منير مجاهد: التعليم أخطر المجالات لزرع التمييز الديني.
إكرام لمعي: مصر كانت تحترم اللادينيين.
د. محمد فرحات:ثقافة التمييز تمنع وصول الأقباط لمراكز في المجال التعليمي.
سعد هجرس: أقترح قانون لمواجهة التمييز.
متابعة: نادر شكرى - خاص الاقباط متحدون
حذر المشاركون بالمؤتمر الوطني الثاني لمناهضة التمييز الديني الذي عقد أمس الجمعة ويختتم اليوم بمقر حزب التجمع من خطورة التوغل الديني داخل المؤسسات التعليمية وسيطرة روح التعصب ونشر ثقافة التمييز على أساس الدين وتجسد هذه الثقافة من خلال غياب رؤية واضحة للمنظومة التعليمية في ظل سيطرة التيار الديني المتشدد الذي يحمل الفكر الوهابي على مقاليد العملية التعليمة والتخطيط الدائم لاستهداف المؤسسات والمدارس والجامعات لنشر فكرهم المتطرف الذي يقوم على رفض الأخر وإعلاء الوتيرة الدينية التي سيطرت على القائمين بالعملية التعليمية وظهور المدارس الخاصة التي لا تقبل غير المسلمين وهو مؤشر لخلق جيل قادم يحمل ثقافة أساسها الدين بعيدا عن فكرة المواطنة ويدفع بمصر إلى بؤره الانهيار في ظل التخلف الذي يسود التعليم في الوقت الحالي على مدار 50 عاما .
قال منير مجاهد رئيس المؤتمر والمتحدث باسم مجموعه مصريون ضد التمييز الديني أن التعليم الوطني المصري الذي أسسه محمد علي والذي ساهم في تأسيس ثقافة مصرية وطنية حديثة تتفاعل مع المجتمع والعالم قد تحولا إلى أخطر مجالات زرع ونشر التمييز الديني والتعصب والفرز الطائفي، بعد أن نجح الفكر الرجعي المتعصب في التغلغل والسيطرة على العملية التعليمية في جميع مراحل التعليم وهو أمر أصبح يعاني منه المسلمون وبشكل أفدح بالطبع غير المسلمين،واتسعت ظاهرة تحول مقررات اللغة العربية إلى دروس إجبارية في العقيدة الإسلامية يدرسها المسلم وغير المسلم،بل وتعمد اختيار نصوص تخالف عقائد غير المسلمين بدلا من تلك التي تؤكد على القيم الإنسانية العامة التي تتفق عليها جميع الأديان فكانت النتيجة أن الأجيال الجديدة من المصريين قد أصبحت أكثر تعصبا وتطرفا من الأجيال السابقة،وتزايد إحساس غير المسلمين بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، وهو ما ينمي مشاعر العزلة والانسحاب بل والكراهية،وقد أنتج هذا النظام التعليمي شبابا من المسلمين والمسيحيين أكثر اهتماما بمظاهر التدين دون النفاذ إلى جوهره، باحثين عند رجال الدين عن "الفتاوى" التي تريحهم من عناء التفكير وتحمل المسئولية،وهي قضية رئيسية هامة رأينا أن نخصص لها مؤتمرنا الثاني.
انتقد بهي الدين حسن رئيس مركز القاهرة للدراسات وحقوق الإنسان دور الدولة في العملية التعليمية التي تتعمد تكريس التمييز الديني لخدمة مصلحتها السياسية مما أدى لتدهور التعليم وبالتالي باتت مهمة المواطنة صعبة بعد تمكن التيار الديني من المؤسسات التعليمية .
وانتقد بهي نقابة الصحفيين بعد رفضها استضافة المؤتمر الثاني لمصريين ضد التمييز الديني وهذا يؤكد على انهيار إحدى القلاع الحصينة في شباك التيار الديني الذي سيطر على نقابة الحريات والنخبة المثقفة التي هى الأمل في الخروج بالمواطنة من نفق التشدد والتشزرم الديني .
ووصفت فاطمة نعود شاعرة وصحفية أن مصر أصبحت دولة دينية واضحة وإذا استمر الحال كما هو عليه ستكون أسوأ من إيران بعد تدهور الوعي العام واعتماده على لغة الدين ووصل الأمر أن الفكر المتطرف ليس فقط بين الأميين بل توغل للمثقفين والمعلمين وهنا تكمن الخطورة حيث بات المثقفين والمفكرين والكتاب يخشون التطرق لهذه القضية التي تتعلق بسيطرة الدين على مؤسسات التعليم التى تدعم فكرة تكفير الآخر رغم أن الأقباط هم اصل هذه البلد .
أشار د.أكرام لمعي عضو اللجنة الإعلامية بالكنيسة الإنجيلية أن هذا المؤتمر خطوة نحو مواجهة التمييز الديني الذي ينتشر في الجسد المصري بعد تغير الأحوال وبعد أن كانت مصر ذات يوم بها مقابر باسم اللادنيين وكانت تحترم الأموات أللأدنيين وصل بها اليوم أن تحرق منازل المصريين لاختلافهم في الديانة مثل ما حدث مع البهائيين وقتل أشخاص بسبب التمييز الديني وهو يوضح تخلف مصر، وجاء التعليم ليساهم في تعزيز هذه الثقافة السائدة بعد انتشار المدارس الأزهرية بعد الطفرة التي قام بها محمد على لكن ما بعد فترة 1952 واصل التيار الديني زحفه نحو التعليم وبالتالي السيطرة على العقول لاسيما بعد تحول الأزهر لجامعة تساند فكر التيار الديني وغاب الأقباط عن المناهج التعليمية مثل التاريخ المزيف الذي يتجاهل فترات هامة من تاريخ مصر لمجرد كونها تتحدث عن الأقباط وأعطى فرصة للجهلاء ليقدموا تاريخ مشوه مثل الخروج بروية عزازيل التي تتحدث عن القرن الخامس بشكل سيء نتيجة تجاهله في المناهج المصرية.
شن د. محمد نور فرحات أستاذ القانون الدستوري هجوما على المنظومة التعليمية التي تكرس من ثقافة التمييز الديني وبدورها آثرت على مسيرة المواطنة ورغم ما طرا على التعديلات الدستورية الأخيرة من تأكيد على مبدأ المواطن إلا أن منظومة التعليم لم تتطور مع هذه التعديلات وانقسم التعليم ما بين ديني بحت وأجنبي وخاص وهذا ما أدى لحالة تنافر في منظومة الثقافة وسيطرت جماعة الإسلام السياسي على المعاهد الأزهرية والمدارس الحكومية والجامعات وهم فئة الفقراء مما أدى لخلق مواطن متشزرم وأصبح النظام التعليمي يرسخ ثقافة التمييز في ظل غياب الإشراف الكامل وبات لا يوجد رئيس جامعة أو عميد كلية مسيحي رغم أن القانون لا يمنع ولكن ثقافة التمييز التي تناقش الحجاب والدخول بالرجل اليمن والجنة تحد من ذلك وهو ما جعل غير المسلمين يشعرون بمأساة داخل منظومة التعليم المتأسلمه.
وقال إيهاب الخولى رئيس حزب الغد أن التعليم في أزمة ويتحمل المسئولية في المقام الأول الحزب الوطني الذي يرسخ من مبدأ التمييز على أساس الدين مشيراً إن إعادة بناء وتطوير التعليم يعد مسئولية مشتركة تقع على عاتق الأحزاب والمعنيين بتطوير التعليم
واقترح سعد هجرس المفكر والكاتب الصحفي إنشاء قانون لتجريم التمييز الديني بكافة أشكاله وضرورة الخروج بالقانون الموحد لدور العبادة وهما خطوتين هامتين للعودة لمصر لكل المصريين .
قال الدكتور مصطفى النبراوى والمشرف العام على مرصد الحرية والديمقراطية أن مصر في حاجة إلى تعليم يؤكد على ضرورة الاعتراف بمبدأين أساسيين و هما "حرية التدين" و"حرية الضمير". حرية التدين وهي الاعتراف الصريح لكل إنسان أن يختار الدين الذي يشاء متى شاء دخولاً و خروجاً،المبدأ الثاني هو "حرية الضمير" أي حرية كل فرد اتجاه العمل الذي يعزز من المواطنة.
و قال حسين أشرف أمين القاهرة بحزب التجمع، إن التمييز في التعليم بكل أشكاله الديني والاجتماعي، يشكل خطورة حقيقية على العملية التعليمية، مضيفا أن حزب التجمع يقوم حاليا بمناقشة برنامجه التفصيلي عن التعليم، مؤكدا أن النصوص القرآنية أمر مهم للغة العربية، ولكن ليس بالشكل المتطرف الذي يحدث انقساماً بين عنصري الأمة.
وقدم الدكتور عماد صيام خبير تربوي كشف كامل وإحصاءات بالأسماء توضح مدى ارتبط المعلمين وأساتذة جامعة بحركات الجهاد الإسلامي والإخوان من خلال المحاكمات والاعتقالات مشيرا أن ما ساعد على انتشار ثقافة وممارسات التمييز الديني في مجتمعنا ارتباطها بالمشروع السياسي لجماعات الإسلام السياسي (ذات النهج الدعوى أو الجهادي ) والذين تزايد نفوذهم السياسي في العقود الثلاث الأخيرة بدرجة كبيرة ، وهى جماعات لا تعترف بمفهوم المواطنة وترى في التميز والاستعلاء بالدين والتدين، بل وبتوظيف الرموز ذات الدلالة الدينية احد أهم آليات بناء نفوذها السياسي وسطوتها الفكرية تمهيدا لاختراق المجتمع من أسفل لتحقيق مشروعها السياسي بالاستيلاء على السلطة وإقامة دولتهم الدينية والتي هي بالأساس مشروع طائفي و قد أدركت تيارات الإسلام السياسي مبكرا هذه الأهمية للمؤسسة التعليمية ، و إمكانية توظيفها في بناء ثقافة سياسية مساندة لمشروعها السياسي ،تؤكده شهادة مؤرخ الإخوان المعتمد محمود عبد الحليم الذي أكد على "أن المرشد العام للجماعة الشيخ حسن البنا بعد انتقال مقر الجماعة إلى القاهرة في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي ، ركز على الاهتمام بالتجمعات غير المسيسه، والتي كان أبرزها نقابة معلمي الالزامى كان يمتاز بأنه تجمع مثقف له فروع في كل أنحاء القطر المصري.
وأضاف أن الدراسة والإحصاءات توضح أن المعلمين والعاملين بالمؤسسة التعليمية من المنتمين لتيارات العنف الاسلامى يتواجدون بشكل رئيسي في محافظات أسيوط،المنيا، قنا ، سوهاج،الأقصر ،بني سويف ،القليوبية ،المنوفية ،الشرقية ، أسوان ، الدقهلية ، الفيوم ، السويس ، البحيرة ، والجيزة وهى المحافظات التي يسكنها غالبية أبناء مصر من المسيحيين ، وهى أيضا نفس المحافظات التي تتوالى فيها التوترات والاحتقانات الطائفية .كما أنهم يعملون بشكل أساسي في مؤسسات التعليم الابتدائي والاعدادى ومدارس التعليم الفني ، وهى بشكل عام المدارس التي تتاح لجميع المصريين خاصة الفقراء منهم في أقاليم الصعيد ولم تتوقف محاولة اختراق المؤسسة التعليمية من قبل تيارات الإسلام السياسي عند هذه الحدود بل تجاوزتها إلى محاولة اختراق المؤسسات التي تقوم على وضع السياسات التعليمية أو مراقبتها ، وذلك لمواجهة وإحباط أو بمعنى أدق تخريب أي جهد أو توجه لإحداث تطوير حقيقي في المؤسسة التعليمية باتجاه ترسيخ الفكر العقلاني والنقدي أو ثقافة المواطنة داخل المؤسسة التعليمية ، وهو ما يمكن أن نلحظه بشكل واضح في اهتمام جماعة الإخوان بالترشح للبرلمان والسعي للانضمام لعضوية لجنة التعليم به وذلك منذ دخولهم البرلمان عام 1984 والتصدي لا محاولات لتطوير التعليم أو تعزيز المواطنة بحجة الحفاظ على الهوية العربية أو أنها تنفيذ لأجندة خارجية وهو الهجوم الذي كانت يستجيب له النظام السياسي في محاولة للمزايدة على تلك التيارات بأنه أكثر أيماناً وإسلاماً وتدينا.
وقال عبد الحفيظ طايل عضو المركز المصري للحق في التعليم أنه رغم نجاح الدولة في التصدي لموجات العنف الديني والطائفي خلال فترة التسعينات ، إلا إن المناخ السائد بالمدارس وكذلك مجمل الانتهاكات التي تتعرض لها العملية التعليمية يتسببان في إشاعة مناخ من العنف تغذيه حالة الاستبداد و العنف الرسمي وغياب الحريات الأساسية الذي يجعل الغضب من الانتهاكات الشديدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية يتجه نحو الأقل والأضعف من الشرائح الاجتماعية مما يشيع حالة من إعادة إنتاج العنف تتغذي بشكل أساسي على الإحباط الناتج من ضعف مردودات التعليم في الواقع.
وكشف د.كمال مغيث أستاذ البحوث التربوية أن المناخ التعليمي بالمدارس وما يسير عليه يدعو للتشاؤم مثل تركيز جميع الأنشطة على مسابقات حفظ القرآن والأبحاث الدينية والإذاعة الإسلامية فضلا عن إكراه بعض أصحاب الديانات الأخرى على حفظ نصوص دينية لا يعتنقوها إضافة للإكراه في فرض الحجاب على المسلمات غير المحجبات والمسيحيات في بعض المدارس ووصل الوضع إلى تحية العلم تحت شعارات دينية دون الالتزام بالهوية الوطنية والـتأكيد على الهوية الدينية وحمل بعض القائمين بالتعليم الوافدين من منطقة الخليج أفكار جديدة وسعى البعض إلى بثها في العقول والتي تؤسس الانتماء للدين علي حساب الانتماء للوطن، بل زاد البعض من أنشاء مدارس خاصة لا تقبل سوى أصحاب الديانة الواحدة لتزيد من عزلة العقول وتوسع من فجوة المواطنة.