بقلم: ميرفت عياد
مكاتب فخمة تمتد في حجرات غاية في الاناقة، وهواء مكيف ومعبق برائحة الورود والياسمين ينتشر في كل مكان، وكرسي هزاز مريح يجلس عليه أحد المسئولين أو أحد الوزراء؛ ليدير شئون ذلك البلد عبر الأسير، أو عبر الاجتماعات التي يحضرها المروؤسين أو المشاركين في صنع العديد من القرارات المصيرية، والتي يدفع ثمنها هذا الشعب المسكين، هذه هي عادة الصورة المعتادة لكل مسئول في هذه البلد.
والحقيقة أن هذه الصورة النمطية، أراد أن يقطعها ويقذف بها في سلة المهملات اللواء "محسن حفظي" مساعد أول وزير الداخلية ومدير أمن الجيزة، حيث ترك جانبـًا جميع التقارير التي تصل إلى مكتبه عن حالة الأمن في البلد، وقرر أن يقوم -مشكورًا- بترك سيارته، مستقلاً أحد الميكروباصات، ومتخفيـًا حتى لا يعرفه أحد؛ ليطلع بنفسه على أحوال العباد في تلك البلاد، في تجربة جديدة شاءت وزارة الداخلية أن تنتهجها؛ لتعيد الود بين رجل الشارع ورجال الشرطة والداخلية.
وهنا ظهرت المفاجأة التي اكتشفها سيادة اللواء بنفسه -خلال تلك الزيارة الميدانية- وهي وجود العديد من المخالفات من قَبل سائقي الميكروباص؛ لذلك قرر الاستعانة بمخبرين سريين للتأكد من التزام سائقي الميكروباص بخطوط السير والأجرة، وعدم الاندفاع المروري، محذرًا من أي مخالفة ستعرضهم لسحب التراخيص الخاصة بهم.
وكم أتمنى من كل قلبي أن تلحق بهذه الزيارة الميدانية العديد من الزيارات التي تحتك بالشارع وبأفراد الشعب؛ فنزول جميع المسئولين والوزراء إلى الشارع المصري سيساعدهم على معرفة الطلبات والمشاكل الحقيقية للمواطن البسيط، وبهذا يتم اتخاذ القرارات وصنع القوانين التي تراعي مصالح جميع الشعب.
ولهذا أردت أن أسلط الضوء على صورة إيجابية حدثت منذ أيام، لأنني لست من أنصار البكاء على اللبن المسكوب، أو تسليط الضوء على السلبيات فقط دون الإيجابيات؛ لأن هذا من شأنه أن يؤدي إلى حالة من الإحباط وفقدان الأمل، والاستسلام للوضع القائم بجميع مساوئه، دون بذل أي محاولة لتغيير هذا الوضع.