الأقباط متحدون | عودة الحمار
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢١:٢٧ | الثلاثاء ٣١ اغسطس ٢٠١٠ | ٢٥ مسري ١٧٢٦ ش | العدد ٢١٣١ السنة الخامسة
الأرشيف
شريط الأخبار

عودة الحمار

الثلاثاء ٣١ اغسطس ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: محمود يوسف بكير
بعد مرور فترة قيل أنها لم تكن بالطويلة وقيل أنها لم تكن بالقصيرة ظهر الحمار في أحد الميادين العامة وشوهد الرجل الملتحي وجماعته وهو يحاول ترويضه بحزمة كبيرة من البرسيم . ولما كان طموح الحمار أكبر من هذا بكثير فقد بدا مترددا في أكل البرسيم لأنه يعلم بذكائه الفطري أنه فخ و أنه أثناء انشغاله بالأكل فان الرجل الملتحي سوف يمتطيه على الفور.

انتشر خبر عودة الحمار بسرعة ولأن للرجل السمين عيون في كل مكان فقد حضر على الفور ومعه ابنه وسط حشد من أتباعه مرتدي النظارات السوداء ،وفي تفسير سر حرصهم على ارتداء النظارات السوداء دائما قيل أنهم إما لصوص أو مخبرين ولذلك يتعين إخفاء هويتهم .
ووسط حشد كبير من الناس الذين يكتفون عادة بالمشاهدة ، بدأ الجدل المعتاد بين الرجل السمين والرجل لملتحي حول أحقية كل منهما بامتطاء الحمار ،ولوحظ أن الرجل الأبيض لم يكن حاضرا وقيل في هذا أنه لم تعد لديه رغبة في ركوب الحمار ذلك لكونه مشغولا ومهددا بالإفلاس في بلده ،ولكن أحد أتباع الرجل السمين أدعى أنه أرسل برقية تأييد تزكي ابن الرجل السمين لركوب الحمار .

وفي خضم احتدام الجدل والفوضى حول الحمار الملتزم بصمته الأبدي ، ظهر رجل وقور يرتدي نظارة طبية كان مؤيدوه ينادونه " بالدكتور " .
وبدأ الدكتور يتحدث عن أنه حضر خصيصا من أوروبا لإنقاذ الحمار المسكين ووضع حدا لاستغلال الرجل السمين له ومساعدته على اختيار أسلوب الحياة الذي يرتضيه لنفسه ، ولكن الرجل السمين اتهمه بأنه لا يعرف شيئا عن الحمار لسبب بسيط وهو أنه لم يراه من قبل كما أن أتباع الرجل السمين بدأوا يروجون إشاعة بين الحضور بأن شهادة الدكتوراه التي يحملها لم يكن موضوعها الحمير من قريب أو بعيد ،كما أن حمير أوروبا مختلفة تماما عن الحمير المصرية ومن ثم فأن الدكتور لا يصلح لركوب الحمار على الإطلاق ومن الأفضل له أن يعود من حيث أتى .
ولكن الدكتور لم يهتز لهذه الادعاءات وبدا يكيل للرجل السمين الاتهامات بأنه لم يرحم الحمار المسكين وأنه لسنوات يركبه ومعه جميع أفراد أسرته حتى أصيب الحمار بالهزال الشديد من فرط الاستغلال وسوء المعاملة وسوء التغذية ونفى ألدكتور اي رغبة له في ركوب الحمار ولكنه فقط لا يطيق أن يراه في هذا الوضع البائس .

تحمس جمهور المتفرجين لكلام الدكتور وبدأت همهمات تؤيد رأيه وتؤكد على إخلاصه . 
أصيب الرجل السمين وأتباعه بحالة هياج شديد وبدأوا في سباب الدكتور وتهديد المتواجدين باستخدام القوة لو تجرا أي منهم على التفكير في امتطاء الحمار. 
بدا أن الدكتور يحاول أن يقول شيئا ولكن صوته الضعيف ضاع وسط صياح ووعيد أتباع الرجل السمين ،وبدا أيضا أن الدكتور دخل في جدال حاد مع أتباعه لسبب غير مفهوم.

ومع احتدام الجدل تلفت الجميع نحو الرجل الملتحي الذي يتميز بقوة الصوت وكثرة الأتباع من الملتحين والملتحفات بالسواد.  بدأ الرجل وأتباعه في التهليل والتكبير وترديد دعاء حسبنا الله ونعم الوكيل ولكن أصحاب النظارات السوداء ومعهم مجموعة من البلطجية الذين ظهروا فجأة بدأوا في صفع كل من يردد هذه العبارة على قفاه بقوة حتى صمت الجميع وسط حالة من الخوف والاستياء.

وبدأ البلطجية  في ضرب وامتهان أي شخص تبدو عليه ملامح السخط والاستياء ممن يحدث ، واتقاءا للامتهان والأذى حرصت الأغلبية المتواجدة على إخفاء مشاعرها الحقيقة تجاه الرجل السمين وابنه ،بل أن البعض بدأ يتملقهما علنا وسمع أحد أتباع الرجل الملتحي وهو يقول لجاره "إن هذا أسلوب محمود في مثل هذه الظروف الصعبة  "ويطلق عليه التقية أي إظهار مالا تبطن اتقاءا للأذى. البعض قال أن التقية هي اللفظ المؤدب للنفاق والتملق .
ومع غروب الشمس بدأ المتجمهرون في الانصراف.  أما الدكتور فقد ظهرت عليه علامات الاستياء من عدم تفاعل الحاضرين معه واكتفاءهم بالفرجة أو الهمهمة، بالإضافة إلى عدم اتفاق أتباعه وشوهد وهو يبتعد وحيدا وقيل أنه يفكر في العودة إلى أوروبا مرة أخرى. وقرر الرجل السمين وابنه مغادرة المكان أيضا ولكنه ترك أتباعه يحاصرون الحمار .

أما الرجل الملتحي فقد شرع هو وأتباعه في إقامة خيمة قريبة من موقف الحمار وبدا أنهم يعدون لشئ ما في صباح اليوم التالي .
أما الحمار فقد انبطح أرضا من فرط تعبه وإجهاده وبدا أنه ينظر إلى السماء في انتظار مصيره المجهول .

لقراءة الجزء الأول (خناقة على مَن يركب الحمار) أنقر هنا




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :