بقـلم / هــاني شــهدي
إذا كان موقع الفيسبوك وما شابهه يصنّف علي أنه موقع تواصـل اجتماعي ، تتواصل من خلاله مع أشخاص أنت تعرفهم بالفعل وعلي اتصال بهم خارج تلك الحياة الإلكترونية، أو تعرّفت عليهم من خلال أفكارهم وكلماتهم، وإذا ما فكرت لدقائق معدودة ستجد أن الفيسبوك أعاد اكتشاف هؤلاء بالنسبة إليك :-
١- اكــتشاف أســرتك:-
قد يكون ابيك أو أمك ، ابنك أو بنتك، أخيك أو أختك أحد “المفســفسين” علي قائمة أصدقائك في الفيسبوك، قبل هذا الأختراع الإلكتروني العجيب ورغم تواجدكم داخل جدران بيت واحد لكنك لم تكتشف أبعاد وملامح شخصيته وهو بالمثل لم يكتشفك، أما بوجودكم داخل كمبيوتر أو موبايل عبر الفيسبوك تزداد بينكما مساحة المصارحة والمكاشفة والود بمرور الأيام كأصدقاء فيسبوكيين فتُــعيد اكتشافه من جديد من حيث الهوايات والطباع والمجاملات والمعتقدات .للأسف طباعنا كشرقيين تمنعنا من البوح والتصريح والمُصادقة بين أفراد الأسرة الواحدة، لذلك أصبح هذا الأختراع الغربي المسمي الفيسبوك الذي يحيا داخل جدران موبايل لا تتعدي مساحته بضعة سنتيمترات أكثر اتساعاً وراحة لنا كشرقيين من منازلنا الواسعة التي تقدر بمئات الأمتار.
٢. اكــتشاف اصــدقاءك:-
قد تكون عايشت الكثير من اصدقاءك في الواقع ، لكن لم تتح لك فرصة كافية للحوار وتبادل الأراء بينكما ، الفيسبوك يتيح لك وباستفاضة فن الحوار الراقي مع أصدقائك القدامي ويزرع في طريقك أصدقاء جدد ، يتحولون بمرور الأيام وترابط الأفكار من أصدقاء الكترونيين إلي أصدقاء حقيقيين.
أيضاً يُعيد لك اكتشاف اصدقاءك فتكتشف الطيب الذي لبس عباءة القــسوة لسنوات في مخيلتك بسبب طبيعة عمله مثلاً، تكتشف المُخادع الذي كنت تراه “علي نياته”، تكتشف المثقف الممتلئ علماً بعدما كان هدوءه يضعه علي أول قائمة الساكتين في الأرض، وتكتشف التافه الذي لم يكن صوته العالي إلا فراغــاً يُـغنّي، وتكتشف الموجوع الذي لا يتأوّه إلا عندما تلامس جراحته بلطف، وتكتشف العنيد الذي لطالما سمعت منه أجمل كلمات الديمقراطية والحرية، أنت أيضاً مُجبر أن تضع خط من ذهب تحت الذكي اللمّاح الذي يفكر خارج الصندوق لأنهم قليلين في هذا الزمان الذي طالما عقلك الضعيف وضعه في صفــوف المجانين.
٣. اكــتشاف العالــم :-
أنت تقرأ العالم من حولك بأفكاره وأفعاله المختلفة من خلال مطالعتك لأي خبر عابر، أنت بنفسك بعقلك الصغير تُعــيد اكتشاف أدمغة البشر في كل بقاع الأرض. تتمايل وأنت تراهم يشربون القهوة علي أنغام الموسيقي في روما وتُصدَم كيف يشربون دماء البشر في بلدنا العربية مخلوطة بالجهل المقدس ، تستاء من أحدث الطبخات من لحم الحمير في مصر بينما تتمني دعوة عشاءتقدم لك لتناول شُــربة ضـفادع في أحد مطاعم باريس ، في ثواني تشاهد روعـة المرور في اليابان وسلوكيات المواطن الياباني المرورية فتحيهم ب-“الله عليكم” وكيف تكون تعليقات الأف المصريين ب-“الله يرحـمهم” بعد كل حادثة بشعة…وكذا وكذا.
بعد مطالعتك لتعليقات وأراء البشر المتنوعة التي تجذبك كالطوفان في اتجاهات متعاكسة أنت مُضطر أن تستخدم عقلك وتعتمد علي رؤيتك الشخصية حتي تتمكن من فرز الكلام الصالح من الطالح وتَبني وجهة نظر معينة تعبر بها عن رايك .
أنت المـسّوقْ الوحيد لمعرفتك أو جهلك ، لقبولك أو رفضك ، لأفادتك أو استفادتك في هذا الفضاء الفسـيح.