CET 09:34:06 - 27/08/2010

مقالات مختارة

بقلم: سمير سعيد

لم تكد تهدأ قضية الهجوم على الحجاب في القارة الأوروبية قليلاً حتى انفجرت هذه الأيام موجات جديدة في بقاع عدة في القارة العجوز، استعداداً لانتخابات محلية أو عامة، أو إنقاذاً لهذا الحزب أو ذاك وإعادته إلى الواجهة السياسية في بلاده مرة أخرى، من خلال شن حملة مفتعلة ضد الحجاب أو ضد أي أمر آخر يرمز إلى الإسلام كالمآذن، أو دعوات لوقف أسلمة أوروبا .
في النمسا، ومع اقتراب موعد الانتخابات المحلية في العاصمة فيينا، دعا أكبر الأحزاب اليمينية وهو “حزب الحرية” إلى إجراء استفتاء حول إقامة منارات ومآذن المساجد، والحجاب والنقاب الإسلامي، ليستفيد من المناخ الأوروبي المعادي للإسلام في تعزيز موقعه داخل العاصمة، حيث اشتدت شوكة اليمين الأوروبي في الآونة الأخيرة نتيجة مهاجمة هذا الدين .

فحزب خيرت فيلدر المناهض للإسلام ضاعف من عدد مقاعده النيابية في البرلمان الهولندي في الانتخابات العامة التي جرت الشهر الماضي، فيما صوت الناخبون السويسريون لمصلحة حظر بناء منارات ومآذن المساجد في استفتاء جرى في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي .
وفي كوسوفو تعادي الدولة الجديدة هي الأخرى الحجاب، بل ترغم الفتيات على نزع حجابهن ومنعهن من ارتياد المدارس، رغم أن 90% من سكانها من المسلمين، بحجة أن الدستور ينص على أن كوسوفو دولة “محايدة في المسائل الدينية”، فلا ندري هل هذا من ثمار الدعم الأمريكي لاستقلال كوسوفو، أم خوفاً مرضياً من اتهامها بأنها دولة مسلمة في قلب أوروبا كما يحدث مع تركيا، فراحت تنزع هويتها الدينية وما يلزم من أمور أخرى على بوابة الاتحاد الأوروبي مقدماً قبل أن يطالبها أحد بذلك؟

وقد انتقل هذا السعار الأوروبي إلى الناحية الأخرى من الأطلسي، حيث نسمع عن تكاتف الأحزاب والحركات والشخصيات اليمينية والمسيحية المتطرفة في أوروبا لتنظيم تظاهرات في الولايات المتحدة، بمشاركة واضحة من جهات دينية عربية، لإنقاذ هذا البلد من “الأسلمة” .
ولكن للإنصاف يجب القول إن أساس هذا الهجوم على الإسلام وتشويه صورة أهله سواء في القارة العجوز أو في عموم العالم إنما بدأ في منطقتنا العربية، فقد أخذ البعض على عاتقه معاداة الرموز الإسلامية، وراح يدعم أعمالاً سينمائية ودرامية رسمت صوراً مشوهة للمتدين والمتدينة مثيرة للسخرية وللخوف في آن واحد، حيث أصبحت صورة المسلم مرتبطة باللحية والجلباب الأبيض والكلاشينكوف ليغتال كل من يخالفه الرأي، لتتطور تلك الصورة بفضل السينما العربية، حتى أصبح الغرب يتعامل مع كل مسلم على أنه مشروع إرهابي .

وقد شكت العديد من المنظمات الإسلامية في أوروبا من هذه الصورة المشوهة التي يصدرها الإعلام وصناع السينما، والقائمة على دوافع سياسية، إلى أوروبا، إلى جانب تحريض بعض المسؤولين العرب وتحذيرهم من التعامل مع الأحزاب العربية ذات المرجعية الإسلامية، وحتى التحريض على المنظمات الإسلامية القائمة بشؤون المسلمين، وهناك تحظى باحترام الدول الأوروبية .
إذن، حل هذه الأزمة يبدأ من العالم العربي وليس من غيره، إذ كيف نطالب دول أوروبا وبقية دول العالم باحترام المسلمين ورموزهم كالحجاب ودور العبادة وفي دولنا المسلمة أصبحنا أشد تطرفاً منها ونفعل ما هو أشد؟

نقلا عن جريدة الخليج الإماراتية

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع