بقلم: جرجس وهيب
 بعد أن استشعر الجميع خطورة جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، جاء مسلسل الجماعة، والذى يُعرض على عدد من القنوات الفضائية، فى محاولة لفضح أفكار الجماعة، وخاصةً قبل إنطلاق انتخابات مجلس الشعب، والتى ستُجرى أواخر العام الحالى، ورئاسة الجمهورية التى ستُجرى العام القادم.

إلا أن هذا المسلسل- من وجهة نظرى- سيأتى بنتائج عكسية، بل سيضم أعددًا كبيرة من الشعب المصرى للجماعة التى تحظى بدعم غير مسبوق من قطاعات عريضة من الشعب المصرى، بل تسيطر الجماعة على عدد من النقابات مثل نقابة الأطباء والمحامين. فغالبية العاملين بالمجالين هم أعضاء فى الجماعة، أو من المحبين لها، أو من المتعاطفين معها على الأقل.

بشكل عام، المسلسل لم يكن حرفيًا بالشكل الكامل، ولم يعرض الموضوع بشكل متوزان. فالمسلسل به هجوم كبير من طرف واحد على الجماعة، مثلما كان يفعل التليفزيون المصرى من استضافة عدد من الكتاب الحكوميين لمهاجمة أفكار الجماعة،  دون إعطاء الجماعة أى فرصة للدفاع عن نفسها، مما يعطى إنطباعًا لعدد كبير من الشعب المصرى، بأن الجماعة مُحاصَرة من الدولة، ومجنى عليها؛ مما يزيد التعاطف معها بشكل كبير..

 فالمسلسل أظهر الجماعة بغير قصد، أنها كيان تنظيمى منظم بشكل كبير، ويعمل أعضائها بإيمان كامل بمبادىء الجماعة، وهم على أتم استعداد لبذل حياتهم وأموالهم من أجل نشر فكر الجماعة..فمن خلال تحقيقات نيابة أمن الدولة، تظهر الجماعة بأنها مجنى عليها وليست جانية. كما أن دعم الجماعة للطلبة الفقراء، والتى تخلت عنهم الدولة، لا يدين الجماعة وإنما يُحسب لها، وأن الجماعة لا تتخلى عن أعضائها بل توفر لهم من يدافع عنهم، وتقدم مساعدات مادية لأسرهم. وقد يساعد ذلك عدد كبير من الشباب المحبَط، والذى قضت عليهم الدولة وحرمتهم من تحقيق أهدافهم وطموحتهم، وحرمت قطاع عريض منهم من إعتلاء عدد من المناصب على الرغم من تفوقهم العلمى،  وأصبحت بعض وظائف المجتمع المرموقة حِكرًا على فئات معينة دون النظر للتفوق العلمى، فأبناء القضاة يصبحون وكلاء نيابة. وأولاد أستاذة الجامعة معيدين بالجامعة، وأولاد ضباط الشرطة ضباط شرطة، وأولاد السفراء من العاملين بالسلك الدبلوماسى..

فالشباب المصرى أصبح مُحبطًا بلا أمل ولا طموح، بعد أن انتشرت ثقافة الكذب، والفهلوة، والنصب، والشباب على استعداد للإنضمام لأى إتجاه فى البلد ضد الدولة.

 وجاء مسلسل الجماعة ليعرّف قطاعًا عريضًا من الشباب بمبادئ وأفكار جماعة الإخوان. والذى قد يعتبره البعض أفكارًا منفِّرة من الجماعة، يعتبره الشباب المُحبَط طوق النجاة.

فحرص "حسن البنا" على نشر مبادىء الفضيلة منذ سنوات عمره الأولى، من خلال إقامة "جمعية الأخلاق الحميدة"، وجمع الأموال من أجل شراء حصر للمساجد، وإقامة شعائر الصلاة حتى لو على حساب اليوم الدراسى، أفكار سيشجعها الكثير من المصريين، وخاصةً بين الشباب صغير السن، بل سيقتدى عدد كبير من الشباب بهذه المبادىء والأفكار، وقد يحاولون تقليدها داخل أعمالهم..

للأسف الشديد، إن المسلسل وفّر للجماعة دعاية كبيرة مجانية قبل انطلاق انتخابات مجلسي الشعب ورئاسة الجمهورية.

كنت أتمنى أن يتم معالجة الموضوع بصورة أفضل من ذلك،  وبحرفية. وإن كنا ما زالنا فى الحلقات الأولى من المسلسل،  ويتبقى عدد كبير من الحلقات؛ إلا إننى أرى أن المسلسل لن يأتى بالثمار المرجوَّة من إظهار تاريخ الجماعة الدموى،  وأفكارها الهدامة، وتشددها، وموقفها السلبى من الأقباط والمرأة؛  بل قد يزيد المسلسل من التعاطف مع الجماعة، وهذا ما كنت أنا شخصيًا لا أتمناه.