بقلم: مادلين نادر
 "وحيد حامد".. هو واحد من أبرز الكتّاب الذين اتخذوا موقفـًا قويـًا وواضحـًا ضد التطرف والتشدد الديني، وخاض معارك ضارية ضد "طيور الظلام"، وهو الفيلم الذي كشف زيف الجماعات الدينية المتشددة وعلاقتها بفساد السلطة.

 فقد كتب ال"وحيد حامد" يواجه "طيور الظلام"مؤلف الكبير عدة أعمال تحذر من خطورة الإسلام السياسي وتدين الإرهاب، ومنها "الإرهاب والكباب"، الذي تحدث عن مشاكل الحياة اليومية التي يمكن أن تصنع إرهابي، دون أن يكون متطرفـًا، كما قدم أعمالاً درامية أخرى تتناول نفس القضية؛ من أبرزها مسلسل "العائلة"، الذي تم عرضه في ذروة أحداث الإرهاب التي عانت منها مصر في منتصف تسعينيات القرن الماضي.

 يقدم "وحيد حامد" هذا العام -وسط الأعمال الدرامية الكثيرة التي يذيعها التليفزيون خلال شهر رمضان- مسلسل "الجماعة"، الذي احتل صدارة اهتمامات المشاهدين هذا العام، ويرجع ذلك إلى نوعية وجرأة الموضوع الذي يتناوله المسلسل، خاصة وأن هناك الكثيرين لا يعرفون تاريخ بدء الغخوان المسلمين ومَن هم مؤسسوها.

 وبالرغم من أن المسلسل يلقى نسبة مشاهدة عالية، إلا أنه على الجانب الآخر هناك انتقادات كثيرة يتم توجيهها إلى الكاتب والسينارست "وحيد حامد" -مؤلف المسلسل- مستندين إلى أن المسلسل يتبنى وجهه النظر الحكومية المعادية للجماعة، حتى أن "سيف الإسلام حسن البنا" نجل مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، قام برفع دعوى قضائية أمام محكمة القاهرة الاقتصادية ضد مؤلف مسلسل "الجماعة"، وطالب فيها "سيف" بوقف عرض المسلسل وتسليمه نسخة من السيناريو للاطلاع عليها، والتعرف على مدى مطابقتها للسيرة الذاتية لوالدة "حسن البنا"؟!

 ترى جماعة الإخوان المسلمين أن "حامد" عمل على إظهار طلاب الجماعة على أنهم عصابات ويستخدمون العنف داخل الجامعة، وأن انضمامهم إلى الجماعة كان سعيـًا وراء الماديات والمساعدات، وأنهم يخفون عن أهلهم انتماءهم، وكأنه عمل غير مرغوب فيه، إضافة إلى إدانته للنشاط الاقتصادي ووصفه بأنه مشبوه، وأنه حاول إظهار "حسن البنا" -مؤسس الجماعة- أنه متشدد دينيـًا منذ صغره، ولا يحترم الكبير، والتشكيك في بعض المواقف التي فعلها في طفولته؛ من أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وأن نشاطاته محاطة بالسرية، وأن الجماعة أيامه أفضل من الآن.

 أمرٌ غريبٌ أن يرفع نجل "حسن البنا" دعوى قضائية للمصادرة على وجهة نظر الكاتب، ومحاولة منعها من الوصول إلى الجمهور، فليس من حق أحد أن يصادر أو يمنع أحدًا من المؤلفين من تناول موضوع أو قضية ما من منطلق وجهه نظرة، لكن فقط من حقه أن ينتقد أو أن يقول رأيه في العمل الدرامي؛ سواء كان بالغيجاب أو بالسلب، ولكن هذا الأمر أيضًا يجب أن يتم بعد انتهاء المسلسل وليس بعد مشاهدة 8 حلقات منه.

 ولذلك عبر "وحيد حامد" عن استيائه من الهجوم الكبير الموجه لمسلسله "الجماعة"، من خلال موقع "الفيس بوك"، مؤكدًا أنه يعلم أن مصدر هذا الهجوم هم الإخوان أنفسهم.

 وأضاف "حامد" في تصريحاته مع مجلة "الشباب": "كل ده ولسه الحكاية يا دوب في أولها، وعمومـًا أنا متوقع ما هو أكثر من ذلك بكثير، وربما جاءت البداية من علي "الفيس بوك" لأنه الأسرع والأكثر انتشارًا، ومشكلة مَن يروجون لهذا الكلام -سواء كانوا من قلب الإخوان أو ليسوا منهم أصلاً- أنهم لم يعطوا أنفسهم الفرصة لمشاهدة المسلسل كله أو حتى نصفه"!!

 وتابع "حامد": "أما الخطأ الكبير الذي وقع فيه الإخوان دون أن يدروا، هو أنهم ظنوا أنه طالما هناك عمل يتناول تاريخهم؛ فإنه لابد أن يهاجمهم ويسيء لتاريخهم من باب: "اللي على راسه بطحه"، وهذا ليس حقيقيـًا؛ فأنا كتبت عن الإخوان بكل سلبياتهم وإيجابياتهم، فهم في النهاية بشر لهم سقطاتهم وإخفاقاتهم، وليس من الطبيعي أنني عندما أكتب عن تاريخهم أن أتجاهل هذه السقطات، ثم أنني استعنت في كتابة المسلسل بما قالوه هم وكتبوه عن أنفسهم؛ يعني الكلام مش من دماغي".

 يذكر أن "وحيد حامد" قدّم أفلامـًا وأعمالاً درامية أخرى تهاجم الفساد والاستبداد السياسي، ومن أبرزها فيلم "الغول"، الذي تعرض لنفوذ المسؤولين وانتهاكهم للقانون وتهربهم من العدالة، فمَن ينسى جملته الشهيرة التي وردت على لسان "عادل إمام" عن "قانون ساكسونيا"؟؟

 ومنها فيلم "احكي يا شهرزاد"، الذي انتقد من خلاله العنف الذي تتعرض له المرأة من المجتمع ومن الأسرة، وفيلم "سوق المتعة"، الذي قدم رؤية لمواطن سُجن ظلمـًا، وبعدما خرج من السجن لم يستطع أن يعيش حياة الحرية، فمَن قُيدت وحُبست حريته لا يعرف أن يتمتع بها بعد أن يُطلق سراحه، وكذلك فيلم "البرىء"، الذي تعرض فيه للفساد السياسي إبان حكم "عبد الناصر"، ودور زوار الليل في محاربة الإبداع وحرية التفكير.

 ومن أفلامه أيضًا "طائر الليل الحزين"، و"الراقصة والسياسي"، و"الإنسان يعيش مرة واحدة"،  و"معالي الوزير"، و"الإرهاب والكباب"، و"المنسي"، و"اللعب مع الكبار"، و"ديل السمكة"، و"مسجل خطر"، و"كشف المستور"، و"الدنيا على جناح يمامة"، و"طيور الظلام"، و"النوم في العسل"، و"اضحك الصورة تطلع حلوة"، و"سوق المتعة"، و"محامي خلع"، و"دم الغزال"، و"الأوله في الغرام"، و"الوعد".

 وقد حصل "وحيد حامد" على عدة جوائز منها:
جائزة "أحسن مسرحية" عن مسرحية "آه يا بلد" من وزارة الثقافة عام 1972.
جائزة "مصطفى أمين وعلي أمين" عن فيلم "البرئ" عام 1986.
جائزة "أحسن فيلم"  عن فيلمه "طيور الظلام" من جمعية الفيلم عام 1993.
جائزة "أحسن سيناريو" عن فيلم "المنسي" من جمعية الفيلم عام 1994.
جائزة "أحسن سيناريو" عن فيلم "الراقصة والسياسي" من الجمعية المصرية لفن السينما عام 1995.
جائزة "أحسن مسلسل تليفزيوني" عن مسلسل "آوان الورد" من وزارة الإعلام عام 2001.
جائزة "أحسن سيناريو" عن فيلم "فيلم اللعب مع الكبار".
و"الجائزة الفضية" من مهرجان ميلانو بإيطاليا عن فيلم "الإرهاب والكباب".
جائزة "الدولة للتفوق في الفنون" من المجلس الأعلى للثقافة عام 2003.