* الدكتورة "سهام عبد السلام":
- عادة الختان عادة فرعونية قديمة جدًا.
- تأكد لي أن موضوع الختان للجنسين لا لزوم له ،لأن جميع أدوات الأطباء أسلحة ذات حدين بدءًا من قرص الأسبرين حتى مشرط الجراحة.
- المرجعية التي يُعتمد عليها في موضوع الختان كتاب "تحفة المودود بأحكام المولود"، وهو كتاب غير ديني.
- مقولة أن الختان يمنع السرطان خرافة.
- كثير من مظاهر العنف ترجع في جزء منها لعملية الختان.
- الغلفة جزء من الجهاز المناعي.

أجرت الحوار: هند مختار- خاص الأقباط متحدون

لا يكاد يشك أحد فى أهمية ختان الذكور، حيث يعتقد الكثيرون، وربما عن جهل، بأنه من صحيح الدين، ولا يكاد يختلف فى ذلك المسيحى والمسلم على حد سواء.
الدكتورة "سهام عبد السلام" – طبيبة وباحثة أنثروبولوجى- لها رأى آخر، وللتعرف عليه وعلى أسبابه ومبرراته أجرينا معها هذا الحوار:

* في البداية من أين نشأت "عادة الختان"؟
عادة الختان عادة فرعونية قديمة جدًا، ظهرت في "مصر" القديمة؛ لأن في المعتقد الفرعوني أن الإله "آمون" قام بختان نفسه بنفسه، وعلى هذا كان يجب على الكاهن الأعظم الذي يدخل قدس الأقداس في معبد الإله "آمون" أن يكون مختونًا؛ حتى أن اللون الأحمر المصاحب للغروب كانوا يعتقدون أنه الدم الذي نزل من "آمون" من عملية الختان. ولم يكن هذا هو الطقس الوحيد الذي كان يمارسه الكاهن، بل كان يحلق شعر رأسه، وشعر جسده بالكامل،  وكانت عملية الختان هذه تتم وهو في سن كبير نسبيًا.

 وعلى جدران المعابد المصرية، نجد أن الختان يتم للصبية الكبار وليس للأطفال، ومع الوقت انتقلت عادة الختان من الكهنة إلى عامة الشعب بالتدريج، هذا بالإضافة إلى المعتقد الذي يقول بإزدواج الذكورة والأنوثة بداخل الإنسان؛ نسبة إلى الإله "حابي" إله النيل الذي كان يصوََّر على هيئة رجل له ثدي امرأة، وعلى هذا، يتم التخلص من الغلفة في كل من الذكر والأنثى حتى تصير الأنثى أنثى، ويصير الذكر ذكرًا.

وكانت عملية الختان تتم في توقيت الفيضان من كل عام (شهر مسرى)، ويتم إلقاء الجزء المقطوع في النيل بإعتباره قربانًا لإله النهر.

* لكن هناك مرجعية دينية حول موضوع ختان الذكور؟
من المعروف أن الحديث تم تجميعه في القرن الثاني الهجري، وأنه يوجد الكثير من الأحاديث غير الصحيحة والمدسوسة على علم الحديث،  ومنها أحاديث الختان؛ فجميعها غير صحيح، والمرجعية التي يُعتمَد عليها في موضوع الختان كتاب "تحفة المودود بأحكام المولود"،  وهو كتاب غير ديني بقدر ماهو كتاب جمع كل العادات الموجودة في عصر "بن القيم" الخاصة بالمواليد، وبه فصل كامل عن الختان وعدم الختان.
ولقد تمسك الجميع بفصل الختان، وتركوا فصل عدم الختان. ومن المعروف أيضًا أن هذا الكتاب من تأليف "ابن القيم الجوزي"، وهو تلميذ لـ"ابن تيميمة" أكثر التيارت الإسلامية تشددًا في الإسلام.

* ما هو السبب الذي لفت نظرك لعدم صحة ختان الذكور؟
نحن من عائلة لا تختن الإناث أساسًا، فكان هذا الموضوع غير مطروح، ولكن حينما كنت طبيبة، جاء النائب وطلب منا أن ننتظر لأننا سوف نجري عملية ختان لأحد الأطفال، فأنتظرت بإعتبارها جراحة، حتى فوجئنا بطفل عمره حوالي شهر.


 وبدأت الجراحة، وعندها صرخ الطفل صرخة لازلت أسمعها في أذني حتى الآن، ثم أبيضّ وجهه، وبدأ يتصبب عرقًا (وهذه أعراض الصدمة العصبية)، وبدأت أتساءل عن هذا الذي يحدث؟ فمما كان يعانى الطفل حتى يتم مد مشرط عليه؟ فقد كان سليمًا تمامًا. 
وأبلغتهم يومها إنني لن أشارك في أي عملية ختان، وكان هذا سنة 1972، ولم أكن وقتها درست أو بحثت عن الغلفة، فلم يقوموا  بتدريس هذه الأشياء في كلية الطب وقتها.

* وماذا كانوا يدرسون؟
كانوا يدرِّسون في كلية الطب أن الغلفة هي قطعة من الجلد في مقدمة القضيب، وهي التي تُقطع دون عمل أي أبحاث عليها؛ فهم لم يعملوا عليها أبحاثًا، ولم يقرأوا أصلاً الأبحاث التي تمت في هذا الموضوع.

 وقال لي الجميع: إني حرة في عدم اجراء عملية الختان، ولكنى سأكون الخساسرة؛ فقد لا يقوم الناس بأي جراحة من أي نوع، ولكنهم لن يتوقفوا عن عملية الختان، وهذا يعتبر مصدر دخل.
 وحينما أصبحت نائبة، كانت تأتي لنا في الإستقبال حالات نزيف لأولاد وفتيات بسبب عمليات الختان، وأذكر أنه في أحد الليالي سهرت طول الليل أنقل دم لطفل بسبب عملية الختان، وبدأت أتساءل أكثر، فأنا لم أكن أعلم أي شيء عن الموضوع غير الخرافات التي كانو يدرِّسوها لنا في كلية الطب مثل الخرافة التي تقول أنه يمنع السرطان، وغير ذلك..

ومع حقبة التسعينات مع مؤتمر السكان، ظهر الحديث عن مناهضة ختان الإناث، وتطوعت بالكلام بإعتباري طبيبة ولم أختن، وكنت أعتقد لجهلي الشديد وقتها، إنني بمجرد الكلام مع الناس سوف يقتنعون؛ ولكني وجدت أن الموضوع إجتماعي ثقافي، فبدأت القراءة والبحث عن الموضوع- سواء في التركيب أو الوظائف أو الأعضاء الجنسية، وتأكد لي أن موضوع الختان للجنسين لا لزوم له؛ لأن  جميع أدوات الأطباء من الأساس أسلحة ذات حدين، بدءًا من قرص الأسبرين حتى مشرط الجراحة. فمثلاً المرض الذي أستطيع التحكم فيه بتنظيم الطعام أو المجهود، لا أعطي المريض دواءً. ومن يأخذ دواءً لا أعطيه حقن فالجراحة حل أخير.

ويجب قبل إجراء الجراحة أن يكون على علم بالمخاطر والفوائد وما يمكن أن يحدث، ويوقّع على هذا..
فمثلاً إذا كان أحد الأشخاص لديه ورم ما في يده، ويستطيع التعايش معه، ولا يضره، ولا يضايقه؛ فيُستحسن تركه؛ لأن الجراحة (مالهاش كبير). كما يجب احترام الجسد الإنساني فما بالك بالأطفال؟!!

* ماهي المضار التي تعود على الذكور من عملية الختان؟

أولًا أنه يُحرم من هذا التركيب الرائع لجسمه؛  لأن الجلد كلما التقى بغشاء مخاطي تكون هذه أكثر الأماكن حساسية في الجسم؛ لأن بها مستقبلات عصبية متخصصة باللمس الخفيف،  وهي موجودة في أماكن قليلة في الجسم مثل الشفايف، وتحت الجفن، وموجودة في غلفة الذكر والأنثى، وحول فتحة الشرج، والأنامل.

فمثلاً لو دخلت حبة رمل في العين تشعرين بها كأنها جبل، لكن على الشاطئ ممكن أن تمشي حافية ولا تشعري بشيء؛ هذا لأن قدم الرجل لا يوجد بها هذه المستقبلات العصبية، وهذا هو ما يخسره الذكور والإناث من الختان.

فبالنسبة للذكور، الإحساس الجنسي الطبيعي؛ فالغلفة تفرز مادة مرطبة تجعل الجماع أيسر للطرفين.

وعلى هذا، الختان يجعل الرجل وشريكة حياته يفقدان كل هذه المتع الممكنة، ولكي يعوِّض هذا النقص تكون العلاقة قائمة على الإحتكاك العنيف؛ لأن الجماع يحتاج لوسط رطب، وقد يلجأ الرجل لمرطبات صناعية، أو اللعاب، وكل هذه المضار مضار آجلة، لا يشعر بها الرجل إلا عند الكبر، ولا يشعر الرجل بالمضار لأن هذه العملية تجرى للأطفال الذين لا يمتلكون وسيلة للتعبير، ويكون التعبير عن طريق العنف وخاصة العنف تجاه النساء، والعنف الجنسي.

فكثير من مظاهر العنف ترجع في جزء منها لعملية الختان، وهناك أبحاث كثيرة جرت حول هذا الموضوع منها أبحاث العالم الأميركي "رونالد جولدمان"، وهو عالم نفسي ويهودي، ولكنه أصلاً ناقد للممارسات التي تحدث باسم الديانة اليهودية،  وله كتاب باسم الختان أو الصدمة الخفية، وخفية لأنها تحدث قبل أن يستطيع الطفل التعبير.
وعلى هذا، فكل مضار ختان الإناث هي نفس مضار ختان الذكور.
الغلفة أساسًا للذكر بها ألياف عضلية وألياف مرنة، وفي الطفل تكون الألياف العضلية أكثر  لكي تسمح لتيار البول أن يمر للخارج، ولا يسمح لأي ملوثات أن تمر للداخل.

ومن المعروف أن المختتنين يصابون بإلتهاب في فتحة مجرى البول، فالطفل أو الطفلة يولدون بالغلفة ملتصقة في رأس العضو، كالأظافر ملتصقة بالأصابع، فتحمي الأنسجة الحساسة من دخول أي ملوثات من البول أوالبراز. فعملية تقشير الغلفة تكون عملية قاسية جدًا كتقشير الظفر من الجلد. الغلفة تُفتح بمفردها في الأولاد والبنات، وعند البلوغ تكون الغلفة متحركة فيكون من السهل تنظيفها..

الغلفة أيضًا جزء من الجهاز المناعي، يوجد بها خلايا اسمها خلايا "لانجر هانز"، وهي تتعامل مع أي ملوثات أو أي ميكروبات،  وللأسف الجهلة يقولون أن هذه الخلايا تسبب زيادة مرض الإيدز لأنها تبتلع الفيروس. ولكن هناك بحث صدر سنة 2007 أن هذه الخلايا تفرز مادة اسمها "اللانجرين"، وهي مادة تتعامل مع الفيروس من خارج الجسم وتقتله،  والفيروس لا يتغلب على هذا المادة، إلا إذا كانت قليلة. وهذه المادة لا تكون قليلة إلا إذا قطع أحد الغلفة، وهذه المادة موجودة في أماكن كثيرة مثل مجرى البول، وموجودة عند الإناث في الأعضاء الخارجية وفي المهبل، والتحيزات تجعل العلماء يعمون عن كل هذه الحقائق العلمية.

*  لماذا فكرة المكابرة في مضار ختان الذكور من العلماء؟
أولاً- هناك ثقافات قديمة كانت تستخدم الختان بدون أي أسباب طبية، وبدأ يدخل الطب في النصف الثاني من القرن التاسع العشر، وهو العصر الفيكتوري. وكان يتميز بالتزمت الشديد،  والنفاق، وغلبة الأخلاقيات الشكلية،  وعيب الجنس للنساء. بالإضافة إلى الغزوات الإستعمارية، والرحالة، وعلماء الأنثروبولجيا.  واكتشفوا عادة الختان عند القبائل الأفريقية وعند بعض القبائل الأصلية في "استراليا"، وبدأوا يدخلوها في الطب؛ لأنه لم يكن متطورًا. وكان هناك إعتقاد أن كل الأمراض العقلية تأتي عن طريق الإستثارة الطرفية، وأكثر استثارة طرفية الجنس، وتحديدًا "العادة السرية"؛ لأنها عملية من طرف واحد.

وكانوا يحمِّلون العادة السرية العديد من الأمراض مثل العمى،  والصرع، والسل، فلكي يعالجوا العادة السرية يقومون بالختان للأولاد والبنات، ولكنه خرج من "انجلترا" سريعًا؛ لأن لديهم تفكير نقدي.  وانتقل سريعًا إلى الدول المتكلمة بالإنجليزية ومنها "أميركا". واستمر في "أميركا" لفترات أطول، وهذا تأثر بالبريتانين والبروتستانت المتأثرين باليهود، وبدأت موضة إنه كلما ظهر مرض مخيف للناس، ليس له طرق علاج يربطونه بالختان كعلاج، فقالوا يقي من الأمراض الجنسية كالسيلان والزهري، حتى أُكتشف أن هذا خرافة، وأن المضادات الحيوية تعالج هذه الأمراض.

 وظهرت الخرافة الثانية، إنه يقي من سرطان عنق الرحم، ومع الوقت أًكتشف أن هذه الأبحاث مبنية على أساس خاطيء، فأنت يهودي وزوجتك غير مصابة بسرطان عنق الرحم، ولأن اليهودي مختتن؛ فالختان يقي من المرض. دون النظر إلى أن هذا الشخص اليهودي لديه عادات صحية أخرى، وعادات أخلاقية. وهذا ينطبق على مثال كانوا يدرِّسونه لنا في الأبحاث الكمية، إنه كلما كبرت الحريقة كثرت عربات المطافي..

وانتهى هذا الموضوع، وأصبح الكلام عن الوقاية من الإيدز موضة العصر، وأيضًا هناك دراسات تفنِّد هذا الكلام، والواقع أيضًا يدحضها؛ فـ"أمريكا" هى  أكبر دولة غربية  بها نسبة ختان، وأكبر دولة بها مرض الإيدز! فعلى حسب طريقة الإرتباط الإحصائية بهذا المنطق في التفكير، يكون الختان مسببًا للإيدز،وبالعكس فـ"فنلندا" أقل دولة غربية بها ختان، وأقل دولة بها إيدز ..

فمنظمة الصحة العالمية يسيطر عليها أشخاص يتحكمون في تحيزاتهم ويخشون اليهود وغضبهم، يحاولون الحفاظ على الختان بأي طريقة..

* معنى هذا أن الختان ليس له أية فوائد من أية نوع؟
لا يوجد طفل أو طفلة وُلدوا بدون هذا الجزء على الرغم من إصرار جزء كبير من البشرية على قطعه، و75في المائة من ذكور البشرية لا يختتنون؛ فالختان الأن موجود عند اليهود ومن تأثر بهم، وعند بعض القبائل الإفريقية، وعند السكان الأصليين في "إستراليا". والمسلمون تأثروا باليهود؛ لأن اليهود كانوا قوة ثقافية وإقتصادية في الجزيرة العربية، ومع ظهور الفقه الإسلامي، استطاعوا  إدخال إسرائيلياتهم في الفقه الإسلامي. لكن الفقه المسيحي لم يتأثر بهم؛ لأن الدولة الرومانية حينما اتخذت الديانة المسيحة كدين لها، كان اليهود لا يمثلون أي قوة

 *ماهو الدور الذي يجب أن نقوم به في "مصر" والعالم العربي أو الإسلامي لإبقاف ختان الذكور؟
نقوله ولا نخاف، فأنا أقوله كما أقوله لك دون خوف .

*لكن هذا مجهود فردي نحن بحاجة لمجهود مؤسسي؟

المؤسسات محافظة وتخشى (زعل) المشايخ، و(زعل) اليهود.

*لكنهم أغضبوا المشايخ سابقًا في موضوع منع ختان الإناث؟
بعضهم يقولون كلامًا غريبًا، مثل أن الشيخ "طنطاوي" كان ضده. ولكن هناك مشايخ ضده، والأهم من هذا في رأيي أن الختان وسيلة ربح مادي للأطباء  (سبوبة مش هايستغنوا عنها)، والأهم أيضًا والذي اكتشفوه في "أمريكا"، ولم يكتشفوه حتى الآن في "مصر"، هو أن هذه الغلفات تُباع لشركات الأدوية؛ حيث يُؤخذ منها خلايا حية،  وتُستعمل لإختبارات مستحضرات التجميل وكريمات التجاعيد وكريمات الجروح ..

الختان جزء من التحكم في السلوك الجنسي، و"موسى بن ميمون" الفيلسوف القطب اليهودي في القرن الـثانى عشر يقول: إن الختان يجب أن يتم للطفل، وهو صغير حتى لا يقع حبه – أى حب الجنس- في قلبهم، وحتى لا تُجرّب المرأة الرجل وهو مختتن فتثور على الختان..

كل مؤيدي الختان يعتمدون على الإصحاح17 في سفر الخروج، ولكن في المسيحية أبطل القديس "بولس" الختان، وفي الإسلام لم يذكر القرآن كلمة واحدة عن الختان، اللهم إلا آية واحدة يتم تأويلها، وهي اتبع سنة "إبراهيم" حنيفًا، وهناك من قالوا بالختان، وهناك من قالوا بعدم وجوده، وفريق قال إنها أشياء معنوية، والتشريع  لا يأتي إلا بنص قطعي الثبوت وقطعي الدلالة..