بقلم: جرجس بشرى
 قامت الدنيا ولم تقعد، وانطلقت المظاهرات وعجت المنتديات بالأخبار المفبركة، التي تؤكد على أن السيدة "كاميليا شحاتة" -زوجة كاهن دير مواس- قد أشهرت إسلامها، كما أنها كانت قبل اختفائها مسلمة وتؤدي فرائض الإسلام، ووصل الأمر لأن يسرح البعض بخياله بأن زوجة الكاهن قامت في إحدى المرات بإمامة الصلاة وورائها بعض النساء!!

 وقيل أيضـًا أنها تحجبت! وفي الحقيقة أنا لست ضد أن يتحول أي إنسان -مهما كان مركزه الاجتماعي والديني- إلى الإسلام، وذلك شريطة أن يكون هذا التحول عن اقتناع كامل ودون فرض أو ضغوط ما.

 فحرية العقيدة شيئ مقدس وتقدسه المسيحية نفسها، و"السيد المسيح" له كل المجد نفسه تكلم عن الارتداد، والحق أقول أن الدهماء والمتطرفين حاولوا وما زالوا يحاولون إيهام الناس بأن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تقتل المرتدين عنها!! وتحتجز السيدات المسيحيات اللواتي أشهرن إسلامهن في الأديرة، وذلك في محاولة ضالة وبائسة للتمويه على حقيقة أوضاع حرية العقيدة في مصر.

 هذه الحرية التي تُتاح فقط للمتحولين من المسيحية إلى الإسلام؛ فالمسيحي الذي يشهر إسلامه يجد تسهيلات غير مسبوقة من الحكومة؛ لدرجة أنه يغيّر أوراقه الثبوتية من المسيحية إلى الإسلام بأقصى سرعة، ولو عنده أطفال تقوم الحكومة المصرية بانتزاعهم من حضن والدتهم المسيحية لتضمهم إلى حضن والدهم الذي أشهر إسلامه!! حتى ولو كانوا لا يريدون دخول الإسلام!

 والأغرب من ذلك أن تقوم مصلحة الأحوال المدنية؛ التابعة لوزارة الداخلية المصرية، بتغيير ديانة وأسماء هؤلاء الأطفال من المسيحية إلى الإسلام!! يحدث ذلك في الوقت الذي تقاوم فيه الداخلية المصرية المتحولين من الإسلام إلى المسيحية لدرجة تصل إلى حد  التشريد والإرهاب، كما يرفض القضاء المصري بشدة للآن تحول المسلم من الإسلام إلى المسيحية؛ استنادًا لنص المادة الثانية من الدستور.

 وهناك مَن يتساءلون: لماذا لم تسمح الكنيسة بظهور "وفاء قسطنطين"، و"كاميليا شحاتة" بالإعلام؟؟ في حين يتم السماح للمتحولين من الإسلام للمسيحية أمثال "ماهر الجوهري"، و"محمد حجازي" بالإعلام؟!

 وإنني هنا أثق تمامـًا في أن "وفاء قسطنطين" لو كانت أسلمت بالفعل، وبمحض إرادتها، وبدون ضغوط؛ لكانت الكنيسة نفسها تركتها لتعتقد بما تؤمن به، كما أنه لو كانت "وفاء" قد أسلمت بإرادتها وبدون ضغوط، ما كان يُسمح لأحد -أيـًا كان- أن يغصبها على التحول للمسيحية، خاصة وأن "وفاء قسطنطين" أعلنت أنها وُلدت مسيحية وستعيش مسيحية وستموت مسيحية، فهل سيسمح الأمن بأن تخرج "وفاء قسطنطين" الآن وتقول: أنا وُلدت مسيحية وسأعيش مسيحية وسأموت مسيحية؟!

 ولمَن يدعون من الشيوخ الأفاضل بأن الكنيسة قتلت "وفاء"، فما هو دليلهم على ذلك؟ وهل لو كانت الكنيسة قتلت "وفاء قسطنطين" -كما يدعون- هل كان سيتفرج الأمن؟؟

 أما بالنسبة لمَن يدعون أن زوجة الكاهن "تدّاوس سمعان" قد أشهرت إسلامها، وبإرادتها دون أن تتعرض لضغوط أو استدراج أو.. أو..؛ فعليهم أن يقدموا الدليل الدامغ على ذلك، وأن يقدموا الدليل الصادر من قسم إشهار الإسلام بالأزهر الشريف على ذلك، وهذا ما طالب به النائب "عيد لبيب" من قبل.

 إن المتطرفين فضحوا أنفسهم، وقد قرأت أن المحامي "ممدوح إسماعيل" قد بعث بشكوى للأمم المتحدة أو المجلس الدولي لحقوق الإنسان، يتهم فيه الكنيسة بأنها ضد حرية الاعتقاد، ويطالب بفك أسر السيدات المسيحيات المحتجزات بالأديرة، مؤكدًا أن ما تقوم به الكنيسة ضد الحرية الدينية التي كفلتها المواثيق الدولية.

 يا للعار.. أن يدعي المحامي ذلك ويتناسى قمع الحكومة المصرية للمتحولين من الإسلام للمسيحية وترويعهم وأسرهم، وعدم السماح لهم باستخراج أوراق ثبوتية مدوّن بها ديانتهم المسيحية، وكذلك دخول الحكومة المصرية نفسها كخصم في قضايا المتحولين من الإسلام للمسيحية.

 الغريب أن السيد المحترم "ممدوح إسماعيل" يؤكد في رسالته أن المتحولين من المسيحية للإسلام من النساء فقط! ولم يسأل نفسه قبل أن يقع في هذه الورطة: لماذا من النساء فقط؟  وننتظر منه الإجابة إن شاء الله على هذا السؤال.

 أقول للمتاجرين بالدين: كفى حرقـًا للوطن، ودعوا كل إنسان حر في اختيار عقيدته، "فلا إكراه في الدين"!!