الأقباط متحدون | أرض النفاق 6
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٠:٤٧ | الخميس ١٩ اغسطس ٢٠١٠ | ١٣ مسري ١٧٢٦ ش | العدد ٢١١٩ السنة الخامسة
الأرشيف
شريط الأخبار

أرض النفاق 6

الخميس ١٩ اغسطس ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: سامح سليمان
يجب عليك إذا رغبت فى تحقيق النجاح فى هذه الحياة أن تفهمها وتستوعبها على قدر استطاعتك، وأن تتقبلها، ليس كما يتم تصويرها أو كيفما يريدك المجتمع أن تراها، أو كيفما تريد أن تراها، بل يجب عليك أن تراها على حقيقتها، وتدركها وتفهمها وتتلامس معها، وتتقبلها كما هى بكافة نقائصها ومساوئها وعيوبها، وبكل آلامها وأحزانها وأكاذيبها وقبحها وبشاعتها ودمامتها وشقائها وبؤسها وعبثيتها، وأن تتوائم وتتكيف بصورة تفاعلية إيجابية- مع الحفاظ على أفكارك وأراءك وقناعاتك ـ مع سفالات وبذاءات وإيذاءات وقذارات وغباوات وتفاهات وسخافات وجهالات وضلالات من يتقاسمونها معك، وألا تثق إلا فى ذاتك، وأن تكون على معرفه واقتناع ويقين تام بعدم امكانية وجود أى شخص فى الحياة- كان أو سوف- يهتم بك ويشعر بعذابك وأوجاعك وآلامك وأحزانك ومتاعبك ويكفكف لك دموعك ويحنو عليك ويمنحك الحب والعطف والرعاية ويتمنى لك النجاح إلا نفسك.
 
 يجب على الإنسان العقلانى الناضج الواعى، أن يكون على اقتناع وقناعة كاملة بعدم وجود أى صديق أو رفيق حقيقى أو حليف له فى الحياة إلا ايمانه بذاته وامكاناته ومواهبه وقدراته، يجب أن يكون على معرفة بأنه لم ولن يكون مصدرًا لإهتمام الآخرين به، إلا فى حالة احتياجهم له ورغبتهم فى فهمه، واستكشاف عقليته وطبيعته لمعرفة نقاط قوته وضعفه، واختراق دفاعاته، وكيفية السيطرة عليه وتسخيره لتحقيق أهدافهم ومخططاتهم ورغباتهم، واستنفاذ طاقاته ومواهبه وقدراته، والتمتع بلذة القيادة والسيطرة، والتمكن من إخضاع الآخرين وتحقيرهم وخداعهم.
 
 و(على الإنسان) أن يكون على إدراك واقتناع وقناعة تامة بأنه لا يمثل لأكثر من حوله أو لأى شخص أخر إلا مادة للإستغلال، وفريسة يسعى لإفتراسها إن جائته الفرصة، وذبحها بكل برود أعصاب، وبدون لحظة تفكير، وبلا أى تردد أو تواجد لأى درجة من درجات الشفقة أو الرحمة أو التعاطف أو حتى الندم، وبدون أدنى درجة من درجات لوم النفس، أو الإحساس بالذنب، أو تأنيب الضمير ـ بل ربما يستمتع ويتلذذ بشعور القوة والتفوق والسيادة ويتفاخر بإنتصاره، أو غنيمة يتربص بها وينتظر فرصة اقتناصها، أو سلعة تختلف قيمتها لديه بإختلاف مقدار ما يستطيع أن يتكسبه من ورائها من منفعة.
 
 
"نحن قوم نعشق الإيذاء والدمار والتدمير، إرادة الحياة لدينا أضعف بكثير من إرادة الموت، فالكائن البشرى كائن عدائى وعدوانى بالفطرة، إن لم يجد سبب للكراهية والعداء لأخترعه، وسعى إلى إيجاده بكافة الطرق والأساليب والوسائل، بل وحتى  ببذل التضحيات."
 
إن المجتمعات الطبقية السلطوية الفاسدة والمفسدة، لا يحقق ساكنيها أهدافهم ورغباتهم إلا بالصعود على أكتاف البسطاء وسليمى النية، وبأن يسحقوا بأحذيتهم أحلام وطموحات وجثث وبقايا غنائمهم، ممن يتم وصفهم فى وجودهم بطيبة القلب والشهامة والبطولة والعطف والأخلاق الكريمة، بينما يتم تحقيرهم ومعاملتهم بصورة شديدة السوء والإستهزاء بهم وإتخاذهم كأضحوكة ومادة للتندر والسخرية والمزاح فى كل جلسة، ونعتهم فى غير وجودهم ـ وأحيانًا كثيرة فى وجودهم ـ بأقذر الألفاظ والمسميات وأكثر التشبيهات إنحطاطًا. ووصفهم بالغباء و(العبط) والبلاهة والحماقة، والخنوثة ونقص الرجولة فى حالة ما إذا كان الشخص المراد الإستهزاء به وتحقيره رجلاً.
 
إن المجتمعات الإستغلالية لا ترحم الضعفاء، ولا تحترم أو تعطى الحق فى الحياة الكريمة إلا للأقوياء الأذكياء أصحاب البراعة فى الخداع والتضليل، والحرفية فى الإيذاء وصناعة الدسائس والمؤامرات، وسرعة التحول والتلون على حسب التيار السائد، وبما يتناسب مع أى تغير فجائى، والقدرة على فهم وإختراق وتملق من بيده القوة والسلطة، والموهبة فى المكر والدهاء والنفاق والرياء وتحقيق النجاحات وجمع الثرواث واقتناص الفرص بغض النظر عن مدى شرعية الوسيلة المستخدمة، بينما لا تهتم بدعم ومساعدة الكفاءات وأصحاب المواهب، بل تتركهم فريسة للإحساس بالفشل، وإنعدام القيمة، والإحباط والإكتئاب واليأس، والوحدة، بدون أى مساندة أو تدعيم، أو إتاحة الفرصة أمامهم لإثبات كفائتهم وتحقيق ذواتهم ـ أو بمعنى أخر تتجاهلهم وتزدريهم، وتحتقرهم وتقمعهم، وتهدر طاقاتهم وتحاربهم، وتلقى بهم وبمواهبهم فى أقرب سلة مهملات، أو فى أحقر مزبلة أو مقبرة، أو أقذر مرحاض عمومى؛ حتى يكونوا عبرة وأمثولة لكل أحمق حالم ساذج مثالي.
 
"عبد الله القصيمى": الحياة تتعامل مع المتعاملين معها بقدر ما تستطيع ويستطيعون بلا أى نموذج من الأخلاق والإحترام. إن الذين  يملكون القوة ولا يملكون الخلق هم أفضل فى التعامل مع الحياة من الذين يفعلون العكس، بل هم الذين تقبل الحياة التعامل معهم وحدهم. لا ينبغى أن نتعجب إذا رأينا التافهين والأغبياء هم وحدهم الذين تهبهم الحياة كل حبها ومزاياها. فأولئك التافهون الأغبياء قد توافقوا مع الحياة توافقًا مكانيًا، كما يتوافق الحجر مع الأحجار الأخرى فيأخذ مكانه المناسب منها.  " كبرياء التاريخ فى مأزق".




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :