلق الله عز وجل، بها منافع للناس ينعم الله بها عليهم.

•    هناك مَن يقولون أن القرآن أمرَ بارتداء النقاب.. فما رأيك فضيلتكم في ذلك؟
**  النقاب عادة وليس عبادة، وكثير من الفتاوى الفضائية تنادي بوجوده بل وتفرضه، ولكن آراء جمهور العلماء تؤكد على أنه ليس فرضـًا على المسلمات، إنما هو عادة وتقليد.

 فمَن تريد ارتداء النقاب فلا أنكر عليها نقابها، ومَن تريد خلع نقابها لا أنكر عليها ذلك، وليست كل منقبة مطيعة لتعاليم الإسلام، وليس كل امرأة أو فتاة غير منقبة مخالفة لتعاليم الإسلام.

ويقول الشيخ "مظهر علي" -إمام مسجد الفرشوطي- أن جمهور العلماء اتفق في تفسير قول الحق تعالى في "سورة النور": "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" أن المقصود من هذه الآية الكريمة هو الوجه والكفين، وهذا يوضح أن القرآن الكريم أمر بكشف الوجه والكفين، وأنه أمر بارتداء الحجاب وليس النقاب، وهذا أمر الخالق عز وجل.

ويضيف "مظهر" أن العلماء قالوا إن هذا الأمر يتطلب من الرجال غض البصر عن النساء، ويوضح لنا أن كشف الوجه للنساء ليس بذنب، وهذا ما حدث مع "الفضل بن عباس" عندما كان جالسـًا مع النبي (ص) وأخذ "الفضل" ينظر إلى إحدى النساء، فقال له النبي: "اصرف وجهك عنها"، ولم يأمر الرسول تلك المرأة بتغطية وجهها، وهذا يوضح لنا أن النقاب من الأمور المباحة.

•    وسألنا الدكتور "نوح عبد الحليم" عن رأيه في بعض الفضائيات التي تلعب بالوحدة الوطنية في مصر؟؟
**  التمسك بالوحدة الوطنية تعتبر فرضـًا على كل مسلم ومسيحي، ولا يجوز أن يتجاهلها أحد لأننا جميعـًا  نعبد إلهـًا واحدًا، ونسكن وطنـًا واحدًا، ونعيش تحت راية واحدة، ونشرب من نيل واحد، فلابد أن نكون متعاونون حتى لا نترك مجالاً لأن يلعب بوطننا أحد.

 فنحن أسرة واحدة نعتز بمصرنا الغالية، والدين الإسلامي يأمر أتباعه بالحب والمحبة والسلام لجميع الخلق، وكذلك الدين المسيحي ينادي بذلك، فكل مَن يحاول جاهدًا إشعال نار الفتنة الطائفية مذنب ومخطئ وله عقاب الله عز وجل.